دينيّة
11 تشرين الأول 2016, 05:30

قديسو اليوم: 11 تشرين الأول 2016

تذكار القديس فيلبّس الشمّاس (بحسب الكنيسة المارونية) ولد هذا الرسول في قيصرية فلسطين وهو احد الشمامسة السبعة الذين اختارهم المؤمنون عملاً باشارة الرسل الاثني عشر، ووضع هؤلاء عليهم الايدي لكي يقوموا بتوزيع الخيور على الارامل والمحتاجين، فينصرف الرسل الى الصلاة وخدمة الكلمة. ولما ثار الاضطهاد على الكنيسة في اورشليم، تبدد التلاميذ والمؤمنون في بلاد اليهودية والسامرة، ما عدا الرسل. فنزل فيلبس مدينة سامرية وجعل يكرز بالمسيح وكان الناس يُصغون بقلبٍ واحد الى ما يقوله فيلبس، لانهم رأوا المعجزات. فعم المدينة فرحٌ عظيم واعتمد كثيرون (اعمال الرسل 8).

 

وانطلق فيلبس بأمر الله، نحو الجنوب. وفي طريقه التقى برجل حبشي خصيّ، له منزلته عند ملكة الحبشة، فردّه الى الايمان بالمسيح وعمّده. فكان ذلك الرجل خير مبشر بالانجيل في الحبشة.

وبعد أن بشَّر فيلبس في آسيا وردَّ كثيرين الى الايمان بالمسيح، رجع الى قيصرية، حيث زاره القديس بولس، بعد رجوعه الى اورشليم، ونزل في بيته ضيفاً كريماً...

ولا يذكر التاريخ زمن وفاته ومحلها، غير ان التقليد الكنسي يفيد انه توفي في قيصرية، ممتلئاً فضلاً وقداسة. صلاته معنا. آمين!

وفي مثل هذا اليوم أيضاً: تذكار المجمع المسكوني الاول النيقاوي

انعقد هذا المجمع سنة 325 وترأسه نواب البابا القديس سلفسترس وهم فينُس ومنصور الكاهنان الرومانيان وايوسيوس اسقف قرطبة في اسبانيا. وحضر جلسة الافتتاح الملك قسطنطين الكبير. وكان انعقاد هذا المجمع ضد اريوس وتبَّاعه القائلين بان الابن غير مساوٍ للآب في الجوهر وانه انسان مخلوق ليس الهاً. ولمَّا لم يرعو اريوس عن ضلاله، حرمه آباء المجمع وقرَّروا الوهيَّة السيد المسيح وان له وللآب جوهراً واحداً. واضافوا هذه الحقيقة الايمانية الى قانون الايمان الذي وضعه الرسل، وهي: إِنه الهٌ من اله نورٌ من نور الهٌ حقّ من الهٍ حقّ مولودٌ غيرُ مخلوقٍ. له وللآب جوهر واحد". وكان عدد اباء هذا المجمع ثلاثمئة وثمانية عشر، لمع بينهم اوستاتوس بطريرك انطاكية ومركلسُّ اسقف أنكره وعلى الاخص اثناسيوس شماس كنيسة الاسكندرية. وكنيستنا المارونية تذكرهم بفرض صلواتها في القومة الرابعة من ليل الخميس بهذا النشيد:" نسلم بتحديد الايمان الذي قرره الاباء الثلاثمئة والثمانية عشر". صلاتهم معنا. آمين!

 

تذكار فيلبس أحد الشمامسة السبعة (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)

هو أحد الشمامسة السبعة الذين اختارهم المؤمنون لمساعدة الرسل في أعمال الخدمة والتبشير "وهم إسطفانس وفيلبّس وبروخورس ونيقانور وصيمون وبرمناس ونقولاوس دخيلاً أنطاكياً – صلّى الرسل عليهم ووضعوا الأيدي"، وكانت له أربع بنات يتنبأن.

