دينيّة
27 تشرين الأول 2016, 05:30

خاصّ- رهبانيّتان مارونيّتان من أصول حلبيّة

تمارا شقير
اختمر فيهم الإيمان ونضجوا بالخشوع، فسكبوه في الكؤوس وقدّموه رسالة مسيحيّة أسسوا من خلالها رهبانيّة لبنانيّة مارونيّة. إنّهم الرّهبان الموارنة الحلبيّين عبدالله قراعلي، جبرايل حوا، يوسف البتن وجبرايل فرحات.

"قدم هؤلاء من حلب إلى شمال لبنان ووطأوا أرض المقرّ البطريركي في دير سيدة قنوبين عام 1695 حيث قابلوا البطريرك اسطفان الدويهي وكشفوا له سرّ دعوتهم"، هذا ما أكّده رئيس دير مار انطونوس الخشباوي- غزير وأمين سرّ الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة سابقًا الأب كلود ندرا في حديث خاصّ مع موقع "نورنيوز" مضيفًا أنّ البطريرك دويهي قدّم للرهبان دير مارت مورا في إهدن ليتّخذوه مقرًّا للرئاسة العامة.

أسست اذًا الرّهبانيّة الحلبيّة في لبنان في تشرين الثاني/نوفمبر 1695 برئاسة المطران حوا يعاونه أربعة مدّبرين ورؤساء أديرة.

في العام 1699، استلم قراعلي الرئاسة إثر خلاف مع الرئيس السّابق حول تحديد غاية الرّهبانيّة، فـ حوا أرادها رسوليّة وطالب بانتخاب رئيس لمدى الحياة، في حين قرعلي أرادها ديريّة، منصرفة نحو عمل الرّسالة. وفي العام 1706، أطلق قراعلي عليها اسم "الرّهبانية اللبنانيّة" تماشيًا مع انطلاقة الرّهبانيّة في جبل لبنان. وفي العام 1716، ترّبع جبرايل فرحات على عرش الرّئاسة العامة بعد أن انتُخب قراعلي مطرانًا على أبرشيّة بيروت المارونيّة.

من جهة أخرى، يُخبر الأب ندرا موقعنا أنّه في عام 1770، وبموافقة الكرسيّ الرّسوليّ، انقسمت الرّهبانيّة إلى قسمين: الرّهبانيّة الحلبيّة أي الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة المريميّة فيما بعد، والرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة. وأضاف قائلاً إنّ "سبب الإنقسام هو الفارق الثقافيّ والفكريّ بين الرّهبان، فمنهم الجبليّ الفلّاح ومنهم الحلبيّ المثّقف". ويُذكر أنّ الرّهبانيتين تبعتا القانون الذي وضعه القراعلي وثبّته البابا كليمندوس الثاني عشر عام 1732.

وصف الأب ندرا الرّهبانيتين بـ"منبع القداسة" فالرّهبانيّة المريميّة رفعت دعوى تطويب الأب الحبيس أنطونيوس طربيه إلى روما، والرّهبانيّة المارونيّة تحتضن بدورها ثلاثة حبساء في دير مار قزحيا في قنوبين، وهم: الأب داريو اسكوبار، الأب يوحنا خوند، والأب بطرس رزق.

تتخذ اليوم الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة دير مار انطونيوس الخشباوي في غزير مقرًّا لها، أمّا الرهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة المريميّة فتتخذ دير سيدة اللويزة في جعيتا مركزًا لرئاستها العامّة.

أربعة رهبان قدموا من حلب، حملوا المسبحة في أيديهم والرجاء في عيونهم، فأسسوا رهبانيّة مارونيّة تجذّرت في الكنيسة اللبنانيّة وانبثقت عنها رهبانيّتان لا تزالان حتى يومنا تسيران على خطى مؤسّسيها وتحتضنان الموارنة تحت سقفٍ واحدٍ مقدّس رسوليّ.