دينيّة
29 حزيران 2017, 12:30

خاصّ- "الرّوح القدس" تُخرّج "عريس السّما"

تمارا شقير
لم تكتف رصاصة الغدر في إصابة رأس روي حاموش مسبّبة في تركه جثّة هامدة على طريق جلّ الدّيب، بل انغرست عميقًا في قلب أهله لتُطفئ شرارة الحياة والفرح والأمل مشعلةً نار الغضب والحسرة إلى الأبد.

 

بهمجيّة قرّر الفلتان الأمنيّ في لبنان أن يُصوّب طلقات الزّعران النّاريّة على قطار حياة روي ومستقبله لتعترض مشواره الطّويل في المحطة الثّالثة والعشرين مسبّبة بانحرافه صوب هاوية الموت.

ولكن، لم يضع هذا الفلتان نهاية لروي، فمن قطف هذه الوردة من بستان الشّباب زرعها في حقول السّماء المثمرة، ومن خطف مهندسًا لامعًا من ساحات العمل والنّجاح توَّجَهُ عريسًا في البيت السّماويّ، ومن حرمه من فرحة رمي قبّعة التّخرّج في احتفال جامعة الرّوح القدس- الكسليك كلّله بهالة مقدّسة رفعته ملاكًا بين أحضان العذراء والقدّيسين.

قضيّة روي لم تفجع عائلته فحسب بل شظايا الظّلم نخرت قلوب مجتمع كامل طالب بمحاكمة قاتل روي علّه يشفي غليل العدالة. وها هم اليوم رفاقه وأساتذته يتّحدون بالصّلاة لراحة نفس روي في قدّاس إلهيّ ترأسه رئيس جامعة الرّوح القدس- الكسليك الأب البروفيسور جورج حبيقة في كنيسة الجامعة.

في أجواء من الصّلاة والخشوع والحزن، ألقى الأب حبيقة عظةً قال فيها إنّ "الّذي جمعنا اليوم في كنيسة الرّوح القدس في عيد الرّسولين بطرس وبولس هو ذكرى الرّحيل المأساويّ للصّديق والحبيب روي حاموش، التّلميذ الّذي تميّز بالصّفات الإنسانيّة والرّوحيّة، الّذي كان يعيش حالة استنفار روحيّ دائم".

وأضاف الأب حبيقة أنّ "روي أراد التّفاهم بالكلمة والحوار في حين أنّ المجرم فضّل اللّجوء إلى العنف"، مشيرًا إلى أنّ "الحوار يحلّ كلّ المشاكل ويزرع الفرح والسّلام".

 وأردف أنّ "اللّجوء إلى العنف يعني هزيمة الإنسانيّة، فالمجرم ينتمي إلى ثقافة الموت وهو ضحيّة ذاته، وتربيته وثقافته"، مشدّدًا على أنّ "الاتّحاد بالمسيح هو الحلّ لمواجهة العنف العبثيّ". وأضاف أنّ "المجرم لم يحقّق أيّ إنجاز، لم يغيّر مبادئ أو قيم روي، بل قتل الجسد فحسب".

من جهة أخرى، أكّد الأب حبيقة أنّ "روي ليس بحاجة إلى الصّلاة، فبمجرّد النّظر إلى صورته يغمرنا سلام وفرح داخليّ، لذا فلنصلّي اليوم على نيّة المجرم لأنّه هو الضّحيّة".

وفي ختام عظته، أعلن الأب حبيقة أنّ الجامعة قرّرت منح الفوج المتخرّج لعام 2017 اسم "روي حاموش" تخليدًا لذكرى روي حاموش، وسلّم شهادة روي الجامعيّة إلى أهله.

وبعد البركة الختاميّة بحسرة ووجع قلب، ألقت الطّالبة ساندي حويّك كلمة باسم أصدقاء روي قالت فيها: "بس كنّا نجتمع مع روي، كنّا نضحك وندرس ونتسلّا ويروح كلّ التّعصيب. كان كلّ ما نقرّر ما نحضر الصّفّ يقلنا روي "يلّا كلّ واحد على صفّو.. عنّا شغل الله". إيّامنا مع روي كانو كتير حلوين، كلّن ضحك وفرح، وخلينا عطول نتذكر روي بضحكة، وأنا أكيدة إنو عم يسمعني وعم ترجعلو كلّ الذّكريات".

دموع رفاق روي كانت أصدق من كلّ الكلمات والتّعابير، فهو رحل من هذه الدّنيا الفانيّة والتقى المسيح في دنيا الحقّ تاركًا بين أيادينا رسالةً سامية نطالب من خلالها حماية كلّ مواطن من تقصير الدّولة في مواجهة التّفلّت والفساد، عسى أن يكون آخر ضحيّة تُبكي لبنان.