لبنان
25 حزيران 2019, 05:00

4 كهنة ملكيّين جدد بوضع يد البطريرك العبسيّ

بوضع يد بطريرك الرّوم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسيّ رُقّي 4 شمامسة إنجيليّين إلى درجة الكهنوت، وهم: سليمان كشاشة وسيرافيم الحدّاد وجورج عنتر وماركوس ديب كهنة، وذلك خلال قدّاس إلهيّ ترأّسه العبسيّ في دير المخلّص- جون التّابع للرّهبانيّة الباسيليّة المخلّصيّة، عاونه فيه الرّئيس العامّ للرّهبانيّة الأرشمندريت أنطوان ديب ولفيف من الكهنة، بحضور فعاليّات رسميّة ودينيّة واجتماعيّة وأمنيّة وتربويّة.

بعد تلاوة الإنجيل المقدّس ألقى ديب كلمة قال فيها نقلاً عن "الوكالة الوطنيّة للإعلام": "اليوم تفرح الرّهبانيّة بسيامة أربعة من أبنائها لينالوا الكهنوت المقدّس من يمينكم المقدّسة. كما وأنّنا في هذه المناسبة ندشّن هذه الكنيسة في الهواء الطّلق، في طبيعة خلقها الله لتمجّده وترفع الصّلوات له.
إنّ الرّهبانيّة المخلّصيّة الّتي كانت وما زالت وستبقى الخادم الأمين والشّاهد لمحبّة الله في العالم، على رغم كلّ التّحدّيات والمصاعب، ومن ثمار هذه الشّهادة محبّة الله الّذي يرسل إلينا تعزيته من خلال الدّعوات الرّهبانيّة والكهنوتيّة، فهذه علامة حسّيّة عن رضى الله عن رهبانيّتنا.
شكرًا لكلّ من تعاقبوا على تنشئة هذه الدّعوات ومواكبتها، إن في ابتداء الرّهبانيّة أو في الإكليريكيّة الكبرى. أمّا انتم أيّها الشّمامسة والكهنة بعد قليل فأنتم عيدنا وفرحتنا، تذكّروا دائمًا أنّ هويّتكم كاثوليكيّة شرقيّة، روحانيّتكم مخلّصيّة، رسالتكم كونيّة، ثقوا بالمخلّص وبرهبانيّته وبنفسكم، سيروا على طريق آبائنا القدّيسين، حافظوا على كهنوتكم كي تحافظوا على النّفوس الّتي ستخدمونها والّتي سيجازيكم الله عليها".
أمّا العبسيّ فقال للمناسبة: "نعلم من الإنجيل أنّ الرّسل كانوا يسمعون النّاس يتكلّمون عن معلّمهم، إذ كان صيته ذائعًا في فلسطين وخارجها. وشخصيّة مثل يسوع كيف لا يسمع بها؟ وقد يكون صيته بلغ السّلطات الرّومانيّة. من يدري؟ وليس من المستبعد أنّ الرّسل كانوا ينقلون إليه، من حين إلى آخر، ما يسمعون عنه. وكان يسوع نفسه يعلم أنّ النّاس تتكلّم عنه في ما بينهم وفي بعض الأحيان أمام الرّسل. فكان السّؤال طبيعيًّا. وكان الجواب أيضًا طبيعيًّا: ماذا كان يسمع الرّسل عن ابن البشر، عن يسوع؟ (بعضهم يقولون إنّه يوحنّا المعمدان، وبعضهم إنّه إيليّا، وبعضهم إنّه إرميا أو أحد الأنبياء). يعني أنّ يسوع في نظر النّاس ما كان أكثر من نبيّ.
نستنتج من جواب الرّسل أنّ ثمّة معرفة نعرف بها السّيّد المسيح، نستطيع أن نسمّيها معرفة عن طريق الغير: خبراته، أحاديثه، سلوكيّاته. وقد تكون هذه المعرفة صحيحة أو تنطوي على قدر من الصّحّة، كقول النّاس إنّ يسوع هو نبيّ. وقد تكون هذه المعرفة خاطئة، كقول النّاس إنّ يسوع هو بعل زبول ورئيس الشّياطين وسكّير وأكول. هذه المعرفة كانت وما زالت شائعة بين النّاس وحتّى بيننا نحن