دينيّة
06 تشرين الأول 2016, 13:50

خاصّ - رودي رحمة: "فِزعوا منَّك يا يسوع... وْمشَّيتا للدّنْيه طلوع!"

ماريلين صليبي
رودي رحمة، شاعر ونحّات، ينحت حياته بكلمات الفنّ والأصالة، حياة تغلّفها علاقة مميّزة مع يسوع المسيح، أراد موقع "نورنيوز" إظهار جمالها بحديث خاصّ وصف فيه رحمة المسيح والمسيحيّة قائلًا:


"عندما نقول كلمة "المسيح" نعني يسوع الذي أتى ليكون معنا وليعرّفنا على قيمة هذا الكون الواسع المتعلّق اسمه بكفّ الله، كونٌ يشكّل يدًا مفتوحةٌ عروقُها فوق ما نسمّيه السّماء، وفي كفّ هذه اليد معلّقةٌ كلّ الكواكب الدّوّارة، هي إذًا كفّ تغمر كلّ شيء.
وإذا أغمضنا عيوننا لنسير في التّاريخ، نلاحظ أنّ الجميع يعرف أنّ الله خلق الدّنيا، وديانات كثيرة تكلّمت عن هذا الله الواحد البعيد الذي يصعب على أحد الوصول إليه، لكنّ يسوع المسيح أتى ليقول لا! أنا سأضع الله البعيد هذا بين يديكم لتصبحوا على مثاله.
تصوّروا هذا التّحضير الذي حصل، تحضير يجعل المسيح مثلنا.. "إنسان". لنعتبره رجل تاريخ قبل أن يكون إلهًا أو ثالوثًا، رجل تاريخ عاش 33 عامًا، أرشدنا صوب الحقيقة وصنع باسم أبيه الأعاجيب، إذ كان يطلب مساعدته ومشيئته ليتمّم الآيات، وبذلك دلالة واضحة على طبيعته الإنسانيّة واحترامه الآب وقربه منّا. يسوع إذًا يمدّ يده إلينا، نحن إخوته، ويطلب منّا أنّ نسير معه صوب القيامة المضيئة.
أنا أحببتُ المسيح وأحببتُ أمّه. تصوّروا مسؤوليّة هذه الأمّ التي قبلت أن يكون الإله في أحشائها، التي خافت على شخص الإله المتمثّل بيسوع ابنها لأنّه إذا سقط المسيح يسقط الإله، إذا جُرح المسيح يُجرَح الإله، لذلك عظيمة هي العذراء مريم في تاريخنا لأنّها خافت من أن يصيب هذا الإله شيئًا لأنّه لم ولن يكون هناك خلاص بدونه.
مع يسوع المسيح، كلّ ما نطلبه نجده، مهما أخطأنا إليه يسامحنا، كلّما قرعنا يُفتح لنا، هو فاتح ذراعيه إلينا، يقف إلى جانبنا، يحبّنا كثيرًا، وأنا بدوري أعشقه. أنا أعشق هذا المسيح الذي اختبرته في الإنجيل، المسيح الذي كلّما أغمضتُ عينيّ أراه مصلوبًا.
يسوع أظهر إنسانيّته منذ أن قُبض عليه حتّى الصّلب، هو إنسانٌ توجّع وعانى الألم بصمت فريد، إلّا أنّه رجل "بيفزّع".. على جبل الزّيتون خاف تلاميذه، الجيوش الرّومان ساروا خلفه من خوفهم على طريق الجلجلة رغم جلده وحمله الصّليب، واستمرّ هذا الخوف حتّى بعد موته فطعنوه ليتأكّدوا أنّه مات فعلًا. ونحن أيضًا بدورنا، "نفزِّع" عندما يكون الله فينا وعندما يحضننا بقوّة. فأنا أعشق هذا المسيح، أعشقه في نفسي وفي فنّي الذي كلّه إليه، أنا إذًا فنّان المسيح، كما يُقال.
عندما أشارك في القدّاس الإلهي، أبدأ معه من أوّل شعرة في رأسه حتّى آخر خطوة من خطواته، قدّاسي إذًا يبدأ معه وينتهي معه.
والأرض كلّها جروح يُشفى منها كلّ من يكسر جرّة القيامة ويشرب خمرة السّماء، وهذه الخمرة مجد لا يُمنَح لأيّ كان، يُمنَح لكلّ من ينحني للمسيح ويصمت ليسمع كلامه، وبهذا الانحناء عظمة قليلون هم من يختبرونها.
أعرف المسيح قائدًا للأطفال، قائدًا للمعارك التي تحمينا من الفقر والدّمّ والعنجهيّة، أعرفه وأعشقه هكذا نتيجة "صبيناتي" التي عشتها من الأرز إلى وادي قنّوبين وفي كهوف وادي قاديشا في الصّيف والشّتاء والخريف والرّبيع.. صيف الكلام وشتاء المعرفة وخريف الذّاكرة وربيع المستقبل، بين الطّبيعة والرّياح والثّلج والصّخور، نتيجة نهوضي عند السّادسة صباحًا لقراءة الرّسالة في الكنيسة عند الآباء الكرمليّين، نتيجة دخولي مدرسة عينطورة والصّلاة صباحًا ظهرًا ومساء، نتيجة معرفتي برجال الدّين والرّاهبات، نتيجة مخاض حياتيّ جعلني أحبّ المسيح حبًّا أنقله أينما حللتُ وأبشّر به أينما كنتُ وأنقله في أعمالي إلى الجميع، وذلك بمشيئة يسوع وتدبيره هو وإلهامه الذي يعطي المرء حريّة، ففي المسيحيّة لا قمع بل مساندة من الله. المسيحيّة دين منفتح إذًا وفي الإنجيل كلام يصحّ في كلّ زمان وكلّ مكان وكلّ عصر ولا يتغيّر."