"لنصُنْ حاسّة النظر، ونستخدمها بشكلٍ صحيح فنمجّد الله": المطران إلياس عوده
قال المطران عوده: "يخبرنا إنجيل اليوم أنّ الربّ يسوع سمع أنّ الفرّيسيّين أخرجوا الأعمى من المجمع فوجده وقال له: «أتؤمن أنت بابن الله؟ أجاب ذاك وقال: من هو يا سيّد لأؤمن به؟ فقال له يسوع: قد رأيته والذي يتكلّم معك هو هو. فقال له: قد آمنت يا سيّد. وسجد له» (يو 9: 35-38). لو لم يعلن الأعمى الذي أبصر بعينيه إيمانه، لكان بقي أعمى البصيرة
في المقابل، تحذّرنا الكنيسة من خطورة النظر إلى الأمور بخلاف ما هي عليه، فقط لأنّنا نريدها أن تكون كما يحلو لنا. لقد قال الربّ يسوع: «لو كنتم عميانًا لما كانت لكم خطيئةٌ، ولكن الآن تقولون إنّنا نبصر فخطيئتكم ثابتةٌ» (يو 9: 41).
تابع المطران عودة كلمته قال: "على الإنسان أن يحافظ على حاسّة النظر، وأن يستخدمها بشكل صحيح، لينظر نور الله خالقه ويمجّده. أمّا إذا استخدمها بشكل خاطئ، فهذا الأمر سيؤدّي إلى انقلاب الأمور رأسًا على عقب، ويصير النور الخارجيّ ظلامًا داخليًّا، ولا يعود يرى الله من خلال خليقته وعمله الخلاصيّ، كما نسمع في إنجيل متّى: «سراج الجسد العين. فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كلّه يكون نيّرًا، وإن كانت عينك شرّيرة فجسدك كلّه يكون مظلمًا. فإن كان النور الذي فيك ظلامًا، فالظّلام كم يكون؟» (مت 6: 22-23)."
أكمل المطران عوده عظته قال: "تشدّد قصّة الأعمى منذ مولده، على الإيمان القائم على قبول البشارة من دون الاعتماد على ما يظهر لنا من خلال النظر.
إنّ العَمى في أيّامنا يصيب العديد من المبصرين، خصوصًا أولئك الذين يتمسكّون بالقشور والمظاهر الخارجيّة للإيمان، البعيدة عن محبّة الله الحقيقيّة، ومنهم من يدّعون أنّهم أبناء الكنيسة، لكنّهم لا يألون جهدًا في تشويه صورة الكنيسة لدى إخوة يسوع الصغار".
"نصلّي كي ينير الربّ بصيرة البشر"، ومن هنا انتقل المتروبوليت عوده إلى الشقّ الوطنيّ من كلمته، "والمسؤولين عندنا بشكل خاصّ، كي يدركوا المسار الصحيح الذي يجب أن يسلكوه لخلاص البلد.
سنواتٌ مرّت على انتفاضة المواطنين وعلى تفجير العاصمة وعلى انهيار البلد. انتهت ولاية مجلس النوّاب السابق والرئيس السابق، وما من شيءٍ تمّ. ألا يعرف المسؤولون أنّ الجسم بلا رأس يموت؟ ألا يدركون جميعهم، نوّابًا وحكومة وزعماء، أنّ البلد إذا زال لن يبقى ما يحكمونه أو من يمثّلونهم أو يتزعّمون عليهم؟"
أردف بالقول: "منذ أيّام استذكرنا إنسانًا كبيرًا نتذكّره كلّ يوم، وهو من ترك أثرًا كبيرًا في أجيال هذا البلد وفي تاريخه. غسان تويني، الثائر على الظلم والجهل والتعصّب وتلوّث الفكر وانحطاط الأخلاق، المدافع عن لبنان ودوره، والرافض جعله ساحة يتقاتل عليها الآخرون، حامل لواء الديمقراطيّة والحقّ والعدالة، القائل: «لا حياة للبنان ولا مستقبل للتعايش فيه من دون ديمقراطيّة. السيادة كالاستقلال تبنى من الداخل ولا تؤخذ من الخارج بأمن مستعار قد فشل، فكيف بدفاع مستعار؟». لو كان حيّا لكان أوّل الرافضين لما نعيشه من خرق للدستور وتعطيل لانتخاب رئيس واستباحة للبلد ولحقوق الشعب. رحم الله غسان تويني وألهم المسؤولين الحاليّين السير على خطاه في الدفاع عن الحرّيّة والديمقراطيّة والسيادة والاستقلال."
وختم المطران عوده كلمته بالصلاة: "لنسلّم قلوبنا إلى الله، طالبين إليه أن ينير عيوننا وعيون المسؤولين، وبصيرتنا، وقلوبنا، حتّى نعرفه كما هو بالحقيقة، ونؤمن أنّه إلهنا الذي افتدانا بدمه، ونعترف مع الأعمى بأنّ الربّ يسوع هو ابن الله ونسجد له، آمين."