قديسو اليوم: 1 شباط 2017
أمّا هو فاستدعاه الوالي من السجن محاولاً، مرة ثانية، اقناعه بأن ينثني عن عزمه، فلم ينثن فأمر به فسمَّروا يديه ورجليه ووضعوه فوق نار متأججة، فكان يسبّح الله شاكراً، وبعد أن حرَّض المؤمنين على الاقتداء به، أسلم روحه الطاهرة بيد الله في السنة 167. صلاته معنا. آمين
وفي هذا اليوم ايضاً : تذكار البابا اوتيكيانوس
كان هذا البابا من بلد توسكانا بايطاليا مشهوراً بالفضائل السامية والغيرة الرسولية ولا سيما فضيلة العناية بالشهداء. وفي السنة 275 جلس على السدّة البطرسية، خلفاً للبابا فيلكس. وفي زمانه اشتدَّ الاضطهاد على المسيحيين فاستشهد منهم كثيرون وقد دفن هذا البابا بيديه المقدستين عدداً كبيراً منهم. ولما ظهرت بدعة ماني الفارسي القائل بوجود الهين، اله الخير واله الشر، قام هذا البابا الى مكافحتها واوقف انتشارها. وتوفي في روما سنة 283 بعد ان دبّر الكرسي الرسولي ثمان سنين بغيرة لا تعرف الملل. صلاته معنا. آمين.
القديس الشهيد تريفن (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
ورد أنه من إحدى القرى القريبة من أفامية السورية وقيل لا بل من بيثينية أو فيرجية، وبالتحديد ممن قرية تدعى لمبساكة. أمتهن رعاية الإوز منذ الحداثة وكان محباً لله. منّ عليه الرب الإله بموهبة طرد الأرواح الخبيثة. القدّيس سمعان المترجم أورد أنه أخرج روحاً شريراً من ابنة غورديانوس قيصر (238-244م). قٌبض عليه في زمن داكيوس قيصر لمسيّحيته، فأستحوذ حاكم يدعى أكويلينوس أسلمه للتعذيب لاعترافه وتمسكه بالأيمان بيسوع إلى أن جرى قطع رأسه. كان ذلك في حدود العام 250م . وقد درج الأستشفاع به في الكنيسة لرد أضرار الجراد والزحافات وسائر الوحوش عن المزروعات. أسمه " تريفون" ذو علاقة باللفظة اليونانية " تريفي" التي تعني الطيبات. فإنه لمحبته للرب يسوع، على ما ذكر، استحالت آلام الشهادة التي تكبدها طيِّبات إلهية.
في سيرته أن أكويلينوس أحاطه علماً بأن عليه أن يقدم الذبيحة للوثن وإلا فالقانون يجيز معاقبته بالموت حرقاً. ثم نصحه بالرأفة بنفسه وفتوّته، فلم يأبه له فأجابه الحاكم: أنت كامل السن، قادر أن تعرف ما ينبغي عليك عمله! فرد عليه تريفون قائلاً: " أجل، ولذا أشتهي بلوغ كمال الحكمة الحق بأتّباع يسوع المسيح". ولما لاحظ الحاكم أن على تريفون أن يعمل ما فيه مصلحته قبل فوات الأوان، أجابه القديس: " لا يسعني، أتّباعاً لنصيحتك والتماساً لما فيه خير نفسي، سوى الثبات في الاعتراف باسم يسوع المسيح".
شُيدت للقديس كنيسة بقرب الكنيسة العظمى في القسطنطينية، وأقيمت له أخرى في رومية استمرت في الاستعمال إلى القرن السابع عشر. ارتبطت ذكراهن في الغرب بذكرى شهيد يدعى رسبيكيوس. أجزاء من رفاته موفورة فيما يبدو، في الشرق والغرب معاً. في رومية بعض رفاته موجود في كنيسة الروح القدس في ساكسيا، بين كنيسة القديس بطرس والتيبر. أما في الشرق، وفق بعض الدراسات، فأجزاء من رفاته موجودة في عدد كبير من الأديرة والكنائس في اليونان وفلسطين وقبرص وتركيا. جمجمته، على ما قيل، هي في حوزة دير كسينوفنتوس وذراعه اليمنى في دير فاتوبيذي، وكلاهما في جبل آثوس.