إنّه من السامرة... وعلى أثر إستشهاد إسطيفانس، تبدّد التلاميذ والمؤمنون في اليهوديّة والسامرة ما عدا الرسل، فانحدر فيلبس إلى السامرة معلناً البشارة الإنجيليّة. وبينما كان فيلبس ماضياً في عمله الرسولي في السامرة، حمله روح الرب إلى الطريق الذاهبة من أورشليم إلى غزّة وكلّمه ملاك الرب قائلاً:"إنطلق نحو الجنوب إلى الطريق المنحدر من أورشليم إلى غزّة" فقام وانطلق وصادف الخصي الحبشي قيّم خزائن الملكة كنداكة راجعاً من حجّه إلى أورشليم وهو يقرأ في سفر أشعيا النبي. فسأله أيفهم ما يقرأه؟ فأجاب: "كيف يمكنني أن أفهم إن لم يرشدني أحد؟. وسأل فيلبس أن يصعد... وكان يقرأ في سفر أشعيا هذا المقطع: "كنعجةٍ سيق إلى المذبح، وحَمَلٍ صامت بين يدي مَن يجزّه، هكذا لا يفته فاه. تُرى مَن يصف ذريته؟ لأن حياته أُزيلت عن الأرض. فشرحها له فيلبس وبشّره بيسوع.

وهذا الخصي يهودي أو متهود أي من الأحباش الذين يعملون بناموس موسى من غير أن يكونوا يهوداً. وكانوا يدعون دخلاء... وانتهيا إلى ماء، فقال الخصي: "هوذا ماء. فما المانع من أن أعتمد؟" فقال فيلبس: "إن كنت تؤمن بكل قلبك يجوز"...وصار ذلك الخصي رسولاً لبلاده.

وقيل إن فيلبس واصل رسالته الإنجيليّة  في أشدود في سهل يافا حتى قيصريّة. وقد مرّ بولس قبل سجنه في قيصريّة وحلّ ضيفاً كريماً على فيلبس أياماً، وهذا دليل على اعتبار بولس له ولأهل بيته. وربما مات فيلبس بعد أعمال رسوليّة في بيته وبين بناته الأبكار، إذ لا يذكر التاريخ سنة وفاته.

 

القدّيس فيليبس الرسول أحد الشمامسة السبعة (بحسب الكنيسة الاروثذكسية)

هو أحد السبعة شمامسة الذين أقامهم الآباء الرسل للخدمة (أع 6: 5).
كان من أهل قيصرية فلسطين، ولما عبر السيد المسيح بتلك الجهة وعلّم بها سمع هذا القديس تعليمه وتبعه في الحال. ولما اختاره الرب من الذين تبعوه سبعين رسولًا وأرسلهم يكرزون ويشفون المرضى، كان هذا التلميذ أحدهم، ثم اختاره التلاميذ الاثني عشر واحدًا من السبعة الشمامسة الذين أقاموهم للخدمة.
بشّر في مدن السامرة وعمّد أهلها، وهو الذي عمّد أيضًا سيمون الساحر الذي أراد أن يقتني موهبة الروح القدس بالمال. وبشـّر أيضًا الخصي الحبشي وزير الملكة كنداكة وعمّده (أع 8: 26-40).
وطاف بلاد آسيا وكرز فيها، وكان له أربع بنات يبشّرن معه. وردَّ كثيرين من اليهود والسامرة وغيرهم إلى حظيرة الإيمان ثم تنيّح بسلام.

 

تذكار القديس فيلبّس الرسول أحد الشمامسة السبعة (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

هو أحد الشمامسة السبعة الذين اختارهم المؤمنون الأولون، عملاً بأمر الرسل الإثني عشر، وقدّموهم إلى الرسل ليساعدوهم في أعمال التبشير والخدمة.

فقام الشمامسة السبعة الأوّلون يخدمون الكنيسة ويساعدون الرسل في عمل البشارة، فكانوا ناراً متّقدة في غيرتهم وتفانيهم، ولاسيّما إذ كانت إعالة الأرامل واليتامى والمحتاجين موكولة إلى عنايتهم وسهرهم. ولقد حفظ لنا سفر الأعمال شيئاً عن حياة وأعمال فيلبّس الشمّاس، ممّا يدل على سمو مكانته في الكنيسة.

فيلبّس في السامرة: لمّا قتل اليهود الشمّاس إستفانس رجماً بالحجارة وأثاروا إضطهاداً مريعاً على الكنيسة في أورشليم، تبدّد التلاميذ والمؤمنون في بلاد اليهوديّة والسامرة، ما عدا الرسل. "فانحدرفيلبّس إلى مدينة السامرة يكرز لهم بالمسيح. وكان الناس يُصغون بقلب واحد لما يقوله فيلبّس عند سماعهم له ومعاينتهم الآيات التي يصنعها... فكان في تلك المدينة فرح عظيم". فآمن منهم جمهور كبير واعتمدوا بإسم الرب يسوع.

