دينيّة
23 تشرين الأول 2024, 09:00

أساسات بيت المسيحيّ المؤمن والإصلاح

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب باسيليوس محفوض خادم عائلة كنيسة الصليب المحيي للروم الارثوذكس في النبعة

 

يسوع أراد أن يصلح زكّا. لم يصلحه وحده بل أصلحه ومعه بيته كلّه لأنّ الإصلاح إن لم ينبع من البيت والبيئة لا يستمرّ طويلًا. لذلك، نحن دائمًا نوصي بإصلاح البيت بوصفه أساسًا لإصلاح الفرد وبالتالي المجتمع كلّها. إنّ البيت الذي يسكنه يسوع تمتنع منه النكات المبتذلة ومجالس المستهزئين وموائد القمار والعِشة الرديئة. والبيت الذي يتطهّر من هذه الأدناس تهرب منه الأمراض الخبيثة والانقسامات والمشاحنات وروح النكد وحتّى اللصوص يهربون منه. إنّ أروع ما يمكن أن يشبّه به البيت المؤمن المسيحيّ العامل، هو بناء متين، أساسه التواضع المبنيّ على صخرة الإيمان، واتّساعه المحبّة الصادرة عن ضمير صالح وقلب نقيّ، وارتفاعه الرجاء الوطيد بمواعيد سيّدنا يسوع المسيح لمن يسمع كلامه ويعمل به. جدرانه الأربعة هي الحكمة والعدل والشجاعة والقناعة، وسقفه الصبر، ونوافذه الارتياح إلى المجد السماويّ، وبابه حفظ الوصايا، والبوّاب هو مخافة الله، وحرّاسه هم الملائكة والقدّيسون. سوره العقل، وربّ البيت الإرادة، والبنون هم الأعمال الصالحة، والعبيد هم الحواس المطيعة للعقل، والمائدة هي الكتب المقدّسة، والخبز الإفخارستيّا، والماء الحي هو الروح القدس، والزيت هو الرحمة، والسرير هو سكون النفس وراحتها، والأدوية هي الأسرار السبعة، والأطبّاء هم الكهنة، والضيوف هم الآب والابن والروح القدس. إنّ أوّل ما ينبغي أن نعتني به وأن نصلحه هو رعاية الطفولة منذ البداية. الطفولة هي كلّ شي في المجتمع. الطفل هو ذاك الذي يسيطر على الرغم من صغر سنّه على جوّ الحياة في الأسرة. من هو الطفل؟ هو الرجل بالحرف الصغير ومع ذلك، فهو النسخة الأفضل عن آدم قبل السقوط وإنّ نفسه لا تزال صفحة بيضاء لم تشوبها أيّ شائبة.  

إذًا، الطفل هو أساس المجتمع ولقد أبدى الكتاب المقدّس نحو الطفل عناية كبيرة وكان أسمى الألقاب التي أطلقوها على إله السماء هو "مربّي الأطفال". جاء المسيح ينادي أن: "دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم لأنّ لمثل هؤلاء ملكوت السماوات". وقد جعل الطفل مقياسًا للمجد لمّا قال: "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد لن تدخلوا ملكوت السماوات". أعرف رجالًا كثيرين كان أطفالهم سبب بركة، قرأت عن رجل من هذا النوع كان مدمنًا على الخمر لا يفارقها لا ليلًا ولا نهارًا. طالما بكت أمّه وصلّت بحرارة من أجله بغير جدوى. وأخيرًا، ذات مساء، استيقظ الرجل من نومه فزِعًا مرتعبًا وأيقظ زوجته وولده وقصّ عليهما حلمًا ظنّ أنّه نذير بموته. قال إنّه فيما يرى النائم، شاهد أربعة فئران تدور حوله اثنين منها على درجة كبيرة من النحافة والثالث سمين جدًّا والرابع أعمى. وقد ارتعب لظنّه أنّ رؤية الفئران في الحلم شؤم. فحاولت المرأة التخفيف من قلق زوجها واضطرابه، أمّا الطفل فأخذ يفسّر لأبيه حلمه: أمّا الفأران النحيفان فهما أنا وماما فنحن (جلد على عظم) ليس لنا ما يغذّينا أو يسمّن عظامنا وأمّا الفأر الثالث السمين فهو (الخواجا خريستو) صاحب الخمّارة الذي يستنزف دمك يا بابا. هو يسمن ونحن ننحف وننسلّ، وأمّا الفأر الرابع الأعمى، فهو أنت يا بابا فأنت لا تعي مصيرك ولا ترعى مصير أسرتك. وفي الحال، انتفض الرجل من سريره وأقبل على ولده يحتضنه ويعاهده بألّا يعود مرّة ثانية إلى الخمر الملعون.