دينيّة
12 آب 2014, 21:00

ايقونة رقاد سيدتنا والدة الإله العذراء (نقلاً عن حركة الشبيبة الارثوذكسية)

نجد في كنيسة دير سيدة البلمند واحدة من أروع الأيقونات الأرثوذكسية التي تكتب لنا حدث رقاد السيدة العذراء. وهي مميزة جداً لأسباب عدة منها: جاذبية ألوانها المنتقاة، وروح التفصيل التي تظهر فيها، حيث لدينا أيقونة واحدة تشمل كل الأحداث، وما هذا إلا لأن الرسامين الحلبيين أحبوا الأسلوب السردي الروائي. فَتَحْت سماء واحدة تتتالى حوادث عدة: فالرسل محمولون على السحب، والعذراء راقدة وأمامها السيد حوله الملائكة، ومن جهة أخرى تسجى العذراء في القبر، ثم في الأعلى نرى العذراء تسلم الرسول توما الزنار.

هذه الأيقونة إذاً غنية بعناصر نادراً ما نجدها في غيرها من أيقونات الرقاد، فمثلاً من غير الوارد أن نرى رسماً للعذراء وهي تدفن، وهذا مشهد لا نقرأه او نشاهده إلا هنا، بالإضافة إلى وجود أشخاص من غير المعتاد وجودهم في أيقونة الرقاد. وكل هذا لإغناء الأيقونة وإعطائها رونقاً مميزاً عن غيرها.

 العذراء في وسط الايقونة مسجاة على ما يشبه السرير وأسفله مزين بطريقة جميلة، وعليه شرشف أحمر، والوسادة حمراء. جسد مريم منحنٍ يعكف على الناظر بكثير من الرقة. ويبدو على وجهها السلام والهدوء وكأنها نائمة. يداها موضوعتان بشكل صليب، وهي ترتدي ثوباً بنياً (دلالة على الطبيعة البشرية الفانية) ورداء مذهباً (دلالة على الطبيعة الإلهية).

يظهر السيد منتصباً في وسط الأيقونة، جسده محاط بهالة بهية من النور الأزليّ ذات خلفية داكنة اللون وتعلوها كتابة IC XC باليونانية اي يسوع المسيح. نرى السيد مرتدياً ثوباً ذهبياً يغطي كامل الجسد مع اليدين، اللتين يحمل بهما طفلاً صغيراً ملفوفاً بالبياض، ويشع منه النور، انها مريم العذراء وها هي تولد من جديد في السماء على يدي ولدها وسيّدها وربّها.

تحتفّ حول الربّ من كلا الجانبين ملائكة. يحمل الملاكان الأولان شعلة، ويليهما ملاكان يضعان يديهما على صدرهما بشكل صليب ويرتديان الثياب المذهبة. ونرى أربع ملائكة آخرين من كل جهة يحتفّون حول الرب ويشيرون اليه بأيديهم، وعلى رأس كل ملاك شعلة حمراء صغيرة.

 نرى عن يمين ويسار والدة الإله نرى عشر رسلٍ تغطي ملامح الحزن وجوههم.

 1. يقف بطرس أمام رأس السيدة العذراء حاملاً بيده مبخرة.
2. فيليبس الرسول.
3. ديونيسيوس الأريوباغي يحمل بيده كتاب مكتوب عليه العربية: "السلام عليك ايتها المنتقلة من الارض الى المنازل السماوية. ارتحلي السلام عليك يا من جمعت موكب التلاميذ بسحابة خفيفة إلى مجمع واحد السلام عليك يا رجاء خلاصنا".
4. يعقوب أخو الرب وكلاهما يرتديان ثياباً كهنوتية.
5. برنابا الرسول.
6. مرقص الإنجيلي.
7. برتلماوس الرسول.
8. تداوس الرسول.
9. لوقا الإنجيلي.
10. يعقوب .
1. الإنجيلي يوحنا منحن على قدمي العذراء وبيده مبخرة، وكأنه يقبل نعشها بحزن عميق.
2. بولس الرسول وبيده ورقة مفتوحة مكتوب عليها ما يلي: "افرحي يا ام الحياة يا سبب انذاري لانني وان كنت ما عاينت المسيح بالجسد الا انني اذا ابصرتك اتوهّم انني انظره هو".
3. أونيسيموس،
4. أندراوس يحمل بيده رسالة ملفوفة.
5. يعقوب.
6. أياروتاوس: يرتدي ثياب كهنة وبيده كتاب مفتوح مكتوب عليه: "أيتها العذراء التي سكن فيها حياة الكل إنني ابصرتك جهراً ممددة اليدين…المنكبين …وانذهل يا طاهرة نقية".
7. متى الإنجيلي.
8. تيطس الرسول.
9. سيمن.
10. طيمن. بالإضافة إلى نسوة ثلاث في موازاة مع النسوة في الجهة اليمنى، اللواتي يضعن ايديهنّ المغطاة بالرداء على وجوهِهنّ.


في أعلى الأيقونة نرى الهيكل، ومن جهة اليسار هناك صخرة وعليها بناء صغير مكتوب فوقه بالخط العربي "الجسمانيةوتظهر داخل التابوت العذراء ملفوفة بالأقمطة، وهناك اثنان من أسفل التابوت يحملان الغطاء، وثلاثة رسل من جهة وخمسة من الجهة الأخرى يحاولون تسجية العذراء.