تقدمة عيد دخول ربنا يسوع المسيح إلى الهيكل. وتذكار القديس تريفُن الشهيد (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)
أن هذا القديس تألّم كثيراً، واحتمل عذابات قاسية لا تطاق، وهو صابر على المضض وثابت في إيمانه. أخيراً قُطع رأسه ونال إكليل الشهادة، في أواسط القرن الثالث للمسيح.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً: القديس يوحنّا بوسكو مؤسس جمعيّة الآباء السالسيين.
ولد يوحنّا بوسكو سنة 1815 في إحدى قرى مملكة البيامونته Piémont، في شمال إيطاليا، لمّا كان نجم الأمبراطور نابوليون قد أفل، وارتاحت إيطاليا وأوروبا من حروبه وغزواته. وكان أبوه من القرويين الصالحين الذين يأكلون خبزهم بعرق جبينهم.
ومات أبوه وهو طفل، فربّته أمّه على التقوى، وتعلّم هو أن يرى فيها مثال الجد والنشاط والصبر والتضحية.
وكانت الثورة الفرنسيّة وحروب نابوليون قد بلبلت الأفكار وضعضعت الحياة الدينيّة والإجتماعية في البلاد الأوروبيّة. وكان أولاد الشوارع قد نشأوا جنباً إلى جنب مع رجال الثورات والأحقاد والألحاد. فدعا الله يوحنّا منذ الصغر إلى تلك الرسالة العظيمة الشاقة. فكان إبن تسع سنوات لمّا رأى في الحلم صبيةٍ يتخاصمون ويتشاتمون في الشوارع. فعمل على تهدئتهم وتفريقهم، فلم ينجح. فأعمل فيهم الضرب واللكم، فلم ينجح. فظهرت له سيّدة تلوح على محيّاها إمارات العظمة والحنان، فهدأت روعه وقالت له: تمهّل عليهم، وخذ هذه العصا واذهب بهم إلى المراعي الخصبة. فنظر وإذا بأولئك الأولاد الأشرار قد تحوّلوا إلى حملان أبرياء ذوي جمال وبهاء. فانطبع هذا الحلم في ذهنه، وأضحى قبلة حياته منذ حداثته.
وما كاد يبلغ أشدّه حتى بدأ يجمع أولاد القرية، ويقوم بتعليمهم وإرشادهم وتوفير أنواع الألعاب والملاهي لهم. فكان عمله هذا الصغير حبّة الخردل التي سوف تصبح شجرة عظيمة تعشّش طيور السماء في أغصانها.
وذاق يوحنّا في حداثته مرارة العوز والفقر. إلاّ أن تقواه، وما كان قد أخذه عن أمّه من التربية المسيحيّة الصالحة، جعله يجابه مضض الحياة بشجاعة وصبر. فتعوّد على التضحية منذ الصغر. وكان كلّما كبر تأصّلت فيه هذه الروح المسيحيّة الحقّة، روح التضحية ومحبّة الصليب.
ومال منذ نعومة أظفاره إلى خدمة الهيكل. ولكن أنّى له الدخول المدارس العليا، وهو الشاب الفقير المعوز. إلاّ أن العناية الإلهيّة التي كانت قد أعدته لعمل خطير في سبيل الأحداث الفقراء الشاردين، سهّلت له سُبُل التعليم. فأسعفه المحسنون بالملابس ولوازم الدروس، فقام يجدّ ويكدّ في اقتباس العلوم، فانطبع في قلبه العطف على المعوزين والمساكين.
وما كاد يصل إلى درجة الشموسيّة في مدرسة شييري الإكليريكيّة، حتى أرسله رؤساؤه إلى مدينة تورينو لإتمام دروسه اللاهوتيّة. فاستأذن لكي يقضي عطلة الأحد من كل أسبوع في خدمة الأحداث العديدين المساكين، المنتشرين في تلك المدينة العظيمة، فأذن له رؤساؤه في ذلك. وهكذا بدأ رسالته الكبرى التي سوف تعمّ أقطار الدنيا. فصار يجمع كل يوم أحد الفقراء، من الأحداث المتشردين ومن عملة المصانع وخدّام الحوانيت، ويقوم بإرشادهم وتعليمهم وتوفير أنواع التسلية لهم.
