لبنان
02 كانون الأول 2024, 13:20

"هل يجوز أن نبقى كالأعمى مغمضي العيون": المطران عوده

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل المتروبوليت الياس عوده، راعي أبرشيّة بيروت للروم الأرثوذكس بقدّاس الأحد ١ كانون الأوّل/ديسمبر ٢٠٢٤ في كاتدرائيّة القديس جاورجيوس في وسط بيروتن بحضور شخصيّات وفاعليّات مدنيّة وحشد من المؤمنين.

 

بعد قراءة الإنجيل المقدّس تناول المطران عوده في  كلمته، بعد الشقّ الروحيّ، شوؤنًا وطنيّة، قائلًا: "أعمى أريحا يمثّل أيضًا بلدنا الذي أعماه ضلال قادته وزعمائه، وسوء تصرّفهم على مدى عقود. وهم لم يعيروا نصائح قادة العالم اهتمامًا، ثمّ راحوا يستنجدون بهم. صحيحٌ أنّ على دول العالم أجمع، وعلى المؤسّسات الدوليّة، تحمّل مسؤوليّتها تجاه التدمير العشوائيّ والقتل الجماعيّ الذي شهدناه، إلًا أنّ السؤال الأهمّ يبقى: أين مسؤوليّة اللبنانيّين؟ أين دور المسؤولين والزعماء والنوّاب والأحزاب والشعب؟ أين دور المنخرطين في الحرب؟ أليس على اللبنانيّين الاهتمام بمصيرهم قبل استجداء الاهتمام من الخارج؟ القرى التي سوّيت بالأرض هي قرانا نحن اللبنانيّين، والبيوت التي فجّرت هي بيوتنا، والحقول المحروقة حقولنا، والضحايا الأبرياء الذين سقطوا نتيجة الحقد والهمجيّة هم إخوتنا. ماذا ننتظر لإيقاف تدمير بلدنا دوريًّا ومحو آثارنا وقتل شعبنا؟ لو كان لدينا رئيسٌ للجمهوريّة وحكومةٌ كاملة الصلاحيّات ودولةٌ قويّةٌ ومجلس نوّاب يعي دوره ومسؤوليّته هل كنّا في هذا الوضع الدراماتيكيّ؟ ماذا نفع التأخير في انتخاب رئيس كي لا نقول تعطيل الانتخاب؟ ماذا نفع التشبّث في العناد؟ ألا يخدم الدولة الأخرى عدم وجود رأس للدولة، وإبقاؤها دولةً ضعيفةً مستباحةً؟ ألسنا كمن يعاقب نفسه أو ينتحر؟  

أمّا الآن، بعد الوصول إلى وقف النار، هل يجوز أن نبقى كالأعمى مغمضي العيون أم علينا أن نسأل الله أن ينير بصرنا وبصيرتنا لكي نعي أنّ لا خلاص لبلدنا إلًا بعودة الجميع إلى كنف الدولة، والانضواء تحت مظلّة دستورها وقوانينها، فلا يكون ولاءٌ إلًا للبنان، ولا يرفع علمٌ غير علم لبنان، ولا يعتدّ إلّا بجيش لبنان. أملنا أن يعي اللبنانيّون أنّ الدولة هي الخيار الأوّل والأخير، وأنّنا جميعًا جزءٌ من وطن لا من محور، وطن له دستوره وقوانينه وسيادته، نعيش فيه مع إخوة قد نختلف معهم في الرأي إنّما يبقى الوطن الجامع بيننا. لقد سئم اللبنانيّون الشرذمة والحروب وما تخلّفه من دمار وعدم استقرار. سئموا الدولة الضعيفة المفكّكة، وسئموا التلاعب بمصائرهم، وهم جميعًا يتوقون إلى السلام والاستقرار والنموّ والازدهار.

صلاتنا أن يعمّ السلام بلدنا والعالم أجمع، ويحلّ الوعي والتعقّل والمسؤوليّة محلّ التهوّر والمغامرة، وأن يلزم لبنان نفسه بما التزم به، ويكون له رئيسٌ يعمل مع حكومته على بناء دولة قويّة، سيّدة على أرضها، تبسط نفوذها على كامل ترابها، تحمي حدودها وسيادتها وأبناءها، علّنا نحظى بسلام دائم وحياة هانئة كريمة في ربوع وطن منحنا إيّاه الله لنحافظ عليه، آمين".