لبنان
17 حزيران 2024, 06:25

"يسوع يطلب أمومتنا الروحيّة": البطريرك الراعي

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل البطريرك المارونيّ، الكردينال مار بشارة بطرس الراعي يوم الأحد، السادس عشر من حزيران/يونيو 2024، بالقدّاس الإلهيّ في مزار سيّدة لبنان-حريصا حيث جدّد تكريس لبنان والعالم لقلب يسوع الأقدس، وقلب مريم الطاهر، وكانت له كلمة بعد الإنجيل الذي قُرئ من لوقا الفصل 11 وركّز على الآية "بل الطوبى للذين يسمعون كلمة الله ويحفظونها"

 

إرتفع يسوع من علاقة الأمومة الدمويّة بينه وبين أمّه، إلى العلاقة الروحيّة بينه وبين من يسمع كلامه ويحفظه. وكأنّه أراد أن يبيّن سرّ أمومة مريم. فهي أوّلًا أمومة روحيّة بدأت بقبولها كلمة الله في قلبها بالإيمان والرجاء والمحبّة. وهذه الكلمة تحوّلت جنينًا في حشاها. وهكذا نحن بقبولنا كلمة الله بإيمان في قلوبنا، نعطيها جسدًا في أعمالنا.  

أعرب البطريرك الراعي عن سعادته باللقاء ضمن قدّاس يوم الأحد الذي يجدّد فيه، هذه المرّة، تكريس لبنان وبلدان الشرق الأوسط لقلب يسوع الأقدس وقلب مريم الطاهر.  

 

"قال الراعي: "بتكريس ذواتنا وكنيستنا ووطننا لبنان والشرق الأوسط إلى قلب يسوع الأقدس، فإنّنا من معينه نرتوي محبّة ورحمة وغفرانًا، ومن فيض نعمه نتقدّس ونتجدّد في إنسانيّتنا، ومن مدرسته نعود نتعلّم الوداعة والتواضع، وننبذ الكبرياء والادّعاء، وبتكريسنا لقلب مريم الطاهر، أمّ الكنيسة وسلطانة الورديّة المقدّسة، نسألها أن تساعدنا لنعمل مشيئة الآب الأزليّ، ونعيش شركة المحبّة في ما بيننا، ونشهد للقيم الإنسانيّة والمسيحيّة في حياتنا العائليّة والاجتماعيّة والوطنيّة، ونلتزم تعزيزها في لبنان والشرق. ونلتمس منها، هي أمّ الشعوب كلّها وملكة السلام، أن تقي بشفاعتها هذه المنطقة من كلّ ما يتهدّدها من عنف وتطرّف واضطراباتوأن توجّه أبناء هذا الشرق إلى الاستنارة بنور الخالق الذي يريدنا عائلة بشريّة واحدة، يترابط أفرادها برباط المحبّة والأخوّة، فيعمل الجميع على بناء مستقبل مشرق، على أسس التلاقي والمشاركة والمحبّة والعدالة."

علّق البطريرك الراعي في عظته على نصّ الإنجيل قال: "هكذا شرح يسوع سرّ أمّه الخفيّ. إنّها من أولئك الذين سمعوا كلمته وحفظوها في قلوبهم. مريم عذراء وأمّ، وبهذه الصفة هي مثال الكنيسة. فإنّها، وهي عذراء ولدت ابنها، ابن الله على الأرض بإيمانها وطاعتها، من دون زرع رجل، بل مظلّلة بالروح القدس، وكحوّاء الجديدة مؤمنةً من دون تردّد بكلام المرسَل الإلهيّ. فأعطت العالم ابنها مخلّصًا وفاديًا، أراده الله بكرًا بين إخوةٍ كثيرين (روم 8: 29)، أعني بين المؤمنين الذين، تساهم مريم، بحبّ الأمّ، في ولادتهم من جديد وفي تنشئتهم (نور الأمم، 63)".

تابع الأب البطريرك: "والكنيسة بواسطة كلمة الله التي تقبلها بإيمان وأمانة تصبح أمًّا لأنّها بإعلان كلمة الله وبالمعموديّة تلد لحياة جديدة وغير مائتة أبناء حبلت بهم بفعل الروح القدس، ومولودين من الله. وهي أيضًا عذراء تحفظ، نقيًّا وطاهرًا، إيمانَها المعطى لها من سيّدها، بقوّة الروح القدس، فتحفظ كاملًا إيمانَها، وثابتًا رجاءَها، وصادقًا حبّها (نور الأمم، 64).

وما يقال عن الكنيسة يقال عن أعضائها المولودين من كلمة الله والمعموديّة. فالكنيسة تسمّى أمّ، والمؤمنون المولودون أبناء.]إنّ أمّي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بمشيئة أبي الذي في السماوات[ (مر 3: 34-35)".

وشرح البطريرك الراعي ما نلتمسه من التكريس الراهن قال: "بواسطة هذا نلتمس من الله:

أ- إختيار شخصيّة استثنائيّة لرئاسة الجمهوريّة تتميّز بأخلاقيّتها ووطنيّتها وشجاعتها واتّزانها ونضجها، فتسمو بالشرعيّة فوق الجميع، وتواجه أي تطاول على الوطن، وتراقب انتظام عمل السلطات والدستور والتوازن الوطنيّ.

ب- تنفيذًا جدّيًّا للقرارات الدوليّة الأمميّة وبخاصّة تلك الضامنة استقلال لبنان وسيادته وسلطته الشرعيّة وحدها على كامل أراضيه.

ج- إنبثاق سلطة دستوريّة وطنيّة جديدة، نيابيّة ووزاريّة، تقود الإصلاحات السياسيّة والاقتصاديّة برعاية دوليّة، وتعمل على إعلان حياد لبنان.

د- إسراع المجتمعَيْن العربيّ والدوليّ إلى تقديم مساعدات ماليّة بحجم الانهيار اللبنانيّ على أن تُصرف بإشراف لجنة مصغّرة من الدول المانحة إلى حين عودة ثقة العالم بالسلطات اللبنانيّة.

ه- إعادة إحياء النظام المصرفيّ وتطهيره وإرجاع أموال المودعين تدريجيًّا، لأنّ هؤلاء هم الذين سيُحيون القطاع الخاصّ، وينهضون بالحركة الاقتصاديّة والماليّة والعقاريّة."

تابع البطريرك قال: "فإنّا نضع هذه الأمنيات، في قلبَي يسوع ومريم، ملتمسين تحقيقها لمجد الله الأعظم، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".