دينيّة
09 حزيران 2019, 07:00

خاصّ- "الألسنة في عالمنا تعدّدت، ولكن التّفاهم تعذّر"

غلوريا بو خليل
بعد خمسين يومًا من عيد الفصح، تحتفل الكنيسة اليوم بعيد العنصرة. ما هو هذا الحدث الاستثنائيّ وما معناه؟ أسئلة أجاب عنها راعي كنيسة القدّيسة ريتا في سنّ الفيل الأب جان بول أبو غزالة في حديث خاصّ لموقع "نورنيوز" الإخباريّ شرح خلاله إنجيل يوحنا (14 / 15 - 20).

"كما في علّيّة النّاصرة كذلك في علّيّة صهيون، ها هو الرّوح القدس يحلّ على التّلاميذ ومعهم أمّنا مريم العذراء ليبدّل كلّ شيء، ويفتتح إنطلاقة الكنيسة بحضور مريم كما افتتح هذا الرّوح عينه عمله الخلاصيّ في علّيّة النّاصرة ليولد يسوع عمّانوئيل "إلهنا معنا"، كذلك بحلوله سوف تولد الكنيسة ويبقى المسيح عريسها السّماويّ معنا من خلالها وبها وفيها، فتكون علامة حضوره في هذه الأرض." بهذه الكلمات استهلّ الأب أبو غزالة حديثه وأكمل قائلًا: "في عيد العنصرة، يجتمع كلّ ذكر من اليهود من كلّ بقاع الأرض ويأتون إلى هيكل أورشليم. وحسب المفهوم اليهوديّ، يشير هذا العيد إلى ذكرى إعطاء التّوراة لموسى وإبرام العهد بين الله وشعبه في سيناء. وفي المسيحيّة، فإنَّ هذا اليوم أيضًاً هو اليوم الخمسون بعد قيامة المسيح من بين الأموات."

وعن معنى كلمة عنصرة شرح الأب أبو غزالة موضحًا: "أمّا كلمة عنصرة فهي لفظة عبرانيّة قديمة "عَصَرة" ومعناها "إجتماع". وفيما كان اليهود مجتمعين في أورشليم من كلّ حدب وصوب، والرّسل مجتمعين للصّلاة معًا في علّيّة صهيون، هيكل الله الجديد، كنيسته، هبّت ريحٌ عاصفة، روح العنصرة، التي تسعى إلى جمع الكلّ في اتّحاد واحد، لا يفصل بينهم حواجز اللّغات، ولا تضارب الغايات، بل تحقّق التّفاهم وتعزِّز الوحدة والتّآخي فيما بينهم. فروح الله هو ينبوع كلّ محبّة في كلّ إنسان لأنّه يجعله لله إبنًاً أو ابنة."

وتابع كاهن رعيّة القدّيسة ريتا قائلًا: "في التّقليد المسيحيّ هناك مقارنة بين حدث "برج بابل" وحادثة "علّيّة صهيون"، "البرج" سقط أمّا "العلّيّة" فارتفعت عاليًا لترفعنا جميعًا إلى السّماء، بين "تبلبل الألسنة واللّغات"، وبين "أن يفهم كلّ واحد بلغّته الخاصّة كلامهم"."

وإختتم الأب أبو غزالة كلمته التّعليميّة واضعًا يده على جرح عصرنا مناجيًا: "ما أحوجنا إلى عنصرة جديدة في عالمنا اليوم، تنقلنا من حالة التّمزّق والتّنازع، إلى حالة التّفاهم والتّلاقي والحوار. فالألسنة في عالمنا تعدّدت كثيرًا، ولكن التّفاهم تعذّر أيضًا، فتضاربت اللّغات، وأصبحنا بحاجة إلى لغّة واحدة، لغّة المحبّة، لغّة الرّوح القدس، لنتفاهم ونتعاضد. فعطيّة الرّوح القدس هي عطيّة العطايا للكنيسة. تمامًا كما قال البطريرك أثيناغوراس عن دور الرّوح القدس وأهميّته: "بدون الرّوح القدس يبقى الله بعيدًا، والمسيح يبقى في الماضي، والإنجيل حرف ميت، والكنيسة مؤسّسة كاذبة، والسّلطة تسلّط، والرّسالة دعاية، والعبادة ذكرى". فكم نحن بحاجة إليك أيّها الرّوح القدس لتطلقنا في العالم من الجمود إلى الانتشار، فيتجدّد وجه الأرض."