فنّ
23 تموز 2016, 05:30

افتتاح مهرجانات بعلبك الدّوليّة بمسرحية لكركلا في حضور رسمي

افتتحت مهرجانات بعلبك الدّوليّة موسمها لهذا الصيف، في الاحتفالية الخاصة بذكراها الستين لانطلاقتها، بالعمل المسرحي الغنائي الفولكلوري الراقص لفرقة كركلا "إبحار في الزمن"، على مدرجات معبد باخوس، في تظاهرة فنيّة جمعت مئة وثمانين من نخبة الفنّانين الّذين تمكّن كركلا من صهرهم في بوتقة فنه العالمي الرّاقي.

غصّت المدرّجات بما يقارب الثّلاثة آلاف مشاهد تقدمهم الرّئيس السيد حسين الحسيني، الرئيس فؤاد السنيورة، عقيلة رئيس مجلس الوزراء السيدة لمى سلام، وزير السياحة ميشال فرعون، وزير الثقافة روني عريجي، وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، النواب: إميل رحمة، مروان فارس وهنري حلو، محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، السيدة منى الهراوي، الوزيرة السابقة السيدة ليلى الصلح حمادة، الوزير السابق خليل الهراوي، رئيسة لجنة مهرجانات بعلبك الدولية السيدة نايلة دو فريج، رئيس مجلس إدارة تلفزيون لبنان طلال مقدسي، رئيس بلدية بعلبك حسين اللقيس ونائبه مصطفى صلح وأعضاء المجلس البلدي.

وتداخلت في مسرح كركلا الصّورة والأضواء مع الألحان التي انسابت إلى أجساد الراقصين فتماهى النّغم مع الحركة في مشهديّة زادت من عظمة الهياكل، وأنصت الحضور في مستهل العمل خاشعين لقصيدة هي أشبه بترنيمة تحاكي مجد بعلبك، كتبها في الأيّام الخوالي والد الفنّانين الكبيرين عبد الحليم وعمر كركلا وسجّلها بصوته الخالد الشاعر سعيد عقل الذي طالما كان رفيق وصديق وملهم المهرجانات.

وأيقظ النّسر المحلق في رحاب معابد بعلبك "جوبيتر" من سباته ليوصي "تيمور"، الذي لعب شخصيته الشاب الموهوب مجد عمر كركلا، بأن يضيء مجدداً شعلة حضارة كانت من مدينة الشمس تشع على الكون. ولم يغب العرس البعلبكي عن العمل مترافقاً مع صوت هادي خليل التّراثي، قبل القرار بانطلاق الرحلة من أرض طائر الفينيق إلى الحضارات الممتدة على طريق الحرير وما وراء البحار. فاستحضر كركلا الملاح "شهاب الدين أحمد بن ماجد" الذي كان يكنى بأسد البحر الهائج في لفتة تظهر أفضال العرب على اكتشاف مجاهل العالم القديم، دون إنكار إبداعات وأفضال الآخرين، وللتّأكيد بأنّ رسالة اللّبنانيين أينما حلّوا هي رسالة محبة ونسج صداقات وعلاقات طيّبة".

وتنطلق الرحلة على وقع صوت الفنّانة المخضرمة "هدى" التي شاركها الغناء والتّمثيل كلّ من الفنّانين اللّبنانيين الكبار: إيلي شويري، جوزيف عازار، رفعت طربيه، سيمون عبيد، غبريال يمين، نبيل كرم، علي الزين، وروميو الهاشم.

استحضر كركلا في لوحاته البحر والمراكب، الصّحارى والمدائن والحواضر، وأصرّ على محاكاة كل حضارة بفريق من أبنائها، فأشرك راقصين ومطربين وممثلين اختارهم بعناية من أهم فرق وفنّاني الصّين والهند وشيراز وأصفهان وفينيسيا وسواها.

كما نقل إلينا سحر الشّرق وروحانيته، وأجواءه الحالمة والسّاحرة، وجلاله وأبهته، وطاف بنا من خليج عمان إلى بلاد السّند والهند والصّين وصحارى أواسط آسيا مرورا بسمرقند وبلاد فارس ومصر واليونان والرومان، ومن البندقية كانت عودة "فرسان المجد" إلى الحاضر للاحتفاء بالعيد الستين للمهرجان، فزخرت الأجواء الاحتفالية بروعة الفولكلور اللبناني وأناشيد الفرح، لتنضم سائر الفرق إلى لوحة قد يكون فحواها مستوحى من "هيلينية" الإسكندر المقدوني وفلسفته التي كانت تقضي بالحوار بين الشّرق والغرب لاستنباط حضارة إنسانيّة واحدة.

وفي بعلبك الأصالة والوفاء وملتقى الحضارات التقى غنى لبنان بتنوّعه الروحي في بلد الرسالة والإنسان، وعادت ليالي لبنان المتلألئة بأغاني الفرح إلى أحضان القلعة، وكرت السبحة : "الدلعونا"، "على الماني"، يا غزيل"، وغيرها من أنغام لم ولن تنساها الذاكرة.

وخص كركلا بعلبك بتحية نقتطف منها: "بعلبك يا مدينة الزّمان من ألوف السنين، يا معبد الفنان وسما المبدعين، بعلبك المهرجان يا منورة هالأرض، يا فرحة الأكوان بعيدك الستين".

ومع الختام أطلّ الفنان عمر كركلا على المسرح ليملأ المكان حركة تنبض بالتّراث الفولكلوري العريق، غارفاً من خوابي الفن الأصيل المعتقة لوحات ألهبت المدرجات تصفيقاً وإعجاباً وثناء وآهات، ولم تهدأ أكف الحضور حتى المشهد الأخير مع إطلالة الفنّان الّذي لا يحد طموحه شيء ولا يتّسع الكون لأحلامه المبدع عبد الحليم كركلا، وولديه المخرج الفذ إيفان كركلا وشقيقته أليسار، شريكاه ورفيقا دربه في إعداد الموسيقى والسيناريو والحوار وتصميم الرقصات والكوريغرافيا والإخراج في مسرح كركلا الذي يليق بعظمة المكان، ويحاكي أحلامنا والزّمان الّذي كان.