"ولمّا سمع الرسل الذين في أورشليم أن أهل السامرة قد قبلوا كلمة الله، أرسلوا إليهم بطرس ويوحنّا. فانحدر وصلّيا من أجلهم لكي ينالوا الروح القدس، لأنّه لم يكن قد حلَّ على أحد منهم، سوى أنّهم كانوا قد اعتمدوا بإسم الرب يسوع". كان فيلبّس قد منح سرّ العماد للسامريين المهتدين إلى الإيمان. ولمّا كانت سلطة منح سرّ التثبيت ومواهب الروح القدس من إختصاص رئاسة الكهنوت ترك فيلبّس أمر ذلك للرسل. لأجل هذا انحدر بطرس ويوحنّا إلى السامرة، لكي يثبتا المؤمنين المعتمدين ويمنحاهم الروح القدس. ومنذ عهد الرسل إلى أيامنا هذه لا يزال منح سرّ التثبيت منوطاً بالأساقفة. أمّا في كنائسنا الملكية، كاثوليكية وأرثوذكسية، فلقد جرت العادة بأن يفوّض الأساقفة كهنة الرعايا و"مساعديهم لكي يمنحوا سرّ التثبيت حالاً بعد منحهم سرّ العماد.

فيلبّس وخصي ملكة الحبشة: وبينما كان فيلبّس ماضياً في عمله الرسولي في بلاد السامرة، إذا بروح الرب يحمله ويأتي به على الطريق الذاهبة من أورشليم إلى غزّة لأجل عمل رسولي إختاره له. ويقول سفر الأعمال في ذلك: "وكلّم ملاك الرب فيلبّس قائلاً: قم فانطلق نحو الجنوب إلى الطريق المنصوبة من أورشليم إلى غزّة وهي مقفرة. فقام وانطلق. وإذا برجل حبشي خصيّ ذي منزلة عظيمة عند كنداكة ملكة الحبشة، وهو قيم جميع خزائنها، وقد جاء ليسجد في أورشليم. وكان راجعاً وهو جالس في مركبته يقرأ في أشعيا النبي. فقال الروح لفليبّس: أدنُ إلى هذه المركبة وألزمها. فبادر إليه فيلبس، فسمعه يقرأ في أشعيا النبيّ. فقال هل تفهم ما تقرأ؟ فقال: وكيف يمكنني إن لم يرشدني أحد؟ وسأل فيلبس أن يصعد ويجلس معه. وكان الموضع الذي يقرأه من الكتاب هذا: قد سيق إلى الذبح مثل الشاة، ومثل حمل صامت أمام الذي يجزّه هكذا لم يفتح فاه. في تواتضعه ألغي قضاؤه، ومن يصف مولدَه، فأن حياته تلغى من الأرض فأجاب الخصيّ وقال لفيلبّس: أتوسّل إليك إخبرني عمّن يقول النبي هذا، أعن نفسه أم عن رجل آخر؟ ففتح فيلبس فاه وابتدأ من ذلك المكتوب فبشّره بيسوع".

"وفيما هما منطلقان في الطريق إنتهيا إلى ماء. فقال الخصيّ: هوذا ماء فما المانع من أن اعتمد؟ فقال فيلبس: أن كنت تؤمن بكل قلبك يجوز. فأجاب قائلاً: إنّي أؤمن أن يسوع المسيح هو إبن الله. وأمر بأن تقف المركبة. ونزلا كلاهما إلى الماء، فيلبس والخصيّ، فعمّده. ولمّا صعدا من الماء خطف روح الرب فيلبس فلم يعُد يعاينه الخصيّ. فسار في سبيله فرحاً". وصار ذلك الخصيّ رسولاً لبلاده بفضل الشمّاس فليبس الغيور.

ومن بعد ذلك وُجد فيلبس في أشدود، في سهل يافا. ومن هناك كان يجول مبشّراً في جميع المدن إلى أن انتهى إلى قيصريّة" على ضفاف البحر الأبيض المتوسط.

 فيلبس في قيصرية: وبقي فيلبس في قيصرية يبشّر بالإنجيل، وكان له بنات أربع يتنبّأنَ. فلمّا كان بولس راجعاً إلى أورشليم مع رفاقه، قبل أن قُبض عليه وسُجن، مرَّ في قيصريّة، فنزل ضيفاً كريماً على "فيلبس المبشّر الذي هو أحد السبعة" وبقي عنده أياماً. وهذ دليل جديد على اعتبار بولس الرسول له ولأهل بيته، وعلى ما اتّصِف به ذلك الشمّاس القديس من الفضيلة السامية، وكرم الأخلاق، وضيافة الغرباء.