الإكليريكيّين. نعرف يسوع عن طريق دراسة اللّاهوت والكتاب المقدّس والتّاريخ والآثار واللّيتورجيا وما شابه. لا شكّ أنّ هذه المعرفة ضروريّة للكاهن، لكن، مهما يكن من أمر هذه المعرفة الّتي عن طريق الغير، فإنّها تظلّ خارجيّة، عن بعد، بالوساطة، تلجأ إلى وسيلة، وتترك دومًا بين السّيّد المسيح وبيني مسافة ومساحة. وقد يكتفي الكثيرون بهذا النّوع من المعرفة ويبنون عليها إيمانهم وسيرتهم من دون ضير. وقد يكتفي بها كهنة أيضًا.
أجل، أيّها الأبناء الأحبّاء سليمان وسيرافيم وجورج وماركوس، يسوع يدعوكم ابتداء من اليوم إلى أن تعرفوه معرفة شخصيّة، أن تختاروه شخصيًّا، اختيارًا علنًا ونهائيًّا كما اختاركم هو اليوم أمام جميع الحاضرين: (هذا هو العبد المختار من الله). والشّهادة الّتي يطلبها منّا ككهنة ورهبان مكرّسين هي أن تكون شهادة لشخص اخترناه واقتنعنا به، وإلّا تكون شهادتنا دعاية ليس إلّا، ترويجًا لمعلومات وتعاليم تلقنّاها، مهما كانت هذه المعلومات والتّعاليم سامية. فالكاهن ليس موظّفًا في شركة يصنع دعاية لسلعها أو يروّج لمالكها ولو كان هذا المالك يسوع المسيح نفسه. ليس المطلوب أن نكون مردّدين بل شاهدين أيّ قادرين على إقناع الغير وبخاصّة بمثلنا. فمن يا ترى المسيح في نظرنا؟
سؤال يطرح أمام كلّ عمل نعمله، أو كلّ سلوك نسلكه، أو كلّ حدث يعرض لنا، أو كلّ تجربة تنتابنا. سؤال قد نكون أوّلاً طرحناه على أنفسنا. لكنّه سؤال لا بدّ من أن نطرحه اليوم في هذه الرّسامة. من هو المسيح في نظرنا؟
لا شكّ أنّ صورًا متنوّعة عن المسيح ارتسمت أمام أعيننا خلال حياتنا، صورًا من صنعنا أو من صنع غيرنا: ربّ عمل، نبيّ، مصلح، فيلسوف، قائد، متصوّف، سياسيّ، مشعوذ… وقد نكون بنينا حياتنا أو قسمًا منها على صورة أو أكثر من هذه الصّور. لكن للمسيح صورة واحدة حقيقيّة لم يتمكّن الرّسل من رؤيتها على رغم من مصاحبتهم الطّويلة له. القدّيس بطرس وحده استطاع أن يراها، وكانت رؤيته صحيحة صائبة: "أنت المسيح ابن الله الحي".
على رجاء أن تكونوا، يا سليمان وسيرافيم وجورج وماركوس، من تلك الكواكب السّاطعة في سماء الكنيسة، أصلّي من أجلكم. وأهنّئكم وأهنّئ ذويكم الّذين قدّموكم إلى الرّبّ وكلَّ من ساعدكم للوصول إلى هذه السّاعة المقدّسة. أهنّئ الرّهبانيّة الباسيليّة المخلّصيّة الكريمة الّتي احتضنتكم وربّتكم وعلّمتكم وشقّت لكم الطّريق إلى القداسة. أهنّئ رئيسها العامّ ومعاونيه وكلّ راهب فيها، شاكرًا لهم أنّهم أتاحوا أن أضع يدي الحقير على أبنائهم المرتسمين، وطالبًا إلى الله أن يبقى هذا الدّير عامرًا برهبانه ومعطّرة بالقداسة، وأن ينمّي هذه الرّهبانيّة الّتي خدمت وتخدم كنيستنا بتضحية وسخاء وأعطت لها وتعطي الكثير حتّى الدّمّ (كم من راهب استشهد!)، وأن يباركها ويقدّسها وأن يديمها صخرة ومنارة ومعينًا لكنيستنا الملكيّة وللكنيسة الجامعة. ونطلب في هذه الأيّام بنوع خاصّ من أجل المجمع المزمع أن يعقد ليكون مباركًا ومثمرًا".