قديسو اليوم: 16 شباط 2017
فاستحضره القائد الاعلى وسأله عن معتقده، فأجاب أنه مسيحي وديانته تفرض عليه الاخلاص لربّه اولاً ثم لمليكه ووطنه. فأعجب رئيسه بتلك الصراحة العسكرية ورآه غضَّ الشباب، لطيفاً شهماً، لا غبار على مسلكه في الجندية. فعامله بالحسنى وتركه وشأنه. أمّا هو، وقد اضطرم قلبه غيرة ومحبة لله والقريب، فأقدم على اضرام النار في معبد الالهة سبلاَّ. فأوقف وأجري التحقيق معه فأقرّ مفاخراً بأنه قام بواجب الدفاع عن الاداب العامَّة، لان ذلك المعبد كان بؤرة رذلةٍ وفساد. فأمره القاضي يوليانوس بأن يكفّر عن اثمه باسترضاء تلك الالهة وتقديم الذبيحة لها والاّ فينال أشد العقاب. فأجاب برباطة جأش:" حاشا لي ان اسجد لغير الهي الواحد الصمد..." فجّردوه من سيفه ومن ثوبه العسكري وجلدوه جلداً عنيفاً، وهو اثبت من الصخر. ثم القوه في سجن مظلم ومنعوا عنه كل مأكل ومشرب ليموت جوعاً. فظهر له الرب يسوع في الليل وشجّعه وعزّاه وقال له:" اني لمغنيك عن كل قوت فلا تخف". فأخذ يسبِّح الله.
ثم أخرجوه من السجن واخذوا يتملّقونه بوعود كثيرة ليذعن لارادة الملك فازدرى بوعودهم. فجلدوه بقضبان من حديد. ولمّا أعيتهم الحيل، أخذوه الى غابة، حيث نضَّدوا حطباً وأضرموا ناراً وطرحوه فيها فقام وسط النار يسبح الله الى ان فاضت روحه الطاهرة وفاز باكليل الشهادة سنة 304.
هذا ما اثبته عنه القديس غريغوريوس نيصص في تأبينه. وانتشرت عبادته بمَا اجرى الله على يده من المعجزات شرقاً وغرباً. صلاته معنا. آمين.
القديسون الشهداء بمفيلس البيروتي ورفقته(بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
استشهد بمفيلس ورفقته البالغ عددهم أحد عشر في قيصرية فلسطين في زمن الإمبراطور الروماني مكسيمينوس ديا في حدود العام 307 للميلاد.
فأما بمفيلس فقيل عنه إنه بيروتي الأصل، أقام في الإسكندرية تلميذاً لبياريوس الذي خلف أوريجنس المعلّم على رأس مدرسة الإسكندرية للتعليم المسيحي. كان جدّ متحمّس لمعلمه واعتنى بالفقراء. صبّ اهتمامه على السلوك في الفضيلة والتأمل في الكتاب المقدّس. ومن الإسكندرية انتقل بمفيلس إلى قيصرية فلسطين حيث أضحى كاهناً واهتمّ بالمدرسة اللاهوتية التي أسّسها أوريجنيس هناك. بكلام أفسافيوس القيصري، الذي منه استمددنا خبره وخبر رفقته، اشتهر بمفيلس "بكل فضيلة جميع أيام حياته، ونَبذ العالم واحتقاره، وإشراك المحتاجين في ممتلكاته، والإزدراء بكل الأمجاد الأرضية، والحياة الفلسفية النسكية، وفاق الجميع في عصرنا بصفة خاصة في الإنكباب على الأسفار الإلهية، والجهد الذي لا يكلّ في كل ما يُعهد إليه ومساعدته لأقاربه ومعارفه". وأضاف أفسافيوس أنه وضع أخبار فضيلته في مؤلّف خاص، من ثلاث كتب.
هذا وقد تمّ توقيف بمفيلس خلال العام 307 للميلاد، إثر موجة الاضطهاد التي اندلعت على المسيحيين بشراسة في تلك الآونة. استيق إلى حضرة حاكم فلسطين، أوربانوس، الذي شاءه أن يقدّم الذبائح للأوثان فأبى. فما كان من الحاكم سوى أن عرّض بمفيلس للتعذيب وألقاه في السجن.
أما الثاني بعد بمفيلس فهو فالنس. هذا كان شمّاساً من إليا، أي من أورشليم وكان مكرَّماً لشيبته الوقورة، واسع الإطلاع على الأسفار الإلهية أكثر من أي شخص آخر. بكلام أفسافيوس، "حفظها عن ظهر قلب حتى أنه لم يكن في حاجة للرجوع إليها إن أراد استعادة أي فقرة من الكتاب المقدّس".