ولا يذكر التاريخ كيف كانت وفاة ذلك الشماس الغيّور، ولا ما كانت الثمار الخلاصيّة التي جناها من أعماله الرسوليّة. ولكن يغلب على الظن أنّه مات في بيته بين بناته الأبكار مملوءاً نعمة وأجوراً سماوية.

وفي مثل هذا النهار أيضاً: القديس ثاوفانس المنشىء الموسوم متروبوليت نيقية.

أن القديس ثاوفانس هو أحد الأساقفة الأجلاّء القديسين الشرقيين، الذين جاهدوا جهاد الأبطال في دفاعهم عن وديعة الإيمان المقدّس. ولمّا كانت حياته مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بحياة أخيه القديس ثاوذورس المعترف، فأن السنكسار الروماني يذكر الإثنين معاً ويورد سيرة أعمالهم معاً أيضاً.

خرج ثاوذورس، أي هبة الله، وأخوه ثاوفانس، أي مظهر الله من أسرة كريمة ذات ثروة كبيرة. ونالا قسطاً وافراً من الثقافة العالية في مدينة أورشليم، في أواخر القرن الثامن للمسيح. ثم ذهبا معاً إلى دير القديس سابا في القفار الفلسطينية الشرقية، وكان لا يزال عامراً وكانت علوم وقداسة يوحنا الدمشقي لا تزال تملأه وتشع من كل جوانبه وتضيء المسكونة. فأخذا عن آباء ذلك الدير العلم والغيرة والحماسة والتمسّك بأهداب الإيمان القويم، والإستماتة في الدفاع عن تعليم المجمع المسكوني السابع، الذي انعقد سنة 887 في مدينة نيقية وحرم بدعة محاربي الأيقونات.

أمّا ثاوذورس، وهو الأكبر سنّاً، فإنّه لمع بالفضائل الإنجيليّة والعلوم اللاهوتيّة. فاختاره البطريرك الأورشليمي لخدمة المذابح، ورسمه كاهناً وضمّه إليه. فتجلّت فضائله، وكان الكاهن الممتاز بعلمه وفضيلته وغيرته وفطنته ورصانته. وأضحى يد البطريرك اليمنى، ولاسيّما في تثبيت المؤمنين في عقائد الإيمان القويم ضد تلك البدعة الاثيمة التي كادت تقضي على التقوى والعبادات المسيحيّة الحقّة.

 وأمّا ثاوفانس، فإنّه برع في نظم الشعر ووضع الأناشيد. فألّف تسابيح كثيرة بديعة في مديح وتكريم والدة الإله والرسل الأطهار والقديسين الأبرار. ولذلك لقّب بالمنشىء.

وفي سنة 813 صعد على أريكة الملك في مدينة القسطنطينيّة لاون الأرمني، وكان من أشد محاربي الأيقونات إضطهاداً للكنيسة المقدّسة. فبعث من جديد تلك البدعة الأثيمة، وأثار على رجال الكنيسة وأبنائها حرباً عواناً، فأجرى الدماء كالأنهار، وملأ السجون والمنافي من الأساقفة والكهنة والرهبان، ومن كل من جسر على مقاومته من الكتبة والعلماء والوزراء، حتى من الشعب البسيط المتعبّد للأيقونات.

وكانت البطريركيّة الأورشليميّة قد بقيت سالمة من زؤان تلك البدعة، لإنفصالها سياسيّاً عن سلطان واستبداد ملوك القسطنطينيّة. فأراد البطريرك الأورشليمي أن يعلن للملك لاون أنّه في ضلال، وأن كنائس الشرق موالية لتعليم آباء المجمع المسكوني السابع (سنة 787). فأرسل إليه الأخوين ثاوذورس وثاوفانس، رجلي العلم والتقوى والإيمان، ليبينا له ضلاله بالمحبّة والبرهان.

فذهب الأخوان وأتيا القسطنطينيّة، ونفسهما الجريئة توّاقة إلى الآلام والإستشهاد. أليس أنّهما من أبناء القديس سابا، ومن تلاميذ ذلك المعلّم العظيم القديس يوحنّا الدمشقي؟ فكان لهما ما أراد. لأنّهما ما كادا يمثّلان بحضرة الملك لاون، ويخبرانه برسالتهما، ويجادلانه بجرأة رسوليّة في المعتقدات القويمة، حتى غضب ذاك الطاغية، واستصغر شأنهما، وأمر بجلدهما عقاباً لهما على جسارتهما. فجلدا جلداً بربريّاً حتى سالت الدماء من أعضائهما. ثم نفاهما الملك إلى إحدى جزر البحر الأسود على شطوط البنطس.