أما من فوق: فهناك ملاكان وكأنهما يفتحان أبواب السماوات لاستقبال العذراء، وداخل هذه البوابة أنصاف دوائر، وعلى يمينها الشمس ويسارها القمر، ولهما شكل وجه.
في الوسط تحتل العذراء ايضاً المكان البارز، فهي ترتدي ثوباً مذهباً ورداءً أحمر وعليه ثلاثة نجوم. ونراها تمدّ يدها اليمنى لتعطي الزنار المقدّس للرسول توما، وهناك 12 سحابة صغيرة موزعة بشكل متقابل، وكل سحابة تحمل أحد الرسل.


العهد الجديد:
لم يقدّم لنا العهد الجديد معلومات مميزة عن طفولة العذراء أو عن حياتها الخاصة فالإنجيليون لم يتكلموا عن العذراء إلاَّ بقدر ارتباطها بالمسيح. أمَّا حوادث حياتها التي لا تتعلق مباشرة بالعذراء فقد أهملت، لكنها وردت في بعض كتب الأبوكريفا مثل إنجيل يعقوب، إنجيل متى المنحول، إنجيل توما، قصة يوسف النجار، كتاب انتقال الكلية القداسة مريم. ومن خلال المعلومات الواردة في هذه الكتب نستطيع أن نميز بعض الأمور الظاهرة في الأيقونة.

مكان الدفن:
حسب تقليد كنيستنا الأرثوذكسية فإن رقاد والدة الإله قد تمّ في الخامس عشر من شهر آب. وأن العذراء كانت تذهب إلى أسفل جبل الزيتون عند بستان الجسماني الذي تمتلكه عائلة زبدى وكانت تسجد هناك وتروّي الأرض بدموعها وتقدّم صلوات حارة، وأنه عند اقتراب انتهاء إقامتها المؤقتة على الأرض استلمت تعزية من ملاك الرب عندما كشف لها عن قُرب مغادرتها إلى السماء: أنّ الملاك جبرائيل قد بشرها قائلاً: “هذا ما يقوله ابنك. إن الأيام التي سأحضرك بها إليَّ قد قربت لأنك ستنتقلين بعد ثلاثة أيام إلى الحياة الخالدة". ويذكر أن العذراء عاشت حوالي خمسة وستين سنة على الأرض وأن رقاد والدة الإله قد تمّ في أورشليم، وأنها أوصت أن يُدفن جسدها الطاهر عند جبل الزيتون في بستان الجسمانية حيث دفن أبواها يواكيم وحنة وخطيبها القديس يوسف. من هنا نعرف لماذ تمَّ الدفن في الجسمانية.

وجود النسوة:
ويُذكر أن العذراء توجهت إلى بيت لحم بناء على ضغط اليهود، ويذكر النص أن العذراء جمعت قربها كلَّ نساء الجوار وقالت لهن "السلام عليكنّ يا أخواتي، أريد الذهاب إلى بيت لحم والإقامة في منزلي هناك لأن اليهود منعوني من الذهاب للصلاة قرب القبر وعلى الجلجثة خوفاً من أن يقوم صخب بسببي فإذا أرادت إحداكن الذهاب معي فلتأتي لأنني أثق بالرب الذي في السماء والذي يحقق مواعيده. ثم يذكر النص أن “ثلاث عذارى قديسات ذهبن معها وكن يخدمنها..". وفي قصة نياح مريم يُذكر حضور حواء الأم الأولى، وحنة أم العذراء، وأليصابات أم يوحنا. كل هذا الكلام قد يوضح لنا لماذا هناك نسوة.

مجيء الرسل على السحب:
يذكر التقليد في كنيستنا أن والدة الإله طلبت أن تشاهد التلاميذ القديسين الذين كانوا منتشرين في العالم يبشرون بالإنجيل قبل رحيلها عن هذا العالم لتودعهم. وأنها أخبرت يوحنا الحبيب بقرب رحيلها، وأن يوحنا الحبيب أخبر يعقوب أخو الرب، ويعقوب أخبر جميع المؤمنين في أورشليم وضواحيها فأتت جموع كثيرة من المؤمنين وتجمعوا حول والدة الإله. فسُمع فجأة ضجيج كالرعد وسحابة منيرة أحاطت في البيت. وخُطف، بأمر الله، الرسل المنتشرون في أنحاء العالم وأُحضروا جميعهم إلى أورشليم عدا الرسول توما، وأُقفوا أمام باب البيت الذي تقيم فيه والدة الإله. وعلى هذا نقرأ في كتاب الميناون في صلاة المساء ما يلي:" إن الرسل المتوشحين بالله قد جُذبوا من كل الجهات مرتقين على السحب بالإشارة الإلهية ".

أيضاً اكسابستلاري باللحن الثالث في سحر العيد:
"أيها الرسل اجتمعوا من الأقطار، إلى هنا في قرية الجسمانية، وأضجعوا جسدي، وأنت تقبّل روحي. يا ابني وإلهي".

الرجل المقطوع الأيدي:
يذكر التقليد أنه بعد رقاد والدة الإله وأثناء نقل جسد والدة الإله من صهيون مارين بأورشليم إلى الجسمانية أنه رافقت الموكب سحابة مستديرة في شبه إكليل كانت تشع نوراً بهياً وكثير من اليهود الذين لم يؤمنوا