دينيّة
17 تموز 2016, 06:00

رسالة إلى القدّيس شربل

ريتا كرم
يا قدّيساً مجبولاً من تراب لبناننا، تحيّة يلفّها عطر الأرز إلى سماء يسوع المعطّرة بقداستك وبعد،

 

وفيما يتحضّر لبنان للاحتفال بعيدك، وبينما يتوجّه معظم اللّبنانيّين إلى بلدتك "بقاعكفرا" ويؤمّون ضريحك في "عنّايا" لأجل معايدتك، إليك منّا رسالة باسم كلّ من يجري في عروقه دمّ لوّن علم وطننا بأحمر الكرامة والعنفوان والشّهادة، وسيّج حدود أرزة تشبّثت في أرض طيّبة خرّجتك أوّل قدّيس "من عنّا".

أنتَ في بالنا راهب "دير عنّايا المشهور"، ففي كلّ مرّة نزورك نشعر بك جاثياً على تلك التّلّة في محبستك مصلّياً، نسمع همساتك تدغدغ آذاننا وتسكب علينا ما ملأته محبّة وطهراً من قلب الفادي، فتضيء "سراج النّور".

أرضك الّتي فَلَحتَها وزرعتَها ورويتَ ترابها تتغنّى بكَ، وشعبكَ المتيّم بسيرتكَ ومسيرتكَ يناجيكَ اليوم لأنّكَ الأقرب إليه.

فأنتَ عشت في حنايا لبنان، رغم أنّه لم يكن هذا الـ"لبنان"، بل كان يفيض خيراً وطيبة ونوايا صافية أضعافاً وأضعاف. كان سكّانه يؤمنون بالبساطة ويعيشونها فتمتلأ بيوتهم بركات وخيرات.

نحن اليوم، بتنا مشرذمين، مشرّدين عن كنيستنا ويسوعنا، متقاتلين مع أبناء وطننا، منغلقين على شريكنا، متسرّعين في أحكامنا وأفعالنا. ولكن أنت يا أيّها الإنسان الكامل "خيّ الكلّ مجبول محبّة عالحلّ، خلّينا نحنا والكلّ بالأخوّة نتكنّا".

أنتَ "منّا وفينا"، أنتَ مثلنا تنشّقت رائحة جبالنا، تربّيتَ على تقاليدنا وعاداتنا، تعرف لغتنا وتفهم لهجات أهلنا، فازرع فينا بذور القداسة واجعلنا نتخلّص من أمور هذه الدّنيا ونسير وفقاً لوصيّتكَ القائلة لنا: "الشيطان سيّد هذا العالم. كلّما غرقتَ فيه كلّما كنتَ تحتَ سلطانه وكلّما تحرّرتَ من هذا العالم كلّما تحرّرتَ منه، لا تنسى أنّكَ لستَ من هذا العالم، لا تغرق فيه أعبر فيه، إرتفع عنه، وارفعه للرّبّ بقوّة المسيح المرتفع على الصّليب."

في عيدكَ، نقول لك: "نحبّك وشكراً على كلّ على نعمكَ".

إسمح لنا اليوم في ذكرى سيامتك الكهنوتيّة، أن نقطع معكَ قالب العيد، أغمض عينيكَ وأطلق أمنيتكَ لأجلنا ولأجل وطنكَ لبنان، فـ"يا شربل منك نظرة ع لبنان وطمِنّا".

الإمضاء: مؤمن من بلادك