ولمّا نال الدرجة الكهنوتيّة أقيم مساعداً لأحد الكهنة في مأوى للبنات الفقيرات كانت المركزيّة المحسنة بارولو قد أنشأته، وكانت تنفق عليه بكرم وسخاء. فصارت وظيفته هذه تدر عليه شيئاً لا يُستهان به من المال. لأن هذه السيّدة الشريفة كانت تنفق عن سعةٍ، وهي التي كانت قد عُنيت بالكاتب الشهير سلفيو بلّكوعند خروجه من السجن. فأحسن الأب يوحنّا الخدمة الروحيّة تحت إشراف الكاهن الأول والسيّدة المركيزة. فأحبّاه وأكرماه وأكبرا غيرته وتقواه وتفانيه وحسن إدارته.
إلاّ أن عمله هذا الجديد لم يثنه عن متابعة جهوده المألوفة في سبيل الأحداث.
وما لبث هذا المشروع أن نجح وتقدّم. فصار يجتمع لدى الأب يوحنّا بعض المئات من هؤلاء الأولاد. وصارت جلبتهم تعكّر على الجوار وعلى أصحاب الملك حيث يجتمعون صفاء الحياة، حتى إضطر ّ الأب يوحنّا أن ينقلهم من مكان إلى مكان وأن ينفق في سبيلهم كل ما كان يتوفّر لديه من المال. وكان كثير التواضع مع أولاده، يلعب معهم، ويؤانسهم، ويتصاغر أمامهم، لكي يثقوا به، ويعودوا إليه في مصاعبهم وشدائدهم وأمور نفوسهم وحياتهم.
وكبر مشروعه، وأخذ في التطوّر، نظير كل المشاريع الخيريّة العظيمة. فرتّب لأولاده صفوفاً رسميّة للتعليم، دعاها "مدرسة الأحد"، فاتّسع عمله. وكان هو يخصّص له قواه وعواطفه وغيرته ونباهة فكره، وما امتاز من روح الإبتكار والتنظيم.
إلاّ أن المركيزة أخذت تتأفف من هذا العمل وتتبرّم منه. وحملها تبرّمها يوماً على أن تخيّر الأب يوحنّا بين الشغل عندها في المأوى، ومتابعة عمله مع أولاده. فلم يتردّد هذا الكاهن المتجرّد القديس بين الإثنين، بل اختار الثاني، مضحّياً لأجله بمرتّبه، وبحياته المضمونة في كنف تلك المركيزة الكريمة. فاستسلم للأقدار، أو بالحري لعناية المولى، في شؤون معيشته وحياته وحياة أولاده.
ولمّا كانت العناية الإلهيّة لا تنسى أحداً، ولا تهمل من يتوكّل عليها ويسعى في سبيل القريب الفقير من أجلها، أرسلت من مدّ له يد المعونة، وساعده على متابعة عمله. فحوّل مدرسة الأحد إلى مدرسة ليلية منتظمة. فنجحت نجاحاً كبيراً، وأقبل عليها الأحداث بالمئات. وتفرّغ هو للعناية بهم. ثم قسّمهم، وأنشأ لهم فرعين جديدين في الأحياء القاصية. وصار هذا المشروع الجليل يتقدّم رويداً رويداً في معارج الفلاح والنجاح، نظير المشاريع الخيريّة الكبرى التي لا غاية له سوى محبّة الله وخدمة النفوس.
وانهالت عليه الحسنات من كل الجهّات. وأقبل عليه الكهنة والأساتذة يساعدونه في عمله، ويسيرون بإرشاده. فاتّسع الأفق أمامه ووفّق إلى تشييد كنيسة لأولاده، جعلها على إسم القديس فرنسيس السالسي. وبنى بالقرب منها مدرسة مستوفية شروط المآوي والمدارس. وبدأ يقبل فيها بعض الداخلين من الأحداث اليتامى المهملين.
