العراق
12 تموز 2024, 07:30

"لاهوتُ كنيسةِ المشرقِ حياتيّ - وجدانيّ مؤسّسٌ على الكتاب المقدّس وآباءِ الكنيسة": البطريرك ساكو

تيلي لوميار/ نورسات
أصدر البطريرك الكردينال لويس روفائيل ساكو كتابًا جديدًا من ثمرة أتعابه ومجهوده البحثيّ والتعليميّ تحت عنوان "مَدخَل إلى لاهوت كنيسة المشرق"، أهداه إلى بنات كنيسة المشرق الكلدانيّة والآشوريّة وأبنائها، لِما لهاتين الكنيستيْن من تاريخ مشترك لقرون عديدة، ودعاهم إلى العودة إلى الجذور ليكتشفوا الإيمان من الينابيع الأصيلة. نقلًا عن موقع البطريركيّة الكلدانيّة.

 

أصدر البطريرك ساكو كتابه الجديد بعنوان "مدخل إلى لاهوت كنيسة المشرق" وكتب في مقدّمته: "أودّ أن أعرض في هذه الدراسة توليفةً synthesis واضحةً للاهوت كنيسة المشرق الثريّ والمتميّز، بكلام بسيط ومفردات مختارة أمينة للأصيل".

وأضاف: "لاهوت كنيسة المشرق لاهوت حياتيّ - وجدانيّ تأسّس على الكتاب المقدّس وآباء الكنيسة ومجامعها وليتورجيّتها. نشأ وطقوسُها في بيئة مشرقيّة ولغة سريانيّة - كلدانيّة خارج تأثير الفلسفة اليونانيّة، في البدايات على الأقلّ، وبعيدًا عن الجدالات اللاهوتيّة والمجامع "المسكونيّة" الأولى خصوصًا أفسس سنة (431) وخلقيدونيا (سنة 451)".

كتب البطريرك أيضًا: "اللاهوت بالنسبة إلى المشرقيّين لم يكن نظريًّا ومدرسيًّا ومنهجيًّا بتعابير فلسفيّة نظريّة  speculative، كما نجده في الكنيسة الغربيّة، بل كان ممارسة حياتيّة فريدة وعميقة يرتكز على اللاهوت الكتابيّBiblical Theology ، أي على ضوء الحقيقة الموحى بها في الكتاب المقدّس، ضمن ترجمة خاصّة سمّيت بالبسيطة وبيئة الشعب الثقافيّة والاجتماعيّة".

كتب البطريرك في مقدّمة مؤلّفه أيضًا: " يُعتبر القرن التاسع، بحقّ، العصرَ الذهبيّ لكنيسة المشرق، فيه شهِدت تطوّرًا كبيرًا من وجهات نظر مختلفة، بسبب انتشارها جغرافيًّا إلى الهند والصين، وثقافيًّا من خلال مدارسها المتعدّدة كمدرسة نصّيبين، والدير الأعلى (كنيسة الطاهرة في الموصل) ودير قُنّى في بغداد، ومراكزها الثقافيّة وأديرتها المنتشرة في كلّ مكان. وقد أعطت قدّيسين كُثرًا ومرسلين ورهبانًا وعلماء. إنّه إرثٌ ليتورجيّ ولاهوتيّ وروحيّ وقانونيّ عريق يحمل في طيّاته بذور التجديد".

تابع البطريرك ساكو كتابته: "لم أجد ذكرًا لنسطوريوس(نسطور) في كتابات اللاهوتيّين المشرقيّين ما عدا إشارة واحدة في مجلس سنة 612 أمام كِسرى الثاني، وما ذكره عبد يشوع الصوباويّ عنه في كتاب "الجوهرة"، بأنّه لم يكن بطريركهم وإنّما بطريرك القسطنطينيّة، وتعليمه يتوافق مع تعليمهم. أمّا لقب "أمّ الله" فكنيسة المشرق لم تتعرّف على هذا المصطلح، الذي تبنّاه رسميًّا مجمع أفسس عام 431م، وحتّى مار أفرام (المعروف بشاعر العذراء مريم لم يستخدمه صراحة، لأنّ مصطلح Theotokus لم يكن معروفًا في زمانه، إنّما نجد تبنّي تسمية أمّ المسيح ابن الله وهذا لا يتعارض مع العقيدة المسيحانيّة.

لدينا محاولتان للاهوت المشرق: الأولى في كتاب المِجدَل بإصداراتٍ ثلاثة: الماري بن سليمان (قرن 12)، والمِجدَل الصليبا بن يوحنّا الموصليّ (قرن 14)، والمِجدَل لعمرو بن متّى الطيرهاني (القرن 14)، وكتاب المِجدَل باصداراته هذه هو بانوراما مسهَبة للاهوت كنيسة المشرق،

والمحاولة الثانية، هي خلاصة لاهوتيّة في كتاب مدرسيّ مختصر منهجيّ لإيمان كنيسة المشرق لعبديشوع الصوباويّ (1318)، سمّاه "الجوهرة" وقد ترجمتُه إلى العربيّة سنة 2013".  

أضاف البطريرك: "أدرك أنّ هذا اللاهوت يبدو غريبًا عن عالم اليوم الذي غالبًا ما يرتبط بالليبراليّة الاجتماعيّة، والعلمنة الاستهلاكيّة، والفردانيّة المتنامية، واللامبالاة الدينيّة، لذا يتعيّن على الكنيسة مساعدة الناس على الخروج من هذه الثقافة، وتوجيههم بقوّة نحو صحوة إيمانيّة وروحيّة وأخلاقيّة، بلغة مبتكَرة وأسلوب جديد. كما يتحتّم على الكنائس أن تجد قاعدةً مشترَكة للإيمان الواحد خصوصًا ما يتعلّق بالكريستولوجيا لأنّها موضوع أساسيّ في الإيمان المسيحيّ الذي بشّر به الإنجيل".