دينيّة
18 تموز 2021, 07:00

خاصّ– بو عسّاف: ماذا ننتظر من يسوع المسيح؟

غلوريا بو خليل
"تتأمّل الكنيسة في زمن العنصرة في عمل الرّوح القدس في حياتها اليوميّة وحضوره الدّائم في صلب رسالتها والعضد الذي يعطيه لكلّ مؤمن يتفاعل مع هذا الرّوح السّاكن في كلّ معمّد. وكلمة الله في إنجيل اليوم هي بمثابة وصيّة المسيح المرسل لكنيسته المرسلة حتّى يكون برنامجها الرّسوليّ وعملها مطابقين لبرنامجه وعمله، ولكي يكون الرّوح القدس هو أساس ومبدأ ووسيلة كلّ رسالة وعمل تقوم به الكنيسة حتّى نهاية العالم." بهذه الكلمات استهلّ خادم رعيّة مار يوسف شحتول الخوري طوني بو عسّاف كلمته الرّوحيّة لموقعنا في الأحد التّاسع من زمن العنصرة للقدّيس لوقا (4 / 14 – 21) المعنون "برنامج الرّسول".

وتابع مستكملًا المشهد قائلًا: "كانت بداية يسوع في النّاصرة حيث عاش حوالي ثلاثين سنة وكان ينمو "بالحكمة والقامة والنّعمة أمام الله والنّاس"، وحضور يسوع بين أهله وأقربائه وأهل بلدته كان حضورًا لافتًا نظرًا لتعدّد مواهبه والتزامه كمؤمن بالصّلاة والإصغاء لكلمة الله. ولا شكّ في أنّ أهل النّاصرة علّقوا آمالًا كبيرة عليه ليرفع شأن بلدتهم التي اشتهرت بأنّ "لا شيء صاح يخرج منها". فرسم هؤلاء صورة عن يسوع وحلمًا كانوا ينتظرونه ليتحقّق. ولكنّ يسوع في عودته إلى النّاصرة بعد جولة على المدن والقرى المجاورة ومن بعد المجد الذي ناله من الجميع، يرجع كعادته يوم السّبت ويدخل إلى المجمع حيث أُعطي سفرًا ليقرأ ويفسّر: روح الرّبّ عليّ مسحني لأبشر الفقراء وأرسلني لأعلن للمأسورين تخلية سبيلهم وللعميان عودة البصر، وأفرج عن المظلومين وأعلن سنة رضى عند الرّبّ"."

وإستطرد: "ولكن كما يقول المثل اللّبنانيّ "كلام ما بيطعمي خبز"، حيث الفقراء ما زالوا في فقرهم، والمأسورين يزدادون في سجون الاحتلال الرّومانيّ، والعميان ما زالوا على قارعة الطّريق والمظلومين حدّث ولا حرج. كما يقول الكثيرون منّا في واقعنا اللّبنانيّ الأليم حيث الجميع ينتظر الجديد، لا يهمّه الكلام ولكنّه ينتظر الجديد الذي يخلّص. الكلّ ينتظر ما الجديد الذي يقدّمه المسيح. وهنا المفاجأة، فيسوع يعلن "اليوم تمّت هذه الآية بمسمع منكم"، نعم بقوّة وبنعمة الرّوح القدس ستتحقّق هذه الآية وستكون برنامج يسوع الرّسوليّ الذي يقوده من الجليل إلى أورشليم. ومن أجل تحقيق هذا البرنامج سيصبح يسوع بدوره الفقير والمأسور والمظلوم. هذا البرنامج فيه كلّ شيء ما عدا المجد الأرضيّ والبشريّ والنّجاح والازدهار للبلدة التي ينتمي إليها، فيه بذل الذّات والاضطهاد. لذلك كان خيبة أمل فكانت النّتيجة رفض يسوع وبالتّالي رفض برنامجه الرّسوليّ. ونحن ماذا ننتظر من يسوع المسيح؟ عمّا نفتّش؟"

وإستكمل مؤكّدًا: "لا نستطيع فهم دعوتنا الحقيقيّة ورسالتنا إلّا إذا عرفنا أن نكون على مثال المسيح لذلك عندما يُظهر لي الرّبّ دعوتي الحقيقيّة عندها إمّا أقبل وأتفاعل مع الدّعوة، إمّا أرفض وبرفضي له أرفض برنامجه الرّسوليّ وإرادته لأنّي أجاوب فقط على تطلّعاتي وأحلامي القائمة على مجد أرضيّ وسلطة فارغة وكبرياء. البرنامج الرّسوليّ الذي حقّقه يسوع هو برنامج كلّ رسول وتلميذ حقيقيّ ليسوع. كم من الفقراء، الفقراء بالرّوح، ينتظرون حضورنا ليغتنوا بنعمة الله وكلمته ليتحرّروا من الكلام الفارغ. كم من المأسورين بالخطيئة وهموم العالم الذين اختبروا خيل الشّيطان وغاصوا في ملذّات الدّنيا وشهواتها واكتشفوا أنّهم مكبّلون بعادات وسيّئات الدّنيا ومشاغلها، وينتظرون مساعدة منّا للتّحرّر من نير العبوديّة. كم من العميان الذين ضلّوا الطّريق يستعطون العاطفة والتّقدير والصّداقات السّطحيّة وينتظرون أن نقودهم إلى الطّريق الصّحيح فيعرفوا المسيح وينير ظلماتهم."

وإختتم الخوري بو عسّاف بكلمة توجيهيّة مشدّدًا على أنّ "رسالتنا اليوم مهمّة جدًّا ودعوتنا أن نكون كما سمعنا في رسالة اليوم من القدّيس بولس "نحن سفراء المسيح" والسّفير هو من يمثّل بلده خير تمثيل. إذا كنّا سفراء المسيح فنحن استمراريّة عمل المسيح على الأرض لذلك مسؤوليّتنا كبيرة، فنلتزم ببرنامج رسوليّ واضح إلى جانب شعبنا ونتفاعل مع نعمة الرّوح القدس لنصل إلى تحقيق مشروع الله الخلاصيّ. آمين".