وخصّص أوقاته كلّها لخدمة بينه ومشروعه. فكان يسهر عليهم سهر الأم الحنون على بنيها، ويتعهّدهم بعنايته، إلاّ أن عنايته الكبرى كان يوجّهها إلى بعض التلامذة الممتازين بتقواهم ليدفعهم في طريق الكهنوت الملوكيّة، ويجعل منهم رسلاً غُيُرا في كنيسة الرب.
وما أتت سنة 1856، وكان الأب يوحنّا بوسكو قد بلغ الأربعين، حتى كان لديه 150 ولداً داخلياً، يتعلّمون ويأكلون ويلبسون وينامون في المدرسة على نفقته. و500 تلميذ خارجيين، وأربع دور للصنائع، ومطبعة، وأربع صفوف للدروس اللاتينيّة، وعشرة كهنة من أبنائه يعملون معه ويساعدونه، ويسيرون برأيه وإرشاده.
ونبغ دون بوسكو في طريقة إدارته لمؤسساته وإرشاده لأولاده، حتى أضحى من أقدر المربّين في القرن التاسع عشر. وكان سرّ نجاحه في تقواه وصلواته وإماتاته، ومحبّته الصادقة لله، وعاطفته العميقة نحو بنيه.
ونجح دون بوسكو نجاحاً عجيباً في تشييد الكنائس. فكان لا يبدأ بوضع الحجر الأساسي لكنيسة ما حتى تهطل عليه الحسنات كالمطر المدرار.
ولمّا ضاق الحبر الأعظم البابا لاون الثالث عشر ذرعاً في تشييد كنيسة قلب يسوع في رومة، إتماماً للمشروع الذي وضعه سلفه الباب بيوس التاسع، عهد في هذا العمل إلى مشيّد الكنائس دون بوسكو. فذهب هذا إلى فرنسا منبع الحسنات ومشتل القلوب الكبيرة والأيدي السخيّة، وجمع الألوف من الدنانير الذهبيّة. فتشيّدت تلك الكنيسة العظيمة البديعة. وكان مرور دون بوسكو في فرنسا مرور القديسين. فكانت الجماهير تهرع إليه وتحاصره، وتضيّق عليه، لتحظى برؤيته وبركته، وتملأ يديه وجيوبه أموالاً طائلة، في سبيل نيل الصلاة وشفاعته.
وبقي هذا القائد الباسل والرسول القديس يجاهد ويعمل ويصوم ويصلّي، ويصعد في سلّم الفضائل الكهنوتيّة، بلا كلال ولا ملل، حتى ناهز الثالثة والسبعين من عمره وأضحى شيخاً جليلاً. وكان معبود كهنته وأولاده. وكانت ثقته بالله وبعنايته لا حدَّ لها، حتى أنّه كان شديد الإتّكال عليه في كل أموره وحياة جمعيته.
فوجد الرب أن هذا الفلاّح الصالح قد نجحت فلاحته، وكملت جهوده، وأعطت حقوله ثلاثين وستين ومئة، ولم يبقَ له سوى إكليل المجد الذي أعدّه للعبيد الأمناء أمثاله، فاستدعاه إليه في 31 كانون الثاني سنة 1888.
وأعلنت الكنيسة قداسته سنة 1934. ولا يزال رهبانه السالسيون يملأون الأرض، يتابعون عمله، ويعتنون بتهذيب وتثقيف وتعليم الأحداث من طبقة العماّل في كل علم وكل صناعة وكل فن، وينثرون في كل مكان وفور الخيرات والبركات.
