"لا أخاف على إيماننا ممّن قاموا بهذه الإساءة، بل أخاف على فرنسا من انهيار القيم عندها": المطران إبراهيم
توقّف المطران إبراهيم، في عظته، عند الآية التي تقول: "أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ وَالْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ وَأَحْتَمِلُكُمْ؟» (لو 9: 41).
وقال المطران إنّ هذه الآية تشكّل لضميرنا نداءً عميقًا ومؤلمًّا، فهذه الكلمات الخارجة من فم السيّد المسيح تحمل في طيّاتها رسالة قويّة موجَّهة إلينا جميعًا، فدعونا نستمع إليها بقلوب منفتحة وعقول واعية."
أضاف المطران إبراهيم: "نشهد في عالمنا اليوم، تحدّيات وصعوبات كثيرة تجعلنا نبتعد أحيانًا عن إيماننا وثقتنا بالربّ. كما نجد أنفسنا أحيانًا، وفي تصرّفات الجيل غير المؤمن والملتوي، نبتعد عن طريق الحقّ، متأثّرين بمغريات العالم وانحرافاته. إنّ حادثة تجسيد العشاء السرّيّ للسيّد المسيح في افتتاح الألعاب الأولمبيّة في فرنسا بطريقة مسيئة، تذكّرنا بمدى بُعد بعض الناس عن قدسيّة إيماننا وتقاليدنا."
وتابع: "السيّد المسيح، في كلماته القويّة هذه، يعبّر عن حزنه واستيائه من عدم إيمان الجيل الذي عاش معه. وهو اليوم ينادينا بالكلمات عينها، طالبًا منّا أن نعود إلى إيماننا الحقيقيّ، وأن نعيش وفقًا لتعاليمه ونحترم مقدّساتِنا. العشاء السرّيّ ليس مجرّد حدث تاريخيّ، بل هو دلالة حيّة على حبّ المسيح وفدائه من أجلنا. إنّ رؤية هذا الحدث يُستخدم بشكل غير لائق تجرح قلوبنا، وتذكّرنا بضرورة الدفاع عن إيماننا بقوّة وثبات. لقد قدّم السيّد المسيح جسده ودمه لفدائنا وخلاصنا، وأسّس بذلك سرّ القربان المقدّس الذي نحتفل به في كلّ قدّاس. إنه عهد جديد بين الله والبشريّة، وهو تجسيد الحبّ الإلهيّ الذي يجب أن نحافظ عليه بكلّ احترام ووقار."
وقال المطران: "فلنستجب لنداء المسيح، ولنكن جيلًا مؤمنًا، مستقيمًا في إيمانه وتصرّفاته. فنعزّز، في حياتنا اليوميّة، قيم الحبّ والإيمان والتضحية التي علّمنا إيّاها السيّد المسيح. ولنعمل معًا لنبني عالمًا يسوده الاحترام المتبادل والتفاهم. فلنصلِّ من أجل أن يعود الضالّون إلى الحقيقة التي هي الله، وأن يغفر لهم السيّد المسيح هذه الإساءة الكبيرة. ولنطلب من الربّ أن يمنحنا القوّة والحكمة في مواجهة هذه التحدّيات، وأن يعزّز في قلوبنا إيماننا الذي لا يتزعزع. كما يجب ألّا يَغفَل عن بالنا أن لا أحد يقدر أن يُهين الكنيسة أو أن يسيء إليها وإلى إيمانها ورموزها وأسرارها لأنّ أبواب الجحيم لن تقوى عليها. أنا لا أخاف على إيماننا من بعض الفرنسيّين الذين قاموا بهذه الإساءة، بل أنا خائف على فرنسا والفرنسيّين من انهيار القيم عندهم ومن نتائج هذا الانهيار. فإلى أين هم ذاهبون مع يهوذا؟ ولنصلِّ أيضًا من أجل بعضنا البعض ولبعض المسؤولين في بلدنا الذين مسألتهم أصعب من مسألة المتحوّلين ومن الشاذّين، لأنّ لديهم تحوّل إنسانيّ وأخلاقيّ، فالذي يغيّر أخلاقه ويغيّر إيمانه بالناس، ويغيّر إيمانه بأرضه وشعبه ووطنه أوصلنا إلى كلّ أنواع هذا الشذوذ الإنسانيّ والأخلاقيّ، وهو يقرّر مصيرنا كلّ يوم".
وختم المطران إبراهيم: "دعونا نقدّم في هذا القدّاس وصلواتنا وتضرّعاتنا، طالبين من الربّ أن يعيد السلام والاحترام إلى وطننا ومقدّساتنا، وأن يثبّتنا في إيماننا. وليكن العشاء السرّيّ تذكارًا حيًّا لحبّ المسيح وفدائه لنا، وعهدًا نعيشه في كلّ لحظة من حياتنا. أعاننا الربّ وحفظ إيماننا. آمين."