دينيّة
02 شباط 2018, 11:18

إنه أسبوع "الأبرار والصديقين" فمن هم؟

كنت أخال أنهم الأنبياء والرسل والشهداء والقديسون فقط، إلى أن اكتشفت أنهم أنتَ، وهي، وأنا، بشرطٍ واحدٍ، أن نحبّ!

إن فعل "الحبّ" هو المفتاح الأهمّ للإتحاد بالآب والتماهي مع الإبن والتواصل مع الروح والعيش في حالةِ ملكوتٍ دائم!

لكن أيُّ حبٍّ؟ فالله لا يريد حبّاً مزيّفاً، لأنّ الله محبّة، وإذا زُيِّفَت المحبّة، زُيِّفَت حقيقة الله وجوهره!

حبّنا نحن البشر هو حب ناقص لأنه مجبول بالخوف! إلا أن الله يريد أن يكون حبنا لبعضنا البعض مثل حبه لنا، أي هو يسعى إلى كمال الحب.

أنا أخاف من أن أحب، لأن عندما أحبّني الإبن الوحيد، تجسّد في إسطبلٍ حقير، قَبِل تاج الشوك، وسُمّرَ على خشبة الصليب! أما أنا فأريد أسرّةً حريرية وقصوراً مبهرجة، أريد تيجان الشهرة والسلطة، ولا أخشى شيئاً إلا الصليب!

إنّ "الأبرار والصديقين" هم "إخوة يسوع الصغار"، هم الجياع والعطاش والعريانين.

(مراجعة مت25/31-46)

 لكن أحبّتي هناك عدة أنواع من الجوع والعطش والعريّ!

قد يجوع الآخر إلى الخبز الأرضي ولكن الأهم هو جوعه إلى الخبز السماوي خبز الحياة! ومسؤوليتي أن أطعم النوعين!

قد يعطش الآخر إلى ماء الأرض ولكن الأهم هو عطشه إلى المياه الحيّة! ومسؤوليتي أن أسقي النوعين!

قد يتعرّى الآخر من ثيابه ويحتلّ البرد جسده، لكن الأهم هو عريهِ من كرامته وقيمته الإنسانية! ومسؤوليتي أن أكسي النوعين!

لكن نحن دائماً ننسى فئة محدّدة، ننسى هؤلاء الجياع والعطاش إلى الحبّ! فهناك من يشحذ المال وهناك من يشحذ الحبّ! فلا يكفي أن أقدّم الطعام والشراب والثياب إلى الفقراء بالمادة، ولا يكفي أن أقدّم الأسرار إلى الفقراء بالروح! بل يجب أن أقدّم ملء الحب لأن فقر العاطفة هو أقسى أنواع الفقر! فَوِشاح الصوف قد يدفئ الجسد لكنه لا يدفئ القلب والروح!

أحبائي حتى أكون من "الأبرار والصديقين" لا يكفي أن ألتزم بالوصايا العشر التي أراها حسب مقياسي ومنطقي البشري.

 نعم أنا لم أقتل أحد بالجسد، لكن كلّ مرةٍ لم أغفر ولم أرحم وتوجهت بعبارات الشتم والتجريح والتحقير، قتلت الآخر معنويّاً!

نعم أنا لم أسرق الأموال والمجوهرات، لكن كم من مرّة سرقت الحلم من عيون الآخر والإبتسامة من شفتيه؟!

نعم أنا لم أزني مع رجل، لكن كم مرّة خنت عهدي مع الله وزنيت مع آلهة أخرى أنا صنعتها؟! إله المال، إله السلطة، إله العمل...إلخ أي شيء أو أي أحد أفضّله عن الله الثالوث أكون قد جعلت منه إلهاً آخر!

" أكون لكم إلهاً وأنتم تكونون لي شعباً " (لا26/12)

"لا يكن لك آلهة غيري" (تث5/7)

في أسبوع "الأبرار والصديقين" وإذا أردت أن أكون واحداً منهم، فالمطلوب مني ليس بكثير، المطلوب هو أن أُحِبّ! "أحبب وافعل ما شئت" يقول القديس أغسطينوس.... إذاً فالنحب والباقي يزاد لنا!