استشهاد القديس تيموثاوس أسقف افسس تلميذ القديس بولس الرسول (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)
في مثل هذا اليوم من سنة 97 م. استشهد القديس تيموثاؤس الرسول. وقد ولد ببلدة لسترة من أعمال ليكاؤنية بآسيا اصغري من أب يوناني يعبد الكواكب، وأم يهودية اسمها افنيكي. ولما بشر بولس الرسول في لسترة، وسمع هذا القديس تعاليمه، ورأي الآيات التي كان يصنعها الله علي يديه آمن واعتمد ورفض الهة أبيه وترك شريعة أمه. ثم تتلمذ لبولس الرسول وتبعه في أسفاره، وشاركه في شدائده. وفي سنة 53 م. أقامه أسقفا علي أفسس وما جاورها من البلاد. فبشر فيها بالسيد المسيح ورد كثيرين إلى الإيمان وعمدهم. ثم بشر في مدن كثيرة. وكتب إليه الرسول بولس رسالتان الأولى سنة 65 والثانية قبل سنة 97 م. بقليل، يحثه فيهما علي مداومة التعليم، ويعرفه بما يجب ان يكون عليه الأسقف والقس والشماس والأرملة، ويحذره من الأنبياء الكذبة، ويوصيه إلا يضع يده علي أحد بعجلة، بل بعد الفحص والاختبار، ودعاه ابنه وحبيبه. وقد أرسل علي يده أربع رسائل: الأولى الرسالة الأولى إلى كورنثوس، والثانية إلى فيلبي، والثالثة إلى تسالونيكي والرابعة إلى العبرانيين. وقد رعي هذا القديس رعية المسيح احسن رعاية، وأنار العقول بتعليمه وتنبيهه وزجره، وداوم علي تبكيت اليهود واليونانيين، فحسدوه وتجمعوا عليه وظلوا يضربونه بالعصي حتى مات في أفسس فاخذ المؤمنون جسده ودفنوه. صلاته تكون معنا آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً : نياحة البابا كيرلس الرابع ابى الإصلاح الـ110
في مثل هذا اليوم تنيح الآب العظيم الأنبا كيرلس الرابع بابا الإسكندرية العاشر بعد المائة. وقد ولد هذا الآب ببلدة الصوامعة الشرقية من أعمال جرجا من أبوين تقيين حوالي سنة 1816 م.، وأسمياه داود باسم جد أبيه، واعتني والده بتربيته وتعليمه. وفي الثانية والعشرين من عمره قصد دير القديس أنطونيوس لزهده في أباطيل الحياة. وهناك سلك طريق الفضيلة والنسك، مما جعل القس أثناسيوس القلوصني، رئيس الدير وقتئذ ان يلبسه ثوب الرهبنة، فدأب منذ ذلك الحين علي الدرس والمطالعة. وبعد سنتين من ترهبه تنيح رئيس الدير، فاجمع الرهبان علي اختيار هذا الآب رئيسا، فرسمه الأنبا بطرس الجاولي البابا المئة والتاسع قسا وعينه رئيسا علي الدير، فاهتم بشئون الدير والرهبان ابلغ اهتمام. وكان حاد الذكاء وعلي قسط وافر من الإلمام بالمسائل الدينية، ولذلك فانه لما نشب خلاف بين الأحباش في بعض الأمور العقائدية، استدعاه الآب البطريرك الأنبا بطرس الجاولي، وكلفه بالذهاب إلى البلاد الحبشية لفض هذا النزاع. فقام بمهمته خير قيام. وعاد الآب داود من الحبشة في يوم السبت 13 يوليه من سنة 1853 م. وكان قد تنيح البابا بطرس الجاولي في 15 أبريل سنة 1852 م. وعند الشروع في اختيار خلف له، اختلفت أراء الشعب، فالبعض اختار الآب داود، والبعض اختار غيره. ثم استقر الرأي علي رسامته مطرانا عاما سنة 1853 م. واستمر سنة وشهرين، اظهر خلالها من حسن التصرف، ما جعله أهلا لأن يقام بطريركا، فتمت رسامته في 28 بشنس سنة 1571 ش. (1854 م.). وقد افرغ قصاري جهده في سبيل تهذيب الشبان وتعليمهم. فقد إنشاء المدرسة القبطية أكبري بالبطريركية، وفتح مدرسة أخرى في حارة السقايين وشدد في تعليم اللغة القبطية فيهما، كما اشتري مطبعة كبيرة طبع فيها عدة كتب كنسية. وعموما فان إليه يرجع الفضل في تقدم الأقباط، وقد هدم كنيسة البطريركية القديمة وشيد غيرها، ولكنه لم يتمكن من إتمامها لتغيبه في البلاد الحبشية للمرة الثانية. وكان هذا الحبر العظيم عالما شديد الاعتصام بقوانين الكنيسة، وكان محسنا ذا عناية شديدة بذوي الحاجة ومحبوبا من رعيته، وتنيح في 23 طوبة سنة 1577ش (1861 م.).
صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.