"عون الكنيسة المتألّمة" تكشف بالأرقام الدّول الّتي تشهد انتهاكات في الحرّيّة الدّينيّة
التّقرير شمل الفترة الممتدّة من 1 كانون الثّاني 2023 حتّى 31 كانون الأوّل 2024، وقد حدّد ثلاثة محاور رئيسة تشكّل القضايا المؤثّرة على الحرّيّة الدّينيّة اليوم، وهي: تطوّر الجهاديّة، الهروب من الاضطهاد والتّمييز الدّينيّ، والنّموذج الكوبيّ وتصديره إلى فنزويلا ونيكاراغوا.
وفيما يلي أهمّ النّتائج الّتي توصّل إليه التّقرير بحسب ما نقلها "المركز الكاثوليكيّ للإعلام:
"1. يعيش نحو ثلثي البشريّة تقريبًا- أيّ ما يقرب من 5.4 مليار شخص- في دول تحدث فيها انتهاكات جسيمة للحرّيّة الديّنيّة. وتحتضن الدّول الـ62 المصنّفة ضمن فئة الاضطهاد أو التّمييز نحو 64.7% من سكّان العالم. وخلال فترة التّقرير، أظهرت دولتان فقط- كازاخستان وسريلانكا- تحسّنًا.
2. تمّ تصنيف 24 دولة ضمن أسوأ فئة– الاضطهاد. وتشمل الانتهاكات الجسيمة والمنهجيّة، مثل العنف والاعتقالات والقمع، أكثر من 4.1 مليار شخص في دول مثل الصّين والهند ونيجيريا وكوريا الشّماليّة. وفي 75% من هذه الدّول (18 من أصل 24)، تدهورت الأوضاع.
3. تمّ تصنيف 38 دولة على أنّها تشهد تمييزًا دينيًّا، ما قد يؤثّر على نحو 1.3 مليار شخص– أيّ 17.3% من سكّان العالم. في هذه الدّول، مثل مصر وإثيوبيا والمكسيك وتركيا وفيتنام، تواجه الجماعات الدّينيّة قيودًا منهجيّة على العبادة والتّعبير والمساواة القانونيّة. وعلى الرّغم من عدم تعرّضها للقمع العنيف، غالبًا ما يؤدّي التّمييز إلى التّهميش وعدم المساواة القانونيّة.
4. تمّ تصنيف 24 دولة على أنّها "تحت المراقبة" وسط تصاعد مؤشّرات تحذيريّة تهدّد الحرّيّة الدّينيّة. وتشمل هذه المؤشّرات تزايد التّعصّب، وتآكل الحمايات القانونيّة، والتّطرّف الدّينيّ، وتزايد تدخّل الدّولة في الحياة الدّينيّة. ويعني هذا أنّ نحو 750 مليون شخص قد يكونون عرضة للتّمييز الدّينيّ. وفي خرائط التّحليل الإقليميّ، يتمّ تمييز هذه الدّول برمز العدسة المكبّرة.
5. يُعدّ السّلطويّة أعظم تهديد للحرّيّة الدّينيّة. فقد فرضت الأنظمة السّلطويّة آليّات قانونيّة وبيروقراطيّة بشكل منهجيّ لقمع الحياة الدّينيّة. في دول مثل الصّين وإريتريا وإيران ونيكاراغوا، تقوم الحكومات بقمع الدّين من خلال المراقبة الشّاملة، والتّشريعات التّقييديّة، وقمع المعتقدات المعارضة. ويُعدّ الاستبداد من بين العوامل الرّئيسة للاضطهاد في 19 دولة، وتشكّل الأساس لأنماط التّمييز في 33 دولة أخرى.
6. يتصاعد العنف الجهاديّ ويتكيّف ويُزعزع الاستقرار على نطاق غير مسبوق. في 15 دولة، يُعدّ التّطرّف الدّينيّ أحد المحرّكات الرّئيسيّة للاضطهاد؛ وفي 10 دول أخرى، يسهم في التّمييز.
من منطقة السّاحل إلى باكستان، تتوسّع الجماعات الجهاديّة عبر شبكات لامركزيّة، مستهدفة المسيحيّين والمسلمين الّذين يرفضون الأيديولوجيّة المتطرّفة. مستغلّةً المظالم المحلّيّة وضعف الحوكمة، تعمل الجماعات الإرهابيّة مثل "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" و"الدّولة الإسلاميّة– ولاية السّاحل" على توسيع سيطرتها في السّاحل، بينما تسعى "أنصار السّنّة" في موزمبيق و"تحالف القوى الدّيمقراطيّة" في جمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة إلى إقامة "خلافة" لإضفاء الشّرعيّة على سلطتها وأيديولوجيّتها.