ثالث الشهداء كان بولس من بلدة يمنيا. اشتهر بغيرته وحرارة روحه. وقبل استشهاده عانى الكي بالنار.
بقي الثلاثة، بمفيلس وفالنس وبولس، في السجن سنتين. ولما حان وقت استشهادهم وصل إخوة من مصر واشتركوا معهم في الآلام. هؤلاء رافقوا معترفين إلى كيليكيا للعمل في مناجمها ثم شرعوا في العودة إلى أوطانهم. فلما بلغوا أبواب قيصرية فلسطين لاحظهم الحرّاس فسألوهم عن هويتهم والمكان الذي قدموا منه. فقالوا الحق وجاهروا بمسيحيتهم، فقُبض عليهم متلبّسين بما كانت تحسبه السلطات جريمة، وأُلقوا في السجن.
في اليوم التالي – هنا يذكر أفسافيوس تاريخاً محدّداً، التاسع عشر من شهر بيريتيوس، أو الرابع عشر قبل شهر مارس بحساب الرومانيين- دُفع المصريون الخمسة إلى القاضي. كذلك مثل بمفيلس ورفيقاه للمحاكمة مجدّداً. أول ما فعله القاضي بالمصريّين الخمسة أن اختبر ثباتهم بكل أنواع التعذيب، وباستعمال آلات غريبة متنوّعة. هنا يذكر أفسافيوس أنه بعد إيقاع الأهوال على زعيم الجماعة، سأله القاضي عن شخصيته، من يكون. فسمع اسم نبي بدلاً من اسمه لأن العادة سرت بين المسيحيين أن يتخذوا أسماء أخرى بدل أسمائهم الوثنية التي أطلقها عليهم آباؤهم. هؤلاء الخمسة لُقّبوا أنفسهم بالأسماء التالية: إيليا، أرميا، إشعيا، صموئيل، ودانيال. فلما سمع فرمليانوس القاضي هذه الأسماء، سأل من أين أتوا فقيل له من أورشليم، وكانوا يقصدون أورشليم العليا استناداً لقول بولس الرسول: "وأما أورشليم العليا التي هي أمنا جميعاً فهي حرّة" (غلا26:4) وأيضاً "قد أتيتم إلى جبل صهيون وإلى مدينة الله الحي أورشليم السماوية" (عب22:12). لم يرق الجواب للقاضي فسأل أين توجد هذه المدينة فقالوا له إنها وطن الأتقياء فقط وتقع في الشرق البعيد في مشرق الشمس. أورشليم، في ذلك الزمان، لم تكن تدعى بهذا الاسم بل كانت تعرف بـ "إليا". للحال خطر ببال القاضي أن هؤلاء المسيحيين المشبوهين يُعِدّون لبناء مدينة معادية للرومانيين فطلب المزيد من المعلومات عنها. ولكي يُجبر الجماعة على البوح بما اعتبره سرّاً أشبع الخمسة ضرباً وتعذيباً، ولكن على غير طائل. ولما لم يظفر القاضي ببغيته حكم على الخمسة بالموت.
على الأثر تحوّل فرمليانوس إلى بمفيلس ورفيقيه فسألهم ما إذا كانوا مستعدين لأن يكونوا أكثر تعاوناً وطاعة من ذي قبل فألفاهم على موقفهم، لا يتزحزحون. ولما تلقى من كل واحد الإجابة الرافضة عينها كآخر كلمة له حكم على الثلاثة بالموت. في تلك الأثناء انبرى من بين الجمع شاب يدعى برفيريوس كان خادماً لبمفيلس تربّى في الحياة الفضلى على يديه. هذا لما سمع بالحكم الصادر بحقّ معلمه ورفيقيه صرخ طالباً دفن أجسادهم. فتحرّك القاضي كما لو أن سهماً سُدّد إليه وأمر بالقبض على الشاب وإخضاعه للتعذيب. وإذ عُرض على برفيريوس أن يذبح للأوثان رفض فأشار القاضي إلى المعذّبين بكشط جلده حتى إلى العظم والأحشاء ففعلوا. وبخلاف ما كان الحاكم يظنّ ثبت برفيريوس طويلاً. أخيراً أمر فرمليانوس بشيّه على نار خفيفة فأسلم الروح. هكذا وصفه أفسافيوس في لحظاته الأخيرة: "كان المرء يستطيع أن يرى برفيريوس كرجل خرج ظافراً من كل موقعة، جسده مغطّى بالتراب، أما طلعته فباشة رغم كل تلك الآلام، متقدِّماَ للموت بشجاعة نادرة وثبات عجيب. وإذ كان ممتلئاً بالروح القدس، مرتدياً الثوب الفلسفي الذي تغطّى به كعباءة، أومأ إلى أصدقائه برزانة عما أراد، محتفظاً ببشاشة الوجه حتى وهو مشدود إلى الخشبة التي أُعدّت له. وعندما أُشعلت النيران حوله في شكل دائرة وعلى بعد قليل منه، وصار يستنشق اللهب في فمه، ظلّ مستمراً في صمته ببسالة نادرة منذ تلك اللحظة حتى مات بعد الكلمة الوحيدة التي نطق بها إذ مَسَّه اللهب، صارخاً وطالباً معونة يسوع ابن الله. هكذا كان نضال برفيريوس".
