دينيّة
27 نيسان 2025, 07:00

الخوري روجيه كرم: لنتحوّل من توما المشكّك إلى توما المؤمن

تيلي لوميار/ نورسات
"إنجيل اليوم للقدّيس يوحنّا (20: 25-31) يحمل في طيّاته لقاءًا فريدًا بين يسوع القائم وتوما التّلميذ. هو لقاء الإيمان بعد الشّكّ، والنّور بعد ظلمة القلب." بهذه المقدّمة إستهل الكاهن المتفرّغ لصلاة الشّفاء في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم تأمّله في إنجيل هذا الأحد للقدّيس يوحنّا عن "ظهور يسوع للتّلاميذ وتوما معهم".

وتابع: "عندما سمع توما من الرّسل أنّهم رأوا الرّبّ، لم يصدّق. لم يكن توما كافرًا، بل كان صادقًا في عطشه إلى اختبارٍ شخصيّ. قال: "إن لم أضع إصبعي في أثر المسامير، ويدي في جنبه، لا أؤمن". هذا الإعلان لم يكن عنادًا، بل تعبيرًا عن رغبة في لمس الحقيقة، حقيقة الجسد القائم من بين الأموات.

وهنا تتجلّى رحمة المسيح، الذي لا يُقصي من يشكّ، بل يدعوه إلى لمس الجراح. يدخل يسوع الأبواب المغلقة، كما يدخل القلوب المغلقة، ويقول لتوما: "هات إصبعك... وضع يدك". في تلك اللّحظة، ينفجر توما من الدّاخل ويهتف: «ربّي وإلهي!». هتافٌ يلخّص مسيرة الرّوح الباحثة عن الحقيقة. قال بول كلوديل: "المسيحيّة لا تبدأ من الحجّة، بل من الجراح". أمّا القدّيس أوغسطينوس، فشدّد على أنّ "الإيمان هو تصديق ما لا نرى، ومكافأته أن نرى ما نؤمن به".

لكنّ يسوع لا يكتفي بإشباع عطش توما، بل يوجّه تطويبًا للأجيال: "طوبى للذين يؤمنون ولم يروا". هو نداء لكلّ من يفتّش عن المعنى في وسط ضجيج هذا العالم، لكل من يتعثّر في الظّلام ويصرخ: "يا ربّ، أَرني وجهك".

اليوم، يسألنا الرّبّ: هل نؤمن به فقط في ساعات النّور، أم نثبّت نظرنا عليه في ظلمة الشّكّ أيضًا؟ هل علاقتنا به مبنيّة على الظّهور، أم على شركة حيّة في الأسرار؟

الإيمان الذي وُلد من شكّ توما، هو إيمان متجذّر في الحضور الحيّ، يُولد من لقاء لا من إثبات، من لمس الجراح لا من رؤية العجائب. هو إيمان يُخرجنا من أنفسنا، ويدخل بنا إلى قلب الله.

حقًا، هذا اللّقاء ليس مجرد رواية إنجيليّة، بل دعوة دائمة: أن نتحوّل نحن أيضًا من توما المشكّك إلى توما المؤمن، فننشد مع الكنيسة: "ربي وإلهي!""