7. القوميّة الدّينيّة آخذة في الازدياد، ممّا يؤجّج إقصاء الأقلّيّات وقمعها. وتتشكّل الهويّة الوطنيّة بشكل متزايد عبر القوميّة الإثنيّة- الدّينيّة، ممّا يقوّض حقوق الأقلّيّات. في الهند وميانمار، تؤدّي هذه الظّاهرة إلى الاضطهاد؛ وفي فلسطين وإسرائيل وسريلانكا ونيبال، تغذّي "التّمييز".
تمثّل الهند مثالًا على "الاضطهاد الهجين"، أيّ الجمع بين القمع القانونيّ والعنف الجماهيريّ. وتُستخدم الرّوايات الأغلبيّة كسلاح لترسيخ السّلطة، في حين تعمل الأنظمة القانونيّة والإداريّة غالبًا على ترسيخ وضعيّة الأقلّيّات كمواطنين من الدّرجة الثّانية.
8. يُفاقم الاضطهاد الدّينيّ الهجرة القسريّة والنّزوح بشكل متزايد. فرّ ملايين الأشخاص من العنف والتّمييز وغياب حماية الدّولة، وهي أسبابٌ متجذّرة في التّعصّب الدّينيّ. في نيجيريا، دمّرت هجماتٌ شنّها مسلّحون متطرّفون من قبيلة الفولاني الكنائس والقرى ورجال الدّين، ممّا أدّى إلى نزوح جماعيّ. وفي جميع أنحاء منطقة السّاحل– بوركينا فاسو والنّيجر ومالي– وفي خضمّ الحرب الأهليّة في السّودان، مجتمعات دينيّة بأكملها،
8. يُغذّي الاضطهاد الدّينيّ بشكل متزايد الهجرة القسريّة والنّزوح. فقد فرَّ ملايين الأشخاص من العنف والتّمييز وغياب حماية الدّولة، الّتي تنبع أسبابها من التّعصّب الدّينيّ. في نيجيريا، دمّرت هجمات شنّها مسلّحون متطرّفون من قبيلة الفولاني الكنائس والقرى ورجال الدّين، ما أدّى إلى نزوح جماعيّ واسع. وعبر منطقة السّاحل -بوركينا فاسو والنّيجر ومالي- وفي خضمّ الحرب الأهلّيّة في السّودان، هُجّرت مجتمعات دينّية بأكملها، ودُمّرت أماكن عبادتها، ومُحي تراثها الدّينيّ. يُعدّ الاضطهاد الدّينيّ عاملًا رئيسيًّا، وغالبًا ما يُغفل عنه، في أزمة النّزوح العالميّة الرّاهنة.
9. تستهدف الجريمة المنظّمة بشكل منهجيّ القادة الدّينيّين والمجتمعات. ففي الدّول الضّعيفة أو الفاشلة ومناطق النّزاع، تستهدف الجماعات الإجراميّة القادة والمؤسّسات الدّينيّة لفرض سيطرتها. في ثلاث دول- نيجيريا وهايتي والمكسيك- تُعدّ الجريمة المنظّمة محرّكًا رئيسيًّا للاضطهاد أو التّمييز. وفي المناطق ذات الحوكمة الضّعيفة، خصوصًا في أميركا اللّاتينيّة وأفريقيا جنوب الصّحراء، تُنهب الكنائس، ويُختطف الرّعاة أو يُقتلون، وتُمارس الضّغوط على المنظّمات الدّينيّة للصّمت أو التّواطؤ.
10. أصبحت الحرّيّة الدّينيّة ضحيّة عالميّة للحروب في ظلّ تصاعد النّزاعات حول العالم. فقد شهدت المجتمعات الدّينيّة نموًّا هائلًا في المعاناة نتيجة الحروب، بما في ذلك الحروب الأهليّة، والحروب بين الدّول، والنّزاعات الإقليميّة. وأدّت النّزاعات المسلّحة في أوكرانيا والسّودان وميانمار وغزّة وناغورنو كاراباخ إلى نزوح جماعيّ، وإغلاق الكنائس، واستهداف المجتمعات الدّينيّة بشكل مباشر.
11. شهدت جرائم الكراهيّة المعادية للسّامية والمسلمين ارتفاعًا حادًّا. عقب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 والحرب الّتي تلته في غزّة، تصاعدت الحوادث المعادية للسّامية والمسلمين في جميع أنحاء أوروبا وأميركا الشّماليّة وأميركا اللّاتينيّة. ففي فرنسا، زادت الأعمال المعادية للسّامية بنسبة 1000٪، بينما ارتفعت جرائم الكراهيّة ضدّ المسلمين بنسبة 29٪. وسجّلت ألمانيا 4,369 جريمة مرتبطة بالصّراع، مقارنةً بـ61 جريمة فقط في عام 2022. وتعرّضت المعابد اليهوديّة والمساجد للهجوم، وتعرّض الأفراد للمضايقة، وانتشرت خطابات الكراهيّة على الإنترنت. وفي كثير من الحالات، كانت استجابات الحكومة غير كافية، ممّا زاد من شعور المجتمعات الدّينيّة بالخوف وانعدام الأمان.