فحمل الأخوان الراهبان شدائد المنفى، الجوع والعري والإهانة والإغتراب، بنفس كبيرة، وإيمان حي، وهما صابران ساكتان متضرّعان إلى الله لكي يراف بكنيسته ويوليها الطمأنينة والسلام.

ولم ينعم لاون الأرمني طويلاً بالعرش، لأن عبيده قتلوه ليلة عيد الميلاد سنة 821، في الكنيسة التي كان قد عرّاها من زينتها، وأحرق بالنار ايقوناتها، وتركها جدراناً عارية، لا حياة لها ولا نطق تصل به إلى قلوب المؤمنين.

فلمّا مات لاون خلفه ميخائيل الملقّب بالألثغ. فأغضى عن ملاحقة المؤمنين الكاثوليك، وارتاحت الكنيسة قليلاً من شرور الإضطهاد. فعاد الأخوان ثاوذورس وثاوفانس من المنفى إلى مدينة القسطنطينيّة. وصفا لهما الجو، فاندفعا ينشران تعليم المجمع النيقاوي المسكوني السابع، ويبثّان روح عبادة الأيقونات في كل مكان. فكانا من الرسل الغُيُر المسموعي الكلمة، وصار لهما إسم عظيم بقداسة السيرة وفصاحة اللسان وقوّة الحجّة. فانضمّ إليهما شعب غفير، وعاد المؤمنون يكرّمون الأيقونات المقدّسة ويتعبّدون لها.

إلاّ أن القداسة لا بد لها من نار الإضطهاد لكي تلمع وتزهو. فأثار عليهما الشييطان حسد البطريرك يوحنّا الهرطوقي. ولمّا لم يقدر أن يسكّتها بالحجّة والمنطق، عمل على إبعادهما بواسطة البلاط. فعاد هذان البطلان إلى المنفى، وكانا قد تعوّدا حياته الضنكة وغربته الأليمة، لأن الدنيا وكمالها للرب، كما أجاب القديس باسيليوس الكبير يوماً مضطهديه من الأريوسيين لمّا كانوا يتهددونه بالإبعاد إن لم يذعن لأوامر الملك.

وفي سنة 829 مات الملك ميخائيل، فخلفه على سرير المملكة رجل فظ فظيع يدعى ثاوفيلس. وكان يكره الأيقونات ولا يريد أن يسمع بذكر من يجرؤ على إقتنائها والتعبّد لها. فأثار على الكنيسة من جديد زوبعة من الإضطهاد فظيعة ومريعة. ووصل إلى مسامع الملك ثاوفيلس أن الأخوين الراهبين ثاوذورس وثاوفانس هما من أركان الكنيسة الكاثوليكيّة، وأنّهما علَمان كبيران من أعلامها الخفّاقة. فاستدعاهما من المنفى إليه وأخذ يتملّقهما لينضمّا إلى معسكره. فما كان منهما إلاّ أن دحضا معتقده الأثيم ووقفا في وجهه، بتلك الجرأة والحرية الرسوليّة التي تعوَّداها مع أسلافه، ونالهما من أجلها صنوف العذاب والهوان. فأمر الملك بتعذيبهما بشراسة وحشية تتبرّأ منها البشريّة. فجلدهما، ومزّق أجسادهما، ثم سجنهما وتركهما بلا طعام حتى كادا يموتان جوعاً. وبعد ذلك أعادهما من جديد إلى المنفى.

ثم لمّا رأى أن ذلك كلّه لم يثنِ من عزمهما، أعادهما إلى القسطنطينيّة ليروي غليله من دمائهما، لأن ثباتهما أثار سخطه، فلم يعد يعرف حدّاً لغضبه. فضُربا حتى تناثرت لحمانهما. أمّا  هما فكانا، رغم ذلك العذاب الأليم الذي كان يتكرر حيناً بعد آخر، لا يُسمع منهما كلمة تذمّر ولا غضب ولا شتيمة. بل كانا يردّدان هذه الإبتهالات: يا والدة الإله أعينينا. إرحمنا يا رب إرحمنا. فلمّا أعيت الملك الحيَل، أمر بأن تُحفر جبهاتهما بالإبر، وبأن يكتب عليهما بالدم بعض أبيات من الشعر. فاحتملا مدّة ساعات طويلة متوالية ذلك العذاب البربري الأليم. ولمّا وُسما بذلك الوسم الشائن أُعيدا إلى المنفى.