هذا وقد نَقل رسول اسمه سلوقس نبأ موت برفيريوس إلى بمفيلس. كان هذا الرسول من المؤمنين بيسوع وكان عسكرياً فاق أقرانه في القامة والقوة البدينة والفخامة والشجاعة، وقد جاء من كبادوكيا. فلأنه حمل رسالة كهذه أهّله الله لمصير الشهداء. فما أن روى نبأ موت برفيريوس وحيّ أحد الشهداء بقلبه، ألقى الجنود القبض عليه وساقوه إلى الوالي الذي أمر بموته للحال. وقد ذكر أفسافيوس أن هذا الشهيد برز جداً في نضال الاعتراف بصبره على الجلدات التي تحمّلها. وقال عنه أيضاً أنه بعدما ترك الجيش وضع نصب عينيه الاقتداء بالنسّاك. كما ظهر كأنه أسقف، نصير للأيتام والأرامل اللواتي لا سند لهن، وكذا للمتألمين الذين كانوا يُعانون الفقر والمرض كأنه أبوهم وولي أمرهم. ولعل لهذا السبب، على حد تعبير أفسافيوس، "اعتُبر خليقاً بدعوة خاصة للاستشهاد وُجَّهت إليه من الله الذي يُسَّر بهذه الأمور أكثر من دخان الذبائح ودمائها".
وتبع سلوقس شيخ تقي وقور اسمه ثيوذولس كان مسيحياً وكان أحد خدّام الوالي فرمليانوس نفسه. فلما جاهر بإيمانه غضب سيّده عليه أكثر مما غضب على الذين تقدّموه وحكم عليه بالموت صلباً.
أما الثاني عشر والأخير فهو يوليانوس. هذا شاء الرب الإله أن يصل من سفر في ذلك الوقت بالذات الذي كان الشهداء يتساقطون أمام الجمع الواحد تلو الآخر. فاندفع في الحال ليراهم. ولما رأى أجساد القدّيسين مطروحة على الأرض تقدّم فعانقهم وقبّلهم جميعاً وكله جسارة وفرح. فلما رآه الجند يتصرّف على هذا النحو ألقوا القبض عليه وساقوه إلى فرمليانوس الذي أمر بطرحه في نار بطيئة. للحال قفز يوليانوس فرحاً، وبصوت عال شكر الرب الذي حسبه أهلاً لمثل هذه الأمور ونال إكليل الشهادة. هو أيضاً كان كبّادوكياً وكان، في سلوكه، حريصاً، أميناً، مخلصاً، غيوراً في كل النواحي، مسبوقاً بالروح القدس نفسه.
تُركت أجساد القديسين الطاهرة المباركة طعاماً للوحوش أربعة أيام وأربع ليال. وبفضل عناية الله لم يقترب إليها شيء، لا وحوش ضارية ولا طيور جارحة ولا كلاب. وقد رُفعت سليمة وبعد الاستعدادات المناسبة دُفنت بالطريقة العادية. وقد ذُكر أنها نُقلت في وقت لاحق إلى أنطاكية ومنها إلى القسطنطينية.
أخيراً ذكر أفسافيوس أن غضب السماء حل، في وقت وجيز، على الولاة الفُجَّار، وكذا على الطغاة أنفسهم فرمليانوس نفسه الذي أساء إلى شهداء المسيح قُتل بالسيف بعد أن عانى أقصى قصاص مع الآخرين.
يُذكر أن أفسافيوس الذي كتب عن بمفيلس ورفقته كان أحد تلامذته. تعيد لهم الكنيسة الغربية مثلنا اليوم .
تذكار القدّيس الشهيد بمفلس(بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)
القدّيس بمفلس من الكهنة العلماء، ومن كبار المحسنين الى الفقراء. كان يوزّع علمه وماله على المعوزين البائسين، ولاسيّما على اولئك الشبّان الراغبين في العالم وتقعدهم الفاقة عن اقتباسه. فكان رسولاً غيّوراً لمع بعلمه وبتعليمه وبإحسانه، كما لمع بتقواه وتواضعه ووداعته. واستحق أن يكلل حياته بسفك دمه.
