دينيّة
22 تموز 2019, 07:00

القدّيس نوهرا.. نور واسم على مسمّى

ريتا كرم
"إن شئت أن تكون كاملاً إمضِ فبعْ مقتناك واعطه للمساكين فيكون لك كنز في السّماء وتعال اتبعني".. هي الآية 21 في إنجيل متّى 19، آية امتثل لها قدّيس اليوم "نوهرا"، أيّ "النّور" بالسّريانيّة.

 

غرف نوهرا من نبع التّقوى والعلم والأدب منذ كان طفلاً. انتقل ووالداه من الوثنيّة إلى المسيحيّة بعد أن اكتشف روعة الإيمان الحقيقيّ، فزهد بالدّنيا وما فيها موزّعًا على المحتاجين كلّ ما ورثه عن والديه بعد وفاتهما وهو لا يزال في الثّانية عشرة من العمر، مرتقيًا السّلّم الكهنوتيّ، منصرفًا إلى الحياة النّسكيّة.

في عزلته، انكبّ على التّأمّل والصّلاة والصّمت ودراسة الكتب المقدّسة. اقتات من الخبز اليابس والأعشاب الخضراء، ولم يقترب من النّار البتّة مهما اشتدّت برودة الطّقس.

اشتهر القدّيس نوهرا بأعماله الخيريّة وبتعاليمه الرّوحيّة، إذ جال مبشّرًا بالإنجيل، هاديًا وثنيّين إلى المسيحيّة، داحضًا الهرطقات، صانعًا باسم يسوع المسيح الأعاجيب، مثبّتًا المسيحيّيّن في إيمانهم إزاء الاضطهاد في أيّام الملك الطّاغي مكسيميانوس. مسيرته الرّسوليّة هذه جعلته "منارة بعلومه وفضائله ومثله"، ونورًا للعقول المظلمة، فكان اسمًا على مسمّى.

لم يسلم نوهرا من التّهديد والسّجن لأنّه لم يرض السّجود للأصنام، فوُضع في خشبة فيها 4 ثقوب، بسببها تخلّعت رجلاه وتكسّرت أضلاعه، وطُرح في السّجن مع رفاقه مدّة 14 يومًا. هناك بقي صبورًا، صامدًا متمسّكًا بربّ الأرباب، معرّفًا عن أصله ونسبه وموطنه بعبارة: "أنا مسيحيّ".

هذه الهويّة كانت كفيلة أن تلبسه إكليل الشّهادة بعد أن قُطع رأسه، وترسّخ اسمه في السّماء الّتي اختارها.

اليوم، فيما تحتفل الكنيسة بعيد الشّهيد نوهرا شفيع البصر، نصلّي بشفاعته كي يفيض الله علينا نوره فنختار هديه وتعاليمه، وتستعيد عيوننا المغمضة البصر لترى وجه الله، وقلوبنا البصيرة لتجعله سيّدًا وحيدًا عليها الآن وإلى الأبد، آمين!