دينيّة
27 أيار 2024, 09:00

الطوباويّ كارلو أكوتيس، نموذجٌ للشباب في نهج القداسة

تيلي لوميار/ نورسات
رغبة كل إنسان مؤمن أن يبلغ القداسة أو على الأقلّ، أن يعيش دعوة الله له " كونوا قدّيسين". القداسة هي هدف حياة المؤمن، وهي لا تنحصر في فئة معيّنة أو في مكانة معيّنة، أو في فئةٍ عمريّةٍ معيَّنة إنّما هي متاحةٌ لكلّ من أراد أن يكون في الحقيقة، على صورة الله ومثاله، وهي، لزامًا، تمرّ من خلال العمل بمشيئة الله.

 

منذ أيّام ليست ببعيدة اعتمد البابا فرنسيس معجزةً حدثت بشفاعة الطوباويّ الشاب كارلو أكوتيس وأصدر مرسومًا يفتح الباب أمام إعلانه قدّيسًا يُرفع على المذابح.  

ولد كارلو في 3 أيّار (مايو) في إنكلترّا سنة 1991، لمّا كان والداه في رحلة عمل، قبل أن يعودا إلى وطنهما إيطاليا|. أبصر كارلو النور في إسرة مسيحيّة ولو غير مواظبة بجدّية، لكنّه نما في علاقة مودّة وثيقة جدًّا مع يسوع تميّز بها في محيطه وأوصلته إلى القداسة.  

في 16 حزيران (يونيو) 1998، نال كارلو القربان الأقدس في صمت دير بيرناجا وهو في السابعة من عمره وعلى الرغم من صغر سنّه تمتّع مذّاك بنضوج ومستوىً رائع من الإيمان والتنشئة المسيحيّة وهذا بشهادة المونسنيور باسكوال ماتشي.

تلقّى كارلو دروسه في مراحل التعليم الابتدائيّ في مدرسة راهبات مارسيلين، والثانويّ على يد اليسوعيّين في مدرسة لاون الثالث عشر الثانويّة الكلاسيكيّة. كان شابًا حنونًا ومتألّقًا بالذكاء ملتهب القلب للقربان المقدّس الذي جعله غذاءه الحقيقيّ، وعنه قال "القربان الأقدس هو طريقي السريع إلى السماء".

مارس سرّ الاعتراف وعاش المصالحة والتزم بصلاة المسبحة والسجود أمام القربان متأمّلًا ومردّدًا أمام الشباب بالقول: "إذا وقفنا أمام الشمس، نحصل على تسمير البشرة… ولكن عندما نقف أمام يسوع في القربان الأقدس، نصبح قديسين".  

أخبرت أنطونيا أكوتيس، والدته، أنْ"عندما كنّا نسير في الطرقات وأمام الكنائس كان كارلو يصرّ على ألّا يتابع قبل دخول الكنيسة وإلقاء التحيّة على يسوع أمام القربان".

من جهة أخرى، أحبّ كارلو الأجهزة الإكترونيّة ووسائل التواصل الاجتماعيّ، وشغف بعلوم الكمبيوتر، وعلّم نفسه بنفسه، وأنشأ برامج إلكترونيّة لنقل الإنجيل وتوصيل القيم والجمال.

إستثمر، وبمعونة إلهيّة، حبّه للصلاة والتأمّل مع ولعه بعلوم الإنترنت وبرامجه ليجعل منهما نقطة جذب للآخرين ومساعدة لهم في التوجّه نحو الله، مكرٍّرًا أمام الناس أنّ الله قريب منّا.

وكان له رأيه في هذه التكنولوجيا، يحاكي ما نسمعه اليوم في أرفع الدوائر التي تتناول هذه المسألة الساخنة. ومن هذا المنظور استخدم وسائل الإعلام في خدمة الإنجيل وعرض معجزات الإفخارستيّا الرئيسة التي حدثت في العالم، والتي لجأ إليها أيضًا في تقديم التعليم المسيحيّ للأطفال.

أُصيب كارلو بمرض سرطان الدم وهو في عمر الخامسة عشر، تألّم شديد الألم لكنّه تحمّل المرض بصبر مقدِّمًا إيّاه لأجل الكنيسة والبابا والشباب وقال بثيبات "أريدُ أن أذهب مباشرة إلى السماء".  

في 12 تشرين الأوّل 2006، وعن عمر ناهز 15 عامًا، لفظ كارلو أكوتيس أنفاسه الأخيرة، في إيطاليا ودفن في أسّيزي بناءً على رغبته.

في 10 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2020، أعلنه البابا فرنسيس طوباويًّا جديدًا في كنيسة الله ‏بناءً على معجزة  شفاء صبيّ يبلغ من العمر 3 سنوات في البرازيل سنة 2013 وكان أظهر تشوّهًا في البنكرياس منذ ولادته.‏

وفي يوم 23 أيّار (مايو) 2024 تمّ نشر المرسوم الذي يخوّل الكنيسة إعلانَ قداسته بناءً على معجزة شفاء فتاة تبلغ من العمر 21 عامًا من كوستاريكا تدعى فاليريا فالفيردي، كانت على وشك الموت بعد إصابة رأسها بجروح خطيرة في حادث دراجة سنة 2022.

من المحتمل أن يتمّ الاحتفال بتقديس كارلو في شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) 2024، أو خلال عام اليوبيل  2025، الذي يتضمّن يوبيلًا خاصًا للشباب ويوبيلًا للمراهقين.‏