ولد بمفلس في مدينة بيروت، ودرس فيها. ثم قصد الإسكندرية حيث أكمل علومه العالية على يد الفيلسوف الكبير واللاهوتي الخطير، تلميذ المعلّم أُرجانس، القدّيس بياريوس الذي مات أيضاً شهيداً. وهذا سبب إعجاب بمفلس بالمعلّم أُرجانس وجمعه لكتبه ونسخ الكثير منها بخط يده. ثم عاد الى قيصرية فلسطين، فرسمه أغابيوس أسقفها كاهناً. وبدأ تلك الحياة الكهنوتية المثلى.
فأنشأ مكتبةً عظيمة، أضحت منارة لمّاعة في فلسطين، جمع فيها نوادر الكتب، من كل نوع وفي كل علم، حتى صار لديه ثلاثون ألف مجلّد، وكلّها كانت بخط اليد في ذلك العصر. ولقد نسخ هو بيده الكثير منها، ولاسيّما شرح أُرجانس للأنبياء الصغار، وهو كتاب نفيس وصل الى يد القديس إيرونمس فكان يقول عنه أّنه يساوي كل كنوز الأرض.
وكانت رغبته الكبرى في تنقيح الترجمة السبعينية التي أدخل عليها النساخ أغلاطاً كثيرة. فنجح في ذلك بمساعدة صديقه الحميم افسافيوس القيصري، صاحب التآليف العظيمة، الذي صار بعد ذلك أسقفاً على مدينة قيصرية، وأضحى صديق قسطنطين الكبير، وصار نصير آريوس زعيم الهرطقة المعروفة بإسمه. ولقد غرف أفسافيوس هذا من معين بمفلس وترك لنا تلك التواريخ الشهيرة، التي وصلت إلينا وعرّفتنا بحياة الأجيال الأولى وأمجادها وقدّيسيها وشهدائها. ولكن الفضل الأكبر هو للقدّيس بمفلس ولِما وضعه ونظّمه من المؤلّفات الجليلة.
وفوق غزارة علمه كان تقيّاً ورعاً، وكانت تقواه صحيحةً عميقةً مبنية على ما كان عليه من سعة المعارف. وكان كثير الصلاة، كثير الصيام، يؤثّر الإنفراد والعزلة ليتفرّغ للتأمّل في الكتب الإلهية ومناجاة الخالق.
وكان يُلقي دروساً علنية في الفلسفة واللاهوت أمام جمهور الناس، فكان يوزّع العلم على العلماء كما يوزّع الخبز على الفقراء، بغيرة رسولية وفصاحة نادرة وعاطفة صميمة. وبقي كذلك الى أن هبّت عاصفة الإضطهاد التي أثارها مكسمينس ديّاً. فأسكتت ذلك الفم الخلاّب. فدعاه الوالي أربانس إليه، لِما سمع عن علمه وفصاحته ووقاره. فلما مثل بين يديه لم يجد سلاحاً ينتصر به عليه سوى تعذيبه. فأمر بجلده، فجُلد حتى تناثرت لحمانه وسالت دماؤه بغزارة، وهو ساكت صابر، لا يئن ولا يعترض ولا ينبس بكلمة. فحُمل الى السجن وهو أقرب الى الموت ممّا الى الحياة. وكان في عزم ذلك الوحش البشري أن يصبر عليه ريثما تشفى جروحه فيعيد الكرة عليه. لكن فظائع ذلك الحاكم الظالم أنزلت غضب الإمبراطور عليه، فعزله وأسلمه للموت. فلمّا أُخذ ليُعدَم لحق به الشعب وأشبعه سبّاً وشتماً، ورشقه بالأوحال والأقذار حتى فارق الحياة.
فجاء فرمليانس خلفاً له، فوجد قيصرية كلّها أو معظمها مسيحية، فصبر ريثما يرسم خطّته ويعدُّ عدّته. وترك بمفلس في السجن مع رفيقه وصديقه افسافيوس. فبقيا فيه سنتين. لكنّهما لم يضيعا الوقت سدىً لأن الوقت هو مال الله وهما من عمّال الله. فألّفا كتاباً بستة مجلّدات في الدفاع عن أُرجانس لم يبقَ منه في أيامنا سوى المجلّد الأول.
