دينيّة
04 آذار 2018, 08:00

ابن ضال.. في أحضان أب حنون

غلوريا بو خليل
"يتفرّد القدّيس لوقا وحده بإنجيل "مثل الابن الضّال" (لوقا 15: 11 - 24)، وهو من أناجيل التّوبة الّذي يحثّنا على التّمثّل بتوبة هذا الإبن لنعي أنّ الله محبّة، يغفر لنا آثامنا ويضمّنا إلى صدره الوالديّ. هو الآب الحنون الّذي لا ينزعج من خطايانا بل يفرح بتوبتنا. فالله هو هو، أمس واليوم وإلى الأبد، في العهدين القديم والجديد. هو الأب الحنون والغفور على الرّغم من جحودنا وأنانيّتنا. هو أمين بوعوده وعهوده، ويدعونا بكلّ عطف وغفران للتّوبة لنعيش معه. هو أمين يعلو عن كلّ شيء، إذ بحسب أشعيا يقول الرّبّ "إنّ أفكاري ليست أفكاركم ولا طرقكم طرقي"". بهذه الكلمات، استهلّ خادم رعيّة مار سمعان العموديّ - القليعات الخوري يوسف مبارك حديثه لموقع "نورنيوز" الإخباريّ، مفسّرًا إنجيل "مثل الابن الضّال" في زمن الصّوم المبارك.

 

وأكمل الخوري مبارك شارحًا: "نستطيع أن نستشفّ من هذا المثل أركان سرّ التّوبة المتمثّلة بالعودة إلى الذّات وفحص الضّمير "فرجع إلى نفسه وقال: كم أجير لأبي يفضل عنه الخبز وأنا أهلك هنا جوعًا!"(لو 15: 17)، والإقرار بالخطيئة والنّدامة "يا أبتِ خطئت إلى السّماء وإليك. ولست أهلًا بعد ذلك لأن أدعى لك ابنًا" (لو 15: 18)، وأخذ القرار بالعودة إلى أبيه "فقام ومضى إلى أبيه" (لو 15: 20)."

وأضاف الخوري مبارك: "هنا يظهر حنان الأب الّذي ما إن رأى ولده "تحرّكت أحشاؤه وأسرع فألقى بنفسه على عنقه وقبّله طويلًا" (لو 15: 20) لأنّ "ابني هذا كان ميتًا فعاش وكان ضالًّا فوجد" (لو 15: 24). هذا هو حنان الآب الرّحوم الّذي يحترم حرّيتنا حتّى وإن رغبنا بالابتعاد، فهو يبقى في حالة انتظار لنأتي إليه بملء إرادتنا فيستقبلنا بكلّ محبّة ويقبلنا على ما نحن عليه مهما كنّا منغمسين بالخطيئة منعمًا علينا بحياة جديدة "أسرعوا فأتوا بأفخر حلّة وألبسوه" (لوقا 15: 22)، ويعطينا السّلطان البنويّ "واجعلوا في إصبعه خاتمًا" (لوقا 15: 22) ويضعنا في مسيرة جديدة على طريق الرّبّ "وفي رجليه حذاءً" (لوقا 15: 22)، لنستحقّ الجلوس على مائدته "وأتوا بالعجل المثمّن فاذبحوه فنأكل ونتنعّم" (لوقا 15: 23)."

وختم الخوري مبارك حديثه "هذه حالتنا في كلّ مرّة تبهرنا فيها الخطيئة بلمعانها المزيّف وتسلبنا حرّيتنا لنصل إلى مستوى حيوانيّ، فيأتي الرّبّ ليعطينا مكاننا في حضنه الأبويّ. هذا المثل يجعلنا ندرك حقيقة سرّ التّوبة وجماله وأهميّته وضرورته في حياتنا. ففي كلّ مرّة ننغمس بالخطيئة، هناك أب ينتظرنا بكلّ حبّ، نلجأ إليه بكلّ ثقة وأمانة ليرفعنا إلى مائدته، مائدة الخلاص."