إلى أرمينيا... سِرّ!
مع الزّائر الحبريّ، سيعلن الشّعب الأرمنيّ اليوم مرّة جديدة تمسّكهم بقضيّتهم: الاعتراف بـ"الإبادة الأرمنيّة" والّتي بلغ عدد شهدائها المليون ونصف إبّان مجزرة 1915 الّتي ارتكبها العثمانيّون بحقّهم.
اليوم، سنعود مئة عام إلى الوراء مع البابا فرنسيس الّذي سيتنشّق رائحة الشّهداء الأبرار، ويشتمّ عطر قداسة فريد قاد أبطالاً إلى عرش السّماء، ويرتشف من كأس كان مرّاً قبل عقد كامل ولكنّه بات حلواً لأنّه يعتّق حكاية شعب عصاميّ، مقاوم وصاحب حقّ؛ فكلّما عُتّقت الخمرة كلّما صار مذاقها ألذّ.
سوف يشعر الرّجل المفعم بالإنسانيّة والعاطفة بأبناء هذه الأمّة، ويعاين وجعها عن قرب، ويفهم عمق معاناتها، ويساهم بتضميد جراحها، ويعبّر عن دعم وصداقة للشّعب الأرمنيّ على تنوّعه.
اليوم مع وصوله إلى أرمينيا، يسجلّ البابا فرنسيس في رزنامة زياراته الرّسوليّة خارج أسوار الحاضرة الفاتيكانيّة خلال أكثر من ثلاثة أعوام، الزّيارة الرّابعة عشرة والّتي تستمرّ لغاية السّادس والعشرين من حزيران/ يونيو الجاري. وهي تأتي بعد 15 سنة على زيارة البابا يوحنّا بولس الثّاني إلى أرمينيا عام 2001 للمشاركة في الذّكرى الـ1700 على تقبّل الشّعب الأرمنيّ سرّ العماد، انتقد خلالها أوّل إبادة في القرن العشرين مفجّراً غضب أنقره عليه منادياً بالسّلام في المنطقة.
أمّا اليوم فتعكس هذه الخطوة رغبة في التّركيز على المسكونيّة خاصّة وأنّ كاثوليكوس الأرمن كاريكين الثّاني كان قد زار الفاتيكان في نيسان 2015، وتُبرز روح الانفتاح الّذي يتحلّى به قداسته والّذي ليس بغريب عن الطّائفة الأرمنيّة كذلك. كما يُتوقّع أن يجدّد النّداء من أجل السّلام أمام عشرات الآلاف في "يريفان"، ويُطلق صوتاً صارخاً بالحقّ والحقيقة، صوت يخرق جدار الصّمت ليثبت مرّة جديدة أنّه بالرّغم من كلّ الاضطهادات والهجرات، فأبواب الجحيم لن تقوى على كنيسة مؤمنة بذلت نفسها حتّى الشّهادة، ولا مجزرة أو سيف سيبيدها لأنّ إلهها إله حقّ وحيّ منذ أكثر من ألفي عام، وصوت الحقّ حيّ دائماً وأبداً.