خاصّ- راهبات حبيسات.. ورود كرمليّة
خفقت قلوب راهبات الكرمل محبّة ليسوع المسيح فاخترن الإختلاء به وتكريس حياتهنّ له، وها هنّ اليوم وكلّ يوم يعِشنَ حياة صلاة وتأمل وينفحنَ نسمة إيمان وخشوع على العالم الخارجيّ.
في لبنان، أُسست أديرة عديدة لراهبات الكرمل الحبيسات، كان أوّلها دير كرمل والدة الإله والوحدة في حريصا الّذي كان لموقع "نورنيوز" شرف زيارته مستطلعًا تاريخه العريق ونظام حياة الرّاهبات بدردشة خاصّة مع إحدى الرّاهبات الكرمليّات.
يعود الدّير إلى سنة 1962، يوم قرّر الرّئيس العام لجمعيّة المرسلين البولسيّين الأب بول الأشقر تأسيس دير كرمليّ للصّلاة من أجل الوحدة في لبنان، فبعد أن أقرّ الكاردينال الفرنسي تيسيران دعوة الكرمل الشّرقيّ - الصّلاة من أجل الوحدة - سمح المجمع الرّومانيّ في 13 كانون الثّانيّ/يناير 1961 بانتقال الرّاهبات المعنيّات من الطّائفة اللّاتينيّة إلى الطّائفة البيزنطيّة. وفي 24 آب/ أغسطس 1962 افتتح أوّل دير للرّاهبات الكرمليّات في لبنان.
روح مريم الجوهريّة تتجلى في الرّهبنة الكرمليّة إلى حدّ أنّ شخصيّة الرّهبنة المميّزة و تفاصيل حياتها تنصبّ على خدمة والدة الله، فمريم هي مثال لحياة كلّ كرمليّة.
تتنشّق راهبات الكرمل في دير حريصا رحيق الحبّ من عطر قداسة مريم العذراء ويرتشفن خمر المحبّة من إنسانيّتها وهنّ على مثالها مكرّسات لخدمة يسوع المسيح والإخوة المرسلين والصّلاة من أجلهم. فخلف الشّباك الّذي يفصلهن عن العالم الخارجيّ يعشن بصمت شبه تامّ مع يسوع المسيح والعذراء مُصليّات بإيمان وخشوع كبيرين من أجل الجميع، وتعتبر الرّاهبة الكرمليّة الّتي أجرى موقعنا حديثًا معها أنّ "كل ما تقوم به الرّاهبات لديه قيمة أبديّة لأنهنّ يعملن بإرادة الله ومشيئته".
حياة الرّاهبات تدفعهن إلى نفض غبار الخطيئة عنهنّ وتقديم سرّ التّوبة، فيبدأ نهارهنّ عند الـ4.50 صباحًا وينتهي حوالى الـ9.00 مساءً:
تستهل الرّاهبات نهارهنّ بالصّلاة الّتي تستمر حتى الـ8.00 ليتناولن من بعدها الفطور ويبدأن بالعمل الّذي يقتصرعلى كتابة الإيقونات وخياطة بدلات الكهنة أو الأعمال المنزليّة، وعند الـ10.55 من قبل الظهر يُقرع الجرس لتلاوة صلاة السّاعات، إما الثّالثة إما السّادسة، ويتليها فحص للضمير والغداء عند الـ12.00 ظهرًا. وبعد وجبة الغداء يَحينُ وقت الإستراحة الّتي تعتبر فائقة الأهميّة بالنسبة للقدّيسة تيريزيا الكبيرة الأفيليّة، فمن خلال تبادل الأحاديث مع بعضهنّ البعض، تكتشف الرّاهبة الحبيسة ذاتها ونقاط ضعفها، فتعمل بالتّاليّ على تطويرها، وتقول الرّاهبة الكرمليّة لموقعنا إنّ "معرفةالله ومعرفة الذّات أساسيّة لتأسيس الحياة الدّاخليّة كي تكون الصّلاة العقليّة صادقة".
ومن السّاعة الأولى حتى الثّانيّة، تدخل الرّاهبات في ساعة خلوة أو استراحة للرّاهبات المرضى تليها صلاة السّاعة التّاسعة وقراءة روحيّة. أما عند الـ3.00 من بعد الظهر، فتستكمل الرّاهبات عملهنّ قبل الإنصراف إلى صلاة الغروب والصّلاة الدّاخليّة، وحوالى الـ6.30 مساءً يتناولن العشاء ويذهبن إلى الإستراحة الثّانيّة. من ثم يتلون صلاة النّوم ويدخلن عند الـ8.50 في ساعة خلوة وصمت يرافقهن لليوم التّاليّ.
تصليّ الرّاهبات الحبيسات من أجل وحدة الكنيسة، فهنّ ورود كرمليّة مزروعة في الأديرة، منقطعة عن العالم من أجل العالم، فباركهنّ وامنحهنّ القوّة الكافيّة والإيمان الثّابت لإستكمال مسيرتهنّ الصّعبة والقاسيّة آمين.