12. تتزايد الحوادث المعادية للمسيحيّين في الدّول الغربيّة. شهدت أوروبا وأميركا الشّماليّة ارتفاعًا ملحوظًا في الهجمات على المواقع المسيحيّة والمؤمنين. ففي عام 2023 وحده، سجّلت فرنسا نحو 1,000 حادثة معادية للمسيحيّين، بينما أبلغت اليونان عن أكثر من 600 حالة تخريب للكنائس. وفي كندا، استهدفت 24 كنيسة بالحرق عمدًا بين عام 2021 وأوائل عام 2024. وشهدت إسبانيا وإيطاليا والولايات المتّحدة وكرواتيا ارتفاعات مماثلة، شملت تدنيس أماكن العبادة، والاعتداءات الجسديّة على رجال الدّين، وعرقلة الشّعائر الدّينيّة– غالبًا بدافع العداء الأيديولوجيّ أو النّشاط المسلّح أو التّطرّف المناهض للدّين.
13. يتعرّض حقّ استنكاف الضّمير لتهديد متزايد. ففي جميع أنحاء منطقة منظّمة الأمن والتّعاون في أوروبا، يواجه هذا الحقّ قيودًا متزايدة. ففي دول مثل أرمينيا وأذربيجان وأوكرانيا وروسيا، سُجن أفراد يرفضون الخدمة العسكريّة لأسباب دينيّة أو أخلاقيّة. وفي الوقت نفسه، تواجه المؤسّسات الدّينيّة في الدّيمقراطيّات الغربيّة مثل بلجيكا ضغوطًا قانونيّة متزايدة لتقديم خدمات مثل الإجهاض والمساعدة على الانتحار.
14. يُستخدَم الذّكاء الاصطناعيّ والأدوات الرّقميّة كسلاح لقمع الجماعات الدّينيّة. فمن الذّكاء الاصطناعيّ إلى شبكات المراقبة، تُستخدم التّقنيّات الحديثة بشكل متزايد لمراقبة الجماعات الدّينيّة وتصنيفها ومعاقبتها على ممارستها الدّينيّة. ففي دول مثل الصّين وكوريا الشّماليّة وباكستان، تستخدم الحكومات والجهات غير الحكوميّة الأدوات الرّقميّة للرّقابة والتّرهيب وتجريم المؤمنين، ممّا يُحوّل المعتقد الدّينيّ إلى تهديد أمنيّ محتمل.
15. ضعف مزدوج: تعاني النّساء والفتيات من الأقلّيّات الدّينيّة- بعضهنّ لا يتجاوز عمرهنّ عشر سنوات- من انتهاكات منهجيّة. خلال فترة التّقرير، استمرّت توثيق الانتهاكات الجسيمة ضدّ النّساء والفتيات من الأقلّيّات الدّينيّة. ففي دول مثل باكستان ومصر وموزمبيق، تعرّضت الضّحايا- بعضهنّ في سنّ العاشرة- للاختطاف، والتّحويل القسريّ للدّين، والزّواج بالإكراه. وتحدث هذه الانتهاكات بمئات الحالات سنويًّا، وغالبًا ما تُنفّذ مع إفلات مرتكبيها من العقاب.
16. على الرّغم من تدهور سياق الحرّيّة الدّينيّة، أظهرت المجتمعات الدّينيّة صمودًا راسخًا كفاعلين للسّلام، بالإضافة إلى تقديمها المساعدات الطّارئة والرّعويّة. فعلى الرّغم من الاضطهاد، تواصل هذه المجتمعات إظهار قدرة مذهلة على الصّمود، منخرطة بنشاط في بناء السّلام وتقديم المساعدات الإنسانيّة الأساسيّة. من منطقة كابو دلغادو في موزمبيق إلى بوركينا فاسو، أظهرت المبادرات المشتركة بين الأديان أنّ الحرّيّة الدّينيّة يمكن أن تكون أساسًا للوحدة وضمانًا للكرامة الإنسانيّة. ويلعب التّعليم دورًا حاسمًا في هذه العمليّة، إذ يعزّز التّماسك الاجتماعيّ، ويؤكّد على المساواة في القيمة بين جميع الأفراد، ويمكّن الأقلّيّات ثقافيًّا واقتصاديًّا".