خاصّ- في جعيتا.. أوّل دير للراهبات المارونيّات اللبنانيّات
ديرٌ يتهافت اليه العديد من المؤمنين، ديرٌ لم يخذل محتاجًا أو مريضًا، ديرٌ لم تتوقف فيه يومًا القدّاسات والصلاوات، وديرٌ يسكب نفحة ايمان على كلّ زائر.. باختصار إنّه دير مار الياس.
"كانت الأديرة اللبنانيّة منذ القدم مزدوجة، أي مشتركة، فكان يعيش الرهبان والراهبات في الدير نفسه ولكن في مبنين مختلفين"، هذا ما أكدته رئيسة دير مار الياس الأم لور بو رزق في حديث خاص مع موقع "نورنيوز". وأضافت قائلةً إنّ "عام 1736 اتخذّ المجمع اللبناني برئاسة البطريرك يوسف درغام الخازن قرارًا بفصل الإكليروس، لذا بُنيَ دير مار الياس في جعيتا للرّاهبات فقط، وانتهت أعمال بنائه عام 1747 ليصبح أوّل دير للراهبات بقانون منظَّم مثبَّت من الكرسي الرسولي في روما".
لم تطلق الرهبنة اللبنانيّة المارونية اسم مار الياس على الدير صدفةً، بل تعود التسمية لوجود كنيسة أثرية للنبي ايليا مبنية على أنقاض معبد وثني قديم على مدخل الدير. وكان يسكن الى جانب الكنيسة ناسكان من آل "رويهي"، وهما من قدّما لها الأرض.
أما كنيسة الدير فمذبحها كُرّس على اسم "سيدة الراس" وشرحت الأم بو رزق لموقعنا سبب التسمية قائلة: "تطل على الدير من الشمال سيدة بكركي ومن الجنوب سيدة طاميش و من الجهة البحرية سيدة اللويزة. فكنيستنا كانت على رأس هذه الكنائس وعلى رأس تلة، لذا أطلق عليها اسم سيدة الراس".
من جهة أخرى، أكدّت الأم بو رزق أنّ الدير قُصِفَ خلال الحرب اللبنانيّة فأعيد ترميمه وترميم الكنيسة وتوسيعها، كما بُنيت طوابق جديدة، مشيرة الى أنّ الدير استقبل عام 1984 قسم كبير من المهجًّرين.
الأخت تقلا حديد الحلبية هي أوّل من ترّهبت في دير مار الياس وتلتها الكثيرات ليقارب عددهن الـ430 راهبة. أما اليوم، فتخدم في الدير 28 راهبة ما زلْنَ يحملن الرسالة نفسها منذ 270 عامًا.
تقول الأخت بو رزق إنّ الدير يتميّز بصفات عديدة أهمها مساعدة الفقراء والمحتاجين فهو "ملجأ كل انسان محتاج الى لله وإلى المال والطعام" مؤكدة أنّ "كلّ خيرات الدير حقٌّ طبيعي لكلّ محتاج".
بُنِيَ دير مار الياس منذ 270 عامًا وما زال ناشطًا حتى اليوم، وسرّ هذه الاستمرارية هو الصلاة والإيمان وشفاعة مار الياس التي لا تفارق الراهبات وتنفح الخشوع في كلّ أرجائه.