46 عامًا ومار شربل قدّيس حيّ!
واليوم، في الذّكرى السّادسة والأربعين لإعلانه قدّيسًا، وفيما السّماء تمطر قطراتها الخريفيّة الأولى منبئة بشتاء قارس، نرفع أنظارنا إلى دفء قدّيس لبنان وحبيس عنّايا.
نجلس في حضرة قداسته صامتين، وفي العيون ألف كلمة وكلمة، وفي القلب نبضات تخفق رجاء، وتعزف أنغام السّكون المقدّس احتفالًا برجل الصّمت والتّقشّفات والإماتات، واحتفاء بمن تجرّأ وذاق "ما أطيب الرّبّ!" في كلّ مرّة جثا فيها أمام القربان المقدّس أو حمله بين يديه مقرّبًا إيّاه لله.
اليوم، نتأمّل في ابن بلادنا الّذي عكس جمال الرّبّ ورقّته وطيبته، فما عبد أشخاصًا، ولا جمع مالًا، ولا ضعُف أمام الشّهوات، لا بل سكر من كأس الإيمان وارتشفه رشفة رشفة، فشفى النّفوس وطيّب الجروح وردّ الضّالين وأخذ بيد كلّ من لجأ إليه.
إسمح لنا يا شربل أن نسند رأسنا على كتفيك نحن المتلهّفين إلى أعجوبة جديدة تستأصل كلّ الأفكار "الخبيثة" من عقولنا، وتعيد تنظيم دقّات قلوبنا بحسب نبض إيماننا المسيحيّ، وتخلّص أجسامنا من كلّ خطيئة مسّتها وأفكارنا من كلّ سوسة نخرتها.
في ذكرى تقديسك، كلّنا أمل أنّ لبنان وشعبه سينتصران على كلّ شرّ حاول أن يُفسد طينتنا الطّيّبة، أو أن يزعزع نظام عيشنا المشترك، ويوخز ضمائر قادتنا ويجعلهم في سبات عميق وعقيم. كلّنا رجاء أنّ لبنان سينهض من بين الأنقاض منتصرًا على كلّ الأزمات السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والأمنيّة والصّحّيّة.
اليوم، يا شربل، شعبك وكنيستك بحاجة إليك لتقودنا إلى برّ الخلاص. إسحبه إلى الحياد واجعله من جديد "وطن الرّسالة".
اليوم نرجوك أن تنثر عبير قداستك على وسع الوطن، وتفرش أرضنا بفضائلك البطوليّة عسانا نتذكّر كيف نكون مسيحيّين صالحين، فنقود بعضنا بعضًا نحو قداسة محتّمة.