دينيّة
17 تشرين الأول 2018, 07:00

خاصّ- الطّفلة ليا لمار شربل: إذا بدك فيك تشفيني!

ريتا كرم
وقفت أمام صورته في محبسته وبكت، خاطبته ببراءتها لاجئة إلى شفاعة "جدّو" شربل، وكانت الأعجوبة الحادية والعشرين بعد عيده.

 

هي الطّفلة ليا حنّون، إبنة السّتة أعوام، تعرّضت لسقطة على جبينها بعد أن ضرب بها من الخلف طفل كان يركض مسرعًا في ملعب المدرسة، ما أدّى إلى سقوطها أرضًا وتورّم جبينها. الضّربة لم تمرّ على خير تقول الوالدة ريما في حديث خاصّ لموقع "نورنيوز" الإخباريّ! بل بعد مرور شهر ونصف، لاحظ معلّموها في المدرسة أنّ سمعها يتراجع فنصحوا الأهل باستشارة الطّبيب. وهكذا كان! وبعد جولة على عدد من الأطبّاء، استقرّ خيار الأهل على الاختصاصيّ في الأذن والأنف والحنجرة د. سيمون الرّاسي الّذي كشف تشوّهًا خلقيًّا في الأذن اليسرى ما جعل قدرتها على السّمع فيها بنسبة 70% فقط، في حين كانت أذنها اليمنى سليمة. هذا التشوّه ما كان ليؤثّر على سمع ليا لولا تعرّضها لهذه الحادثة، ولم يكن الأهل ليكتشفوا وجوده. ونتيجة لذلك، نصح الطّبيب الأهل بوضع سمّاعة أذن لتغطّي الـ30%، مع الوقاية من عدم التّعرّض لأيّ حادثة وضربة على الرّأس، ومعاودة التّخطيط كلّ ستّة أشهر. 

لم تنته قصّة ليا هنا! بل في فصل الرّبيع الماضي وفيما كان الزّمن فصحيًّا، طرأت مشكلة على أذنها اليمنى إذ أضحت ليا تسمع طنينًا أفقدها قدرتها على السّمع بشكل سليم، فلجأت العائلة إلى الطّبيب الّذي كشف عبر تخطيط عدم وجود تمييز لأيّ صوت كان! وكان ذلك نبأ وقع كالصّاعقة على العائلة كما على الطّبيب: الأذن انطفأت وما من حلّ إلّا باللّجوء إلى زراعة قوقعة.

صدمة وحزن كبيران تغلغلا في قلب الأبوين، بخاصّة في قلب ريما الّتي راحت تناجي القدّيس شربل مسلّمة أمر ليا له، سائلة إيّاه أن يرافق ابنتها ويلازم عائلتها في هذه المرحلة الصّعبة والدّقيقة، طالبة منه إشارة يطمئن قلبها، ملتفتة إلى زوجها ضاربة وإيّاه موعد لزيارة عنّايا في اليوم التّالي. 

في طريق العودة إلى المنزل، صادفت العائلة متسوّلًا على الطّريق قدّم لهما صورتين للقدّيس شربل، رأت فيهما ريما علامة، فاحتفظت بواحدة في السّيارة ووضعت الثّانية تحت وسادة ليا، كما دهنت أذن ابنتها بزيت شربل المقدّس.

في اليوم التّالي، قصد الجميع دير مار مارون- عنّايا. وفيما كانت ريما جاثية أمام ضريح شربل والدّموع تنهمر من عينيها، سمعت صوتًا داخليًّا يقول لها: "ما تخافي ليا ما رح تعمل عمليّة"، فكانت تلك الإشارة الثّانية.

أمّا الثّالثة فكانت في حلم الوالد جورج الّذي سمع صوتًا يأمره أن يتوجّه إلى خارج المنزل، فلبّى جورج الأمر، وكان الظّلام حالكًا في الخارج، وإذا به يرى رجلاً يتّجه نحوه بلحيته البيضاء وثوبه الأسود، وهو يحمل بيد إنجيلاً وبالأخرى سراجًا، يمرّ من أمامه ويختفي بثوانٍ.

وبعد هذا الحلم، قرّر الوالدان زيارة المحبسة وكانت السّاعة تشير إلى التّاسعة والنّصف ليلاً، فقصداها بإصرار، ودخلاها برفقة ليا بإيمان كبير حيث وقفت الابنة أمام صورة مار شربل وصلّت وبكت وقالت لشفيعها: "إذا بدك فيك تشفيني!".

أفرغت العائلة كلّ تضّرعاتها بين جدران المحبسة وخرجت عائدة. وما أن أفلوا حتّى أقفلت المحبسة أبوابها، فكانت تلك إشارة جديدة يبثّها حبيس عنّايا.

وبعد العودة إلى المنزل، وضعت ريما قطرة من زيت مار شربل في أذن ابنتها متخلّية عن خوفها، منتظرة وزوجها أن يروا طيف مار شربل يضع يده على أذن ابنتيهما محقّقًا الأعجوبة المرجوّة.

في 11 آب/ أغسطس، وفيما كانت العائلة تلبّي دعوة إلى سهرة اجتماعيّة، شعرت ليا بانزعاج وراحت تصرخ بسبب أصوات مزعجة في أذنيها، فما كان من العائلة إلّا أن انسحبت من السّهرة متعجّبة من الحالة المستجدّة.

مرّت الأيّام، واقترب موعد العمليّة، فقصد آل حنّون د. الرّاسي، وبعد أن أعطاها كلّ التّعليمات لأجل العمليّة، طلبت الأمّ أن يُعاد التّخطيط، فكان ما أرادته.

وسط الدّهشة والتّأثّر، كشف التّخطيط أنّ ليا قد استعادت سمعها، وأنّ الزّيت المقدّس فعل فعله ومار شربل حقّق أمنية ليا، وأعاد أذنها إلى الحياة، ووضع الطّبّ أمام ذهول كبير، ذهول جزم أنّ ما حصل هو أعجوبة تمّت بقدرة إلهيّة، وما من حاجة لأيّ عمليّة!

هكذا، بإيمانها الكبير والثّابت، شهدت عائلة حنّون على أعجوبة شفاء جديدة تمّت بشفاعة القدّيس شربل، أعجوبة دوّنتها في سجلّات دير مار مارون- عنّايا، في اليوم التّالي، أيّ في 4 أيلول/ سبتمبر 2018.