الفاتيكان
29 كانون الثاني 2016, 14:27

“محمّد” طفل سوريّ يتصدّر كتاب البابا فرنسيس الجديد

“العزيز البابا فرنسيس”، هكذا يبدأ محمّد ذو العشر سنوات رسالته إلى البابا: “هل للعالم أن يعود يومًا كما كان؟” ويوقّعها: مع فائق احترامي… محمّد هو أحد أطفال مركز الهيئة اليسوعيّة لخدمة اللاجئين في دمشق – دويلعة… وبالطبع، خصّص البابا جوابًا وافيًا وشخصيًّا على رسالته. وكذلك الأمر، فيما يخصّ تسع وعشرين رسالةٍ أُخرى أرسلها أطفالٌ من جميع أنحاء العالم، الّذين بدورهم طرحوا تساؤلاتهم للبابا فرنسيس، على شكل رسالة بعثوا بها إليه الصيف المنصرم، بهدف اصدار كتاب تُرفق فيه رسوماتهم الّتي تُعبّر عن تساؤلاتهم بطريقةٍ مؤثّرة.سيُصدر دار النشر “Loyola Press” كتاب “العزيز الأب فرنسيس” في الأوّل من آذار “مارس” من هذه السنة، في شيكاغو، الولايات المتّحدة. ولم يكن لهذا العمل ليُبصر النور، لولا جهود الأب أنطونيو سبادارو اليسوعي، مدير مجلّة “La Civilta Cattolica” اليسوعيّة الصادرة من روما.

وقد أشرف على اعداد هذا الكتاب “توم مكراث” من دار لويولا برس للنشر. إذ رشّح “مكراث” خمسين رسالة، انتقى منها سبادارو ثلاثين، ورافق البابا في إاجاباته على هذه الرسائل المتضمّنة سؤالاً ورسمًا تعبيريًّا (ولم يُخفِ البابا أعجابه برسومات الأطفال). ويقول سبادارو: “بتنا نعرف طِباع البابا جيدًا هنا في روما، لذا قدّمنا هذا العمل بأسهل طريقة ممكنة للبابا”.

في ردّه على تساؤل محمّد، الّذي عبّر ضمنيًّا عن معاناته ومعاناة شعبه، يكتب البابا: “هناك أشخاص يصنّعون الأسلحة، ويدفعون الناس لمحاربة بعضها بعضًا، ويشنّون المعاركة. وهنالك أيضًا من يكرهون في قلوبهم. وهنالك مَن لا يشغلهم في هذه الدنيا سوى المال، ويتخلّون عن كلّ شيء من أجله، لدرّجة أنّهم قد يبعون أشخاصًا آخرين كعبيد…” وحول جوهر تساؤل محمّد، يُتابع فرنسيس: “لا، في تمام الأزمنة، لن يكون العالم كما كان… بل سيكون أفضل بكثير من الماضي”.

عندما وافق البابا فرنسيس على مشاركته في هذا المشروع، تواصل دار لويولا برس، مع علمانيين ويسوعيّين حول العالم، ليتواصلوا مع أطفال من حولهم -أولئك الّذين يتراوح أعمارهم بين ست إلى ثلاث عشرة سنة – لكتابة رسائلهم… وقد تمّ الاختيار النهائيّ لثلاثين رسالة من أصل مئتين وخمسين، أُرسلت بأربع عشرة لغةٍ، من ستّة وعشرين بلدًا مختلفًا.

يُعبّر مكراث، عرّاب هذه الفكرة: “لقدّ أحبّ البابا المشروع منذ اللحظة الأولى. فهو يملك محبّة خاصّة للأولاد، الّذين بدورهم يخصّون البابا بمحبّةٍ لا حدّ لها. وقد عبّر البابا عن دهشته من عمق تساؤلات الأطفال”.

لم يتمّ تدقيق أو تعديل إجابات البابا فرنسيس، فقد قام الأب سبادارو في تسجيلها ضمن جلسة أمتدّت لساعةٍ ونصف الساعة في أغسطس الماضي، وكانت الإجابات شفهيّة، مزج فيها البابا فرنسيس الإيطاليّة والإسبانيّة. وبعدها، قام سبادارو بنقلها فقط إلى الإنكليزيّة، مع المحافظة على أسلوب البابا في التعبير.

ينقل مكراث عن البابا: “هذه المهمّة صعبة!!!” لقد أدرك البابا أمام تساؤلات الأطفال أنّه يُدين لهم بإجابات أعمق من مجرّد تعليقات سريعة تجول في خاطره حينها.

سينشر دار لويولا برس الكتاب بالإنكليزيّة والإسبانيّة. وكمشروع يسوعيّ عالميّ موحّد، سيتمّ نشر هذا الكتاب في الوقت نفسه، في البرازيل، وأندونيسيا، وسلوفينيا، والمكسيك، والهند… ويعمل اليسوعيّون في الشرق الأوسط على إصدار نسخة باللغة العربيّة.

وهنالك بعض الترتيبات الّتي يقوم بها دار لويولا برس، لاحضار عشرة أطفال من الّذين تمّ اختيار رسائلهم، لزيارة البابا شخصيًّا في روما. وكلّهم أمل أن يكون هذا اللقاء قبل موعد نشر الكتاب، أي في شباط “فبراير” القادم.

يُضيف مكراث: “يتوق البابا فرنسيس للقائهم، وكانت ردّة فعله سريعة وعفويّة فور سماعه الفكرة”. سيسافر هؤلاء الأطفال مع والديهم من الصين، وايرلندا، والأرجنيتن، والهند، وكندا، وكينيا، وسينغافورة، وأستراليا، والولايات المتّحدة، والفليبين. لن يكون محمّد من بينهم، لتعذّر هذه الرحلة!

سألت “ناتاشا”، الّتي ستأتي من كينيا، البابا فرنسيس: “أريد أن أعرف كيف مشى يسوع على الماء؟” فأجابها البابا فرنسيس: “عليكِ أن تتخيّلي أن يسوع مشى بشكلٍ طبيعي على الماء. لم يطِر فوق الماء، أو قام بشقلبات أثناء سباحته… لقد مشى كما تمشين أنت على الأرض! يسوع هو الله، لذا هو يستطيع القيام بأي شيء!”.

وفي بحر التساؤلات العفوية الّتي حملتها الرسائل، على سبيل المثال: “لماذا أهلي يتشاجرون؟” “لماذا عليك يا بابا فرنسيس أن تعتمر قبّعة بيضاء طويلة؟” كان هنالك هذا التساؤل العميق، الّذي طرحه ابن السبع سنين “ويليام” من الولايات المتّحدة: “عزيزي البابا فرنسيس، إذا كان عليك القيام بمعجزةٍ واحدةٍ، ما عساها أن تكون؟” وقد أجاب البابا بعفويته الّتي بتنا نعرفها عنه: “أودّ أن أشفي الأطفال… لا أستطيع إلى الآن أن أجد معنًى لمعاناة الأطفال. إنّه لسرٌّ أعجز عن فهمه، ولا أملك أي تفسيرٍ له!”

 

المصدر : راديو فاتيكان