دينيّة
30 حزيران 2020, 07:00

في ذكرى الرّسل الإثني عشر

ريتا كرم
"12" هو عدد أشهر السّنة، وهو أيضًا عدد ساعات النّهار. وإن ضربنا أقطاب المسكونة الأربعة (شمال، جنوب، شرق، غرب) بثالوثيّة القدّوس (الآب والإبن والرّوح القدس)، لكان المجموع: "12". و"12" رسولاً اختارهم يسوع ليصبحوا تلاميذه وينطلقوا في البشارة حتّى أقاصي الأرض، جاعلاً منهم صيّادي بشر في عالم يموج بالبدع والأمراض والخطايا والموت.

 

هؤلاء تركوا كلّ شيء: عائلاتهم، أموالهم، بيوتهم، أعمالهم وأرزاقهم وتبعوا يسوع. اختارهم رجالاً عاديّين متواضعين فتحوّلوا إلى رجال الله الأقوياء "الّذين فتنوا المسكونة" (أعمال الرّسل 17/6)، وصاروا بحسب وصف التّقليد المقدّس "المجيدين والجديرين بالمديح"؛ وهم: سمعان بطرس وأخوه أندراوس، يعقوب ويوحنّا، فيليبّس وبرتلماوس، متّى وتوما، يعقوب بن حلقى وسمعان الغيور، يهوذا أخ يعقوب ومتيّا الّذي حلّ مكان يهوذا الإسخريوطيّ الّذي خان يسوع وقتل نفسه شنقًا.

هؤلاء جلسوا مع يسوع وتسامروا معه، أصغوا إلى كلامه وحفظوا تعاليمه، عاشوا معه لحظة بلحظة، سهروا وضحكوا معًا، تقاسموا الطّعام مع المعلّم، باختصار عاشوا مع المسيح الإنسان والإله.

وهو، أيّ المسيح، "دعا تلاميذه الإثني عشر وأعطاهم سلطانًا على أرواح نجسة حتّى يُخرجوها، ويشفوا كلّ مرض وكلّ ضعف" (متّى 10/1). فباسمه طردوا الشّياطين، بشّروا بملكوت الله، دعوا إلى التّوبة، واجترحوا العجائب والأهمّ من ذلك قاموا به "مجانًا": "مجانًا أخذتم، مجانًا أعطوا" (متّى 10/8). منحهم روحه القدّوس في العنصرة، فتكلّموا بكلّ اللّغات وذهبوا وتلمذوا جيمع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والإبن والرّوح القدس تمامًا كما أوصاهم المعلّم.

وها إنّ الكنيسة الرّسولة تتابع منذ تأسيسها مسيرة الرّسل، فهي القناة الّتي تمرّ عبرها نِعَم الرّوح القدس، فتبشّر بكلمة الله وأسراره، وتلبّي حاجاتهم الرّوحيّة مشركة إيّاهم بالعمل الرّسوليّ نفسه.

واليوم في عيد الرّسل الإثني عشر، نطلب شفاعتهم لكي يكون كلّ منّا في عمله رسولاً، فيلقي الشّبكة في بحر الرّبّ ويملأها غلّة مباركة يتقاسم خيراتها مع محيطه مبشّرًا بفمعولها في الجسد والنّفس، باسم الآب وبإرشاد من الرّوح القدس، آمين.