فنّ
20 آب 2016, 08:10

عبير نعمة استوحت من قصائد المتنبي في معبد باخوس وأبدعت بست لغات

كان جمهور مهرجانات بعلبك الدّوليّة، ليلة أمس، على موعد في معبد باخوس وأجوائه الحالمة، مع أمسية مميّزة للفنّانة عبير نعمة، المتعدّدة المواهب غناءً وتأليفاً وألحاناً، فارتحلت على متن قصائد أحد المخلدين من أعمدة الشّعر العربي مع أبي الطيب المتنبي في عمل عنوانه "المتنبي ... مسافراً أبداً"، وأفرغت من معين ثقافتها الواسعة في رحاب معبد باخوس أغان باللّغات العربيّة والإسبانيّة واليونانيّة والأرمنيّة والسّردينيّة والكرديّة، وتحسّبها في كل منها بأنّها تؤدّيها بلغتها الأم.

حضر الاحتفال سفير رومانيا سامفيل مكرتشيان، الوزيران السابقان طارق متري وبسام مرتضى، محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، رئيسة لجنة مهرجانات بعلبك الدّوليّة السيدة نايلة دي فريج، رئيس بلديّة بعلبك العميد حسين اللقيس، العميد مجدي الحجار، والفنانان مارسيل خليفة ومعين شريف.

تناغم في الاحتفال إبداع الشّاعر المتنبي الذي طاف العالم القديم من مسقط رأسه في بلاد ما بين النهرين إلى بلاد الشام ومصر، وصولاً إلى تخوم آسيا الصغرى وبلاد الروم، مع غناء عبير التي حلّت في ترحالها الفنّي بكل أرض تباركت بأصداء أبي الطيب، وأضافت إليها في إبحارها نماذج من ثقافات بلاد اليونان وإسبانيا والتّراث الكردي، وصولاً إلى جزيرة سردينيا.

أرادتها عبير رحلةً فنّيةً تحاكي الثّقافات والحضارات في معلم تاريخي يتّكىء على حكايا آلاف السنين، ولأنّها ترنو إلى الصّدقية في عملها، ضمّت إلى الأوركسترا المؤلفة من 12 موسيقيّاً، عازف المزمار الإسباني جوزي لويس فوشو، وعازف الدودوك الأرميني إمانويل هوفهانيسيان، وعازف آلة التار مدير فرقة "شمس" الإيرانية تهموريس بورنازيري، واعتلى المسرح كورس سباعي الأضلاع.

الإطلالة بين أعمدة باخوس، قدّمت "في سفري" ومطلعها:"في سفري وترحالي حلمي وفي دروب الشمس يسري دمي لممالك الشعر أجنحة فأطير بها إلى الأمم".

وأدّت بصوتها الحالم أبياتاً للمتنبي، ثمّ اختارت من التّراث الشّعبي العراقي "فوق النخل فوق، مدري لمع خده، مدري القمر فوق"، وبالطبع لطالما أن الأصالة حاضرة في روعة المكان فلن يغيب من نتاج الشاعر حسين بن منصور الحلاج "يا نسيم الريح، قولي للرشا، لم يزدني الورد إلا عطشا، لي حبيب حبه وسط الحشا، إن يشا يمشي على خدي مشا، روحه روحي وروحي روحه، إن يشا شئت، وإن شئت يشا".

ومن مهد ولادة المتنبي، انتقلت إلى شبه جزيرة إيبيريه، حيث مجد أشبيلية وبلاد الأندلس مع موشح "لما بدا يتثنى غض الصبا والدلال، حبي جماله فتنا أفديه هل من وصال، أومى بلحظه أسرنا بالروض بين الظلال، غصن سبى حينما غنى هواه ومال، وعدي ويا حيرتي ما لي رحيم شكوتي، بالحب من لوعتي إلا مليك الجمال"، وأتبعتها باللغة الإسبانية من خوابي "غاليسيا" المعتقة أغنية "Pastora do Caurel" على أنغام البيانو.