أمّا ثاوذورس فكان قد طعن في السن، وكان جسمه قد أضحى خيالاً من فرط ما تألَّم واحتمل. فما عتّم أن أسلم الروح سنة 836، وذهب لينعم بالسعادة التي لا تزول في المملكة الأبديّة السماويّة.

وأمّا ثاوفانس الذي كان أصغر من أخيه سنّاً وأقوى بنيةً، فإنّه بقي حيّاً في منفاه إلى أن مات ثاوفيلس واستراحت الكنيسة من شروره، سنة 842. فخلفه إبنه ميخائيل الثالث، وكان طفلاً. فقامت أمّه الملكة ثاوذورة وصيّةً على العرش. وكانت إمرأه تقيّة فاضلة. فأوقفت الإضطهاد، وأعادت الأيقوناتإلى الكنائس، وأرجعت الأساقفة والكهنة والرهبان المنفيين إلى كراسيهم وأديارهم وأوطانهم. فاستراحت الكنيسة على أيامها. فعاد ثاوفانس إلى القسطنطينية.

وفي تلك السنة نفسها إلتأم في مدينة القسطنطينية مجمع كبير ثبّت أعمال وإيمان المجمع المسكوني السابع، النيقاوي الثاني، كما ثبَّت تعاليم المجامع المسكونيّة السبعة القديمة، ورسم أن يقام في الأحد الأول من الصوم الأربعيني، للإحتفال بإنتصار الكنيسة على جميع البدَع، عيد دعي عيد الأرثذكسية.

وكان قد ذاع في طول البلاد وعرضها خبر قداسة الأخوين الراهبين ثاوذورس وثاوفانس، وما كان لهما من الجهاد المجيد في سبيل الكنيسة والإيمان. فاختار الأساقفة ثاوفانس أسقفاً على مدينة نيقية. فعطّرها بعرف قداسته وأعماله ومواعظه وما وضعه من التسابيح، إلى أن رقد بالرب رقود القديسين، في أواسط القرن التاسع للمسيح.

 

استشهاد القديسة انسطاسية من أهل رومية سنة 250م (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

في مثل هذا اليوم استشهدت القديسة أنسطاسية. وكانت هذه المجاهدة من أهل رومية، ابنة لأبوين مسيحيين، قد ربياها أحسن تربية وأدباها بالآداب المسيحية. فلما شبت وأراد والداها تزويجها لم توافق لأنها زهدت أباطيل العالم وشهواته واختارت السيرة الروحانية واشتاقت إلى الأمجاد السماوية من صغرها. فدخلت بعض أديرة العذارى التى في رومية. وتوشحت بالزي الرهباني. وأضنت جسدها بالنسك والتقشف. وكانت لا تتناول طعاماً إلا مرة كل يومين. وفي الأربعين المقدسة لم تكن تفطر إلا يومي السبت والأحد بعد صلاة الساعة السادسة من النهار، وكان غذاؤها كل أيام رهبنتها الخبز الجاف والملح.

واتفق أن بعض أديرة العذارى القريبة من الدير الذي تقيم فيه هذه القديسة كانت تحتفل بأحد الأعياد. فأخذتها الرئيسة مع بعض العذارى ومضين للاشتراك في ذلك العيد. وبينما كن ذاهبات، أبصرت هذه القديسة جند داكيوس الملك الكافر يعذبون بعض المسيحيين ويسحبوهم على الأرض. فألتهب قلبها بالمحبة الإلهية وصاحت بهم قائلة: يا قساة القلوب: أهكذا تفعلون بمن خلقهم الله على صورته ومثاله وبذل نفسه عنهم: فقبض عليها أحد الجند وقدمها إلى الأمير. فسألها قائلا: أحقاً أنت مسيحية تعبدين المصلوب؟ فأقرت بذلك ولم تنكر. فعذبها عذاباً شديداً ثم صلبها وأوقد تحتها النيران فلم تضرها. ولما لم تنثن عن إيمانها بسبب هذه الآلام أمر بأن تقطع رأسها. فصلت صلاة طويلة. ثم أحنت رأسها فضرب السيّاف عنقها ونالت إكليل الشهادة.

شفاعتها تكون معنا. ولربنا المجد دائما أبديا، آمين.