لبنان
21 تشرين الثاني 2022, 14:50

المطران ابراهيم: لبنان فيه من الصّلاح والصّالحين ما يكفي لشفائه وقيامته

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفلت حركة "لبنان الشّباب" بعيدها التّاسع والعشرين بقدّاس في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة في قدّاس ترأّسه راعي أبرشيّة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، بمشاركة النّائب ألأسقفيّ العامّ الأرشمندريت نقولا حكيم والأب شربل راشد، بحضور فعاليّات.

بعد الإنجيل المقدّس القى المطران ابراهيم عظة هنّأ فيها الحركة بعيدها وقال بحسب إعلام المطرانيّة:

"بدايةً أودّ أن أرحّب بكم جميعًا، وبنوع خاصّ أرحّب بحركة شباب لبنان الّتي تحتفل اليوم بعيدها التّاسع والعشرين. أذكر جيّدًا زيارة وفد الحركة لي في 18 تشرين الأوّل الفائت برئاسة رئيس الحركة الأستاذ وديع حنّا ومفوّض البقاع الأستاذة سونيا جريس وأمينة هيئة شؤون المرأة الأستاذة سمر صهيون. هذه الحركة تتميّز بمواقفها الوطنيّة ودعمها المطلق للجيش اللّبنانيّ ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع ورفضها الانغماس في وحول السّياسات الضّيّقة والفئويّة والاصطفافات البغيضة الّتي تكاد تقضي على ما تبقّى من نَفَسٍ في جسد وطننا الحبيب لبنان. من خلالكم أيّها الأحبّاء في حركة لبنان الشّباب أحيّي الجيش اللّبنانيّ وعلى رأسه العماد جوزيف عون على دوره المميّز في الحفاظ على نبض الوطن.

من ناحية أخرى أرحّب بيننا اليوم بفريق القوّات الأميركيّة الخاصّة الّتي تتولّى مهمّة دعم وتدريب الجيش اللّبنانيّ.

إنّ إنجيل اليوم يصف لنا المعاناة الإنسانيّة فيما يختّص بتوزيع الخيرات بين النّاس وجشع بعض الأغنياء كالّذي سمعنا عنه في إنجيل اليوم. القدّيس باسيليوس الكبير وصف أمثالَ هؤلاء كالتّالي:

بِمَ تُجيبُ الدَّيَّانَ العادل، يا مَنْ تُلْبِسُ الجدرانَ ولا تُلبِسُ نظيركَ الإنسان؟ يا مَن تُزيِّنُ جيادكَ ولا ترمقُ بنظرةٍ واحدةٍ أخاكَ في الضّيق؟ يا مَن تدعُ قمحَكَ طعامًا للفسادِ ولا تُطعمُ الجائعين؟ يا مَن تَخبّأُ ذَهَبكَ ولا تَخِفُّ إلى نُصرَة المظلوم؟

قد تقول: أيَ إجحافٍ أرتَكبُ إذا احتفظتُ بما هوَ مِلكٌ لي؟ بِحَقِّكَ، قُل لي: ماذا لكَ؟ ومِمَّنْ أخذتُهُ حتّى تملِكَهُ طولَ حياتِكَ؟ مَثَلُكَ في ما تدَّعي، مَثَلُ امرئٍ استولى على مقعدٍ في قاعةِ المسرحِ العامّ، وَوَكدُهُ أنْ يَمنَعَ الآخرينَ من الدّخول، ليَتَمتَّعَ بالمشهدِ وحدُهُ، كأنّهُ ملكُهُ الخاصّ، وهوَ مُشاعٌ للجميع. تِلكَ حالُ الأغنياء: يعتبرونَ الخيْراتِ العامَّةَ ملكًا خاصًّا لَهم، لأنّهم استولوا عليها قبلَ الآخرين.

لو كانَ كلُّ إنسانٍ يأخذُ من أموالِهِ ما يكفي لسّدِّ حاجاتِه، ويتركُ الفائضَ عنهُ لِمَن ينقصُهُ الضّروريّ، لما بَقيَ على الأرضِ غنيٌّ أو فقير. أنتَ يا مَن تلتهِمُ كلَّ شيءٍ هُوَّةُ طَمَعِهِ الفاغر على الدّوام، أتَظُنُّ أنَّكَ لا ترتكِبُ إجحافًا بحقِّ أحد، عندما تحرمُ الضّروريَّ هذا العددَ الكبيرَ مِنَ المُحتاجين؟ مَن هوَ الإنسانُ الّذي يُدعى سارقًا للجماعة؟ أليسَ مَن يَختَصَّ نفسَهُ بما هوَ للجميع؟ ألا تكونُ سارقًا للجماعةِ أنتَ الّذي يختَصُّ نفسَهُ بما أُعطيهِ ليوَزِّعهُ على الآخرين؟ إنّنا ندعو سارقًا مَن يسلُبُ المُسافرينَ ثيابهم. وهَلْ يستَحقُّ غيرَ هذا الإسمِ ذلكَ الّذي لا يكسو مُحتاجًا ليسَ لهُ غيرُ العُرْيِ لباسًا؟