واختارت من "القدود الحلبية" "هالأسمر اللّون هالأسمراني، تعبان يا قلب خيوه هواك رماني" و "يا مايلة عالغصون عيني سمرة يا حورية، ورد الهوى عندنا بيموج ع المية" و "قدك المياس يا عمري، يا غصين البان كاليسر، أنت أحلى الناس في نظري، جل من سواك يا قمري"، وحافظت على اللحن في تأديتها للقدود باللغة اليونانية ومن كلماتها "عيني، عيون غيوني، عيني لم تر بجمال عينيك"، ثم غنت "الهجرة" من كلمات وديع سعادة وألحان مرسيل خليفة، ومطلعها:"حين ذهبوا لم يقفلوا أبوابهم بالمفاتيح"، وباللغة الرومانية أدت "Sareri Hoven" ومن ترجمتها: "أقدم حياتي لأرى حبيبي، فقد جفت الينابيع ولم يأتني منه أي خبر"، و"Mernem Kilikia" التي فيها توق أرمني إلى كيليكيا أرض الآباء والأجداد.

وعند محطّة التّراث اللّبناني، وما جمعته من روح الفرح في أغاني زكي ناصيف "سهرنا سهرنا وما نمنا حتى قطفنا مواسمنا" و "اشتقنا كتير يا حبايب نمشي دروبنا سوا" و "اشتقنا ع لبنان وع أخبار الضيعة وأهلها، وع بسمة لبنان يابا، وترحيبة أهلا وسهلا"، و "يا عاشقة الورد إن كنت على وعدي، فحبيبك منتظر يا عاشقة الورد"، وعلى أنغام عازف البيانو مارك أبو نعوم قدّمت أغنية "خلف الجرود بالعلالي في عصفور"، وأتبعتها بأغنية "شو صاير يا ترى".

وقدّمت عبير من فولكلور جزيرة سردينيا "Non potho Reposare" ومن ترجمة كلماتها: "قلبي لا يعرف راحة إذ بك يفكر في كل حين، لا تحزن يا كنزي الثمين، فأنت وحدك من أريد ... أحبك".

وبعد ترتيلها مقاطع من رائعة الشّاعر المتنبي "على قدر أهل العزم تأتي العزائم"، توجّهت إلى كردستان بلاد فارس لتؤدي باللغة الكردية أغنية "Sowzaleh-JanoJahan" برفقة العازف الإيراني "تهموريس بورنازيري" وقد تميزت بموسيقاها وأنغامها السريعة.

ومع أغنية "طلعت يا محلا نورها شمس الشموسة، يلا بنا نملا ونحلب لبن الجاموسة" طافت بنا على ضفاف النّيل وألحان سيد درويش التي أعاد صياغة توزيعها الفنّان مارسيل خليفة الذي كانت خاتمة الحفل من ألحانه أيضاً "غني قليلا يا عصافير" التي كشفت فيها الفنانة عبير نعمة عن صوت أوبرالي أضاف إلى سحر معبد باخوس سحراً جديداً من صنع الخالق.


وصرّحت الفنّانة عبير نعمة بحديث، قالت فيه:"سحر قلعة بعلبك في هذا المكان التّاريخي يحكي قصصاً وحكايات دارت في معابدها لآلاف الناس الذين مرّوا من هنا، وما زالوا طاقة تحيا على هذا المسرح الذي استضاف كبار الفنّانين وقدّموا أعمالهم على أدراج بعلبك، لذا أشعر بمسؤوليّة كبيرة، وأعتبرها خطوةً كبيرةً في مسيرتي الفنيّة".

وتابعت: "شاركت في لبنان في أعمال مسرحيّة غنائيّة مع كل من الفنانين الكبار الياس الرحباني وريمون جبارة وأنطوان غندور وإيفان كركلا، وأدّيت أعمالاً مسرحيّةً وغنائيّةً، وشاركت في مهرجانات عديدة في لبنان وفي البلاد العربية وفي قارات أوروبا وأفريقيا وأميركا وآسيا، ولكنّني أعتبر مهرجانات بعلبك الدّوليّة من أهمّ مهرجانات الشّرق الأوسط، ومن أكثر الأماكن التي تترك أثراً في مسيرة وحياة الفنّان، ولا يمرّ العمل فيها مرور الكرام".

وقالت: "الاحتفال تضمّن ثلاث أغنيات من ألبومي الجديد، وضمن المجموعة التي قدّمتها، هناك أربع أغان من تلحيني منفردة أو بالاشتراك مع أخي جورج".

وختمت نعمة بشكر "كل وسائل الإعلام الدّاعمة لهذا العرض اليوم".