11 آب/ أغسطس: عيد القدّيسة كلارا شفيعة التّلفزيون
ما اهتمّت كلارا بكنوز الحياة الّتي امتلكتها، فما جمعتها لنفسها بل خفّفت من خلال الأموال الّتي امتلكتها من بؤس الفقراء فأمدّتهم بالعون. وما أغوتها الموائد الّتي تلوّنت بأطعمتها بل حملتها خفية إلى الأيتام الفقراء فسدّت جوعهم وروت عطشهم. كبرت ونما في داخلها إيمان كبير ترجمته بالصّلاة وأعمال الخير. زهدت بمظاهر الجمال الدّنيويّ وأحبّت يسوع من كلّ قلبها فرغبت بتكريس حياتها له، وما كان إلّا أن باحت بسرّها للقدّيس فرنسيس إبن أسيزي أيضاً، فتركت كلّ شيء وراءها واتّجهت نحو دير سيّدة الملائكة وبدأت مسيرتها الرّوحيّة فنذرت الفقر والطّاعة مؤسّسة رهبنة الكلاريس الفقيرات الّتي تغذّيها محبّة الله.
عاشت كلارا وفي باطنها رغبة متّقدة للاتّحاد بعريسها السّماويّ. تقدّمت بها الأيّام وكلّ همّها أن تتقن عملها وتركض بخطى خفيفة نحو الكمال الّذي يدعوها إليه الرّبّ، وتنطلق بثقة وفرح ورشاقة من دون أن تتعثّر أو تثير غباراً على قدميها.
تألّمت لسنين طويلة، ولكن عزاؤها كان بالمصلوب، فتتأمّل به ولا تتمنّى سوى الاقتداء به: "إن تألّمتُ معك، أملكُ معك. إن بكيتُ معك، أفرحُ معك، إن متُّ معك على صليب العذاب، أرثُ الأخدار السماويّة في بهاء القدّيسين، ويدوَّنُ اسمي في سفر الحياة، ويصير مجيداً بين النّاس."
هذه القدّيسة الّتي نحتفل اليوم بعيدها، أدركت قيمة البصر، فكانت تتلو صلواتها وتتأمّل وعيناها مفتوحتين، فلا تغلقهما كي لا تختبئ عن العالم، بل تنظر إليه بعينيّ الله.
عام 1252، أيّ قبل وفاتها بسنة، وفي ليلة عيد الميلاد، ومع اشتداد مرضها وألمها، كانت كلارا ترغب في المشاركة بالقدّاس الإلهيّ ولكنّها لم تقوَ على الحركة، غير أنّ قدرة إلهيّة مكّنتها من المشاركة في القدّاس، فسمعت ورأت! ولأجل ذلك أعلنها البابا بيوس الثاني عشر سنة 1959 شفيعة التلفزيون.
واليوم، في عيدها، نصلّي كي يتحرّر إعلامنا- بالأخصّ التّلفزيون- من كلّ ما يكبّل رسالتها وتنقل إلى العين ما لا يعمي بصيرة المشاهد، بل ما يظهر صورة الله فينظر إلى الأمور بعينه تماماً على مثال قدّيسة أسيزي.