إلى مسيحيّي فرنسا: هبّوا وقاوموا!
أمّا الصّدمة الأكبر فهي عبر مشاركة الشّرطة المحلّيّة بهذا العمل الّذي أقلّ ما يُقال عنه إنّه "إرهابيّ"، فالأخيرة اقتحمت، بمؤازرة 12 سيّارة من مكافحة الشّغب، الكنيسة أثناء الاحتفال بالقدّاس الإلهيّ، غير آبهة لقدسيّة المكان ولبيت القربان المقدّس ولوجود المصلّين؛ فأجبرت الموجودين على الخروج بالقوّة، وساقت المحتجّين عنوة إلى الخارج، لا بل أمسكت بكاهن الرّعيّة الّذي امتدّ على الأرض رافضاً الانصياع لأوامرهم الجائرة، وسحبته عناصر الشّرطة جرّاً إلى خارج باب الكنيسة، ممارسين أعمالهم البربريّة، من ضرب وركل، في طرد الكلّ إلى الخارج.
قرار الهدم أتى بعد معركة قضائيّة طويلة بغية بناء المشروع العقاريّ، وبعد أن أُغلقت رسميّاً في تشرين الأوّل 2015.
هذه الكنيسة الّتي يعود بناؤها إلى العام 1905، ليست الأولى في العالم، وتحديداً في أوروبا، الّتي يتمّ بيعها أو هدمها وتحويلها إلى استثمار تجاريّ. فكنائس أوروبا عامّة وفرنسا خاصّة باتت شبه خالية، تفتح أبوابها- وإن فتحتها- لتستقطب السّوّاح فيلتقطون الصّور لجداريّاتها الغنيّة والّتي تعكس فنّاً أصيلاً وفريداً، ولباحاتها الّتي تبرز فنّاً معماريّاً يعود إلى عصور قديمة عاكساً إرثاً ثقافيّاً وحضاريّاً مهمّاً.
وفرنسا "الابنة البكر" للكنيسة الكاثوليكيّة تخون اليوم العهد، فالمسيحيّة فيها غالبيّة ولكن مع انتشار العلمانيّة ابتعد المؤمنون عن كنيستهم وبات الالتزام موسميّاً.
واليوم، نكتب إلى مسيحيّي فرنسا ونقول: "هبّوا وقاوموا كلّ محاولات طمر المسيحيّة ودفنها، كنيستنا حيّة ولا يجب أن تغلق أبوابها، لا تقبلوا أن تبقى كنائسكم متاحف، ولا أن تتحوّل إلى ملاهي، ولا أن تُهدم فيُشيّد مكانها مواقف للسّيارات.
بلادكم مساحاتها شاسعة، إنموا واكثروا فيها، إنشروا إرثكم في رحابها بفخر. لا تسمحوا لدماء الأب جاك هامل الّتي أهرقت في الأسبوع الماضي أمام مذبح الرّبّ، أن تذهب سدىً! لا تقبلوا بأن تذوب المسيحيّة في وطنكم، تشبّثوا بالجذور.
أنتم سندنا نحن مسيحيّو الشّرق، فلا تجعلونا نفقده أيضاً.
أعيدوا للمسيحيّة أمجادها، ولتبقى "الابنة البكر" مثالاً لأخواتها!"