لكن فرمليانس لم يترك بمفلس ينعم حتى ولا بذلك السجن، بل جاء به وقطع رأسه مع رفيقيه فالنتيتوس وبولس. فاستراح من شقاء هذه الدنيا ومتاعبها، وراح ينعم مع المسيح الكاهن الأعظم الى الأبد. وكان ذلك سنة 308 للمسيح.
نياحة القديس برسوما أب رهبان السريان (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)
في مثل هذا اليوم من سنة 458 م. تنيح الأب المغبوط الأنبا برسوما أب رهبان السريان. وكان أبوه من ساموساط، وتنبأ عنه رجل قديس قبل ولادته قائلا لوالديه سيخرج منكما ثمر صالح وينتشر ذكره في الأرض. وقد تم هذا القول إذ انه عندما شب برسوما قليلا ترك أبويه وقصد نهر الفرات حيث أقام زمانا عند رجل قديس يدعي إبراهيم. وبعد ذلك انفرد في الجبل , فاجتمع حوله تلاميذ كثيرون. وكان يصوم أسبوعا أسبوعا. وقد اجري الله علي يديه أيات كثيرة. وحدث في بعض الأيام غلاء في تلك البلاد، فعرفه الرب بصلاته. وكان معاصرا للقديس سمعان العمودي، الذي لما علم به زاره وتبارك الاثنان من بعضهما. وقد اشتهر بمقاومته لشيعة نسطوريوس. وشهد مجمع أفسس بدعوة من الملك ثاؤدسيوس الصغير الذي أكرمه كثيرا، بعد إن يسعى به البعض إليه بأنه يعيش ببذخ، وإذ استدعاه ورأي صلاحه ة تقشفه، وكذب المتقولين عليه، أعاده إلى ديره بالإكرام والإجلال. ولما جمع مرقيان الملك المجمع الخلقدوني، طلب الآباء من الملك إلا يدعي برسوما إلى المجمع لعلمهم بالنعمة التي فيه. ولما قرر المجمع القول بالطبيعيتين، قاوم القديس برسوما هذه التعاليم الباطلة فنالته شدائد كثيرة من شيعة الخلقيدونيين. وبعد ذلك لما أراد الرب إن ينقله من هذا العالم أرسل إليه ملاكه يعرفه انه لم يبق له إلا أربعة ايام، فأوصى تلاميذه إن يذهبوا إلى بعض البلاد المجاورة، ويثبتوا أهلها علي الإيمان الأرثوذكسي، ثم باركهم وتنيح بسلام. وقد ظهر وقت نياحته عمود نور قائم علي باب قلايته، أبصره المؤمنون من بعد، فأتوا ووجدوه قد تنيح، فتباركوا منه ودفنوه بإكرام. صلاته تكون معنا آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً : استشهاد القديس بولس السريانى
في مثل هذا اليوم استشهد القديس بولس السرياني، الذي ولد بمدينة الإسكندرية من أبوين سرياني الجنس، ثم سكنا في مدينة الاشمونين، واقتنيا أموالا كثيرة عن طريق التجارة، وسمع القديس بولس بتعذيب الولاة للمسيحيين. فلما توفي أبواه. وزع الأموال علي المساكين وصلي إلى الله إن يهديه إلى الطريق الذي يرضيه. فأرسل له ملاكه سوريئيل وقال له: قد رسم لي الرب إن اكون معك وأقويك فلا تخف. فقام وأتى إلى والي انصنا واعترف أمامه بالسيد المسيح، فأمر بان يعري من ثيابه. ويضرب بالسياط، ثم توضع مشاعل في جنبيه. فلم يخف. ثم حاول إغراءه بالمال فقال له: قد ترك لي أبواي كثيرا من الذهب والفضة فلم التفت إليها حبا في الرب يسوع المسيح، فكيف انظر إلى مالك الآن؟ فغضب الوالي وعذبه بكل أنواع العذاب. فجاء إليه الملاك سوريئيل وشفاه وعزاه وقواه. وبعد ذلك أمر الوالي إن يطلقوا عليه حيات سامة فلم تؤذه. ولما مضي الوالي إلى الإسكندرية، آخذه معه إلى هناك وأودعه في السجن، حيث التقي بصديقيه القديسين الأنبا إيسى وتكله أخته، فصافحهما وابتهجت أرواحها. وأوحى إليه الرب انه سيستشهد في هذه المدينة. ولما عزم الوالي علي العودة أمر فقطعوا رأس القديس بولس علي شاطئ البحر. فأتى قوم من المؤمنين واخذوا جسده وكفنوه وحفظوه عندهم. صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائما أبديا آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً : استشهاد القديس سمعان
في هذا اليوم تذكار استشهاد القديس سمعان. صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائما أبديا آمين.