الخُبزُ الّذي تَحفَظُهُ في المَخباً هُوَ مِلكٌ للجائعين، والثّوبُ الّذي تُقفِلُ عليهِ الخزانَةَ هُوَ مِلكٌ للعراة، والحذاءُ الّذي يتلَفُ عندَكَ هُوَ مِلكٌ للحُفاة، والذّهَبُ الّذي تَدفِنُهُ هوَ مِلكٌ للمُحتاجين. فأنتَ مُجحفٌ بحقِّ الّذين تستطيع أن تَسُدَّ حاجتَهُم ولا تَفعَل. (انتهى نصّ القدّيس باسيليوس).

لقد سمعتم إنجيل اليوم عن الغنيّ الجاهل، وكم هُم كُثرٌ في مجتمعاتنا، أولئكَ المحتكرين الّذين استغلّوا الأزمات وفقر الفقراء وحاجاتهم فأخفوا الأدوية عن المرضى والرّغيف عن الجائع وتلاعبوا بالأسعار الّتي صارت تكوي أكثر من النّار واحتكروا المحروقات وقطعوا المياه والكهرباء والمواد الضّروريّة الّتي تضمن العيش الكريم للمواطن. لقد قطّعوا شرايين الوطن وتركوه ينزف كرامات ويغرق في بحر النّفايات واللّامبالاة والإهمال والانحلال البطيء في كلّ الصُّعُد والمجالات. لقد حوّل بعضُهم مجلسَ النّوّاب مسرحًا للتّفاهات والجدالات السّخيفة في جلسات كانت مخصّصة لانتخاب رئيس للجمهوريّة وهو المركز الأوّل للمسيحيّين في الدّولة. يتلاعبون بمركز الرّئاسة الأولى ثمّ يعلنون عن قلقهم على الوجود المسيحيّ ومستقبله. ونحن المسيحيّون نتلّهى وكأنّنا على حلبة صراع الدّيكة بدم بعضنا البعض ثمّ نلوم الآخرين على الدّمّ المهراق. محطّات تلفزتنا ووسائل تواصلنا الاجتماعيّ تحوّلت إلى حلقات تبادل الشّتيمة والتّجريح باسم حرّيّة الرّأي ولم يتبقّ فيها من شرف إلّا ما ندر.  

كلّ ذلك لم يسلبنا الأمل بأنّ لبنان فيه من الصّلاح والصّالحين ما يكفي لشفائه وقيامته. من باب هذا الأمل والإيمان بلبنان وبكثير من اللّبنانيّين الصّالحين أعدت كتابة إنجيل اليوم الرّائع."  

وأعاد المطران ابراهيم كتابة إنجيل "الغنيّ الجاهل" على طريقته وما يتناسب مع ما يحلم أن أراه في أغنياء بلدي الحبيب لبنان فأتت النّتيجة كالتّالي:

"قَالَ الرّبُّ هذا المثَل. إِنسانٌ صالح أَخصَبَت روحه ونفسه وصحّته * فجعَلَ يُفكِّرُ في نفسِهِ قائلاً. ماذا أَفعَل. فإِنَّهُ ليسَ لي حقٌ أن أَخزُن لذاتي غِلالي الرّوحيّة ولا أشارك بها الآخرين* ثُمَّ قال أَفعَلُ هذا. أَهدِمُ أَنانيّتي وأَبني بالتّواضع ذاتي وأبشّر بخير الله في حياتي وفي حياة الآخرين وأستغلّ مواهبي وفضائلي وخيراتي في سبيل غيري ممّن لم تثمر بعد نفوسُهم ولا قلوبُهم. هناك في حاجات الآخرين سأَخزّنُ جميعَ غِلالي وخيراتي * وأَقولُ لنفسي. يا نفسُ لكِ من الله خيراتٌ ونعم كثيرةٌ موضوعةٌ لسنينَ كثيرة. ﻓإستَرحي بفعل الخير وكُلِّي كلمة الله على موائد الجائعين لمعرفة الرّبّ وٱشرَبي معهم ماء الحياة وتَنعَّمي * فقال له الله. أيّها الأمين. من هذه اللّيلةِ سأطيل عمرك وأزيّنُك بالجود والصّلاح. فهذا الّذي منّي أخذت وأنميت يَكُون لك خلاصًا وللآخرين * هكذا مَن يدَّخِرُ خيره لغيره ويَفتقر لأَجلِ الله. ولمّا قال هذا صاح. مَن لهُ أُذُنانِ للسَّماعِ فليسمَع * آمين".  

وفي الختام، قدّم رئيس الحركة وديع حنّا إلى المطران إبراهيم مزهريّة من البورسلين ترمز إلى الكنيسة الجامعة، وكتاب بعنوان "نعيم المغبغب رافع علم الاستقلال" عربون محبّة وتقدير واحترام.