آرام الأول أكّد في قداس الفصح أهميّة الوحدة والاستقرار: مع قانون انتخابي عادل ينصف كل الطّوائف والكتل
بعد القدّاس وجّه آرام الأول رسالة الفصح بعنوان"نعيش ونشهد لقيامة المسيح"، جاء فيها:
"إنّ قيامة ابن الله هي مرحلة حاسمة في إرسالية المسيح الخلاصية، بدءاً من بيت لحم، إذ إنّها مصدر قوة أساس الإيمان المسيحي المتين. حقاً، إنّ إنتصار القيامة على الموت قد دفع أولئك الذين شكّكوا في المسيح إلى أن يشهدوا لألوهيته. وأمّا الذين أنكروا المسيح، فإنّهم جدّدوا إيمانهم. في حين أثبتت حقيقة القيامة من قبل الأشخاص الذين كانوا يعتقدون أنّ إرسالية المسيح قد قبرت بنزوله للقبر".
أضاف:"لم تكن الجلجلة غروب إرسالية المسيح، بل بالقيامة أصبحت شروق إرسالية جديدة من قبل الرسل والكنيسة. إنّ المسيح القائم قد أعطى علامة الإرسالية الجديدة لتلاميذه"اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها"(مر16: 15). إنّ قيامة المسيح هي الدافع لإرسالية جديدة، هدفها أن نعيش ونشهد لقيامة المسيح. هذا هو جوهر الإيمان المسيحي. هذا هو الطريق الحقيقي لنصبح مسيحيين حقيقيين". لم تكن سهلة إرسالية تحويل قيامة المسيح إلى الشهادة والحياة. إنّ سفر أعمال الرسل والرسائل التي كتبت في النصف الثاني من القرن الأول، يكشفون بوضوح معاناة المسيحيين تكشف أنهم نذروا أنفسهم لاتباع المسيح، محتملين الإضطهاد، السجن والإستشهاد وذلك من خلال سيرة حياتهم وشهاداتهم. إنّ بشارة القيامة إنتشرت في كل مكان على الرّغم من تلك الحقيقة المؤلمة. تأسّست كنائس في أفسس، أورشليم، أنطاكية، روما، مقدونيا، قبرص، تسالونيكي، أثينا، فيلبي، أرمينيا وعديد من أماكن العالم القديم. أصبح كل مسيحي رسولاً، مدعوّاً ليعيش ويشهد لقيامة المسيح بشهادة الحياة أو الدّم. وهكذا بقيامة المسيح، بقيت الكنيسة قويّة وراسخة أمام مآسي التاريخ".
وتابع:"اليوم، وبمناسبة عيد القيامة المجيدة، تذكر الكنيسة الأرمنية شعبها، بعدما مزجت حياتها بقيامة المسيح وبقوته إنتصرت على الأشرار والشرور المحيطين بها، لقرون عديدة، بأنّنا بقيامة المسيح نلنا نعمة الحياة الجديدة:لقد ماتت الحياة المعطاة من قبل الله في الإنسان بسبب خطيئة الأخير. إنّ المسيح لم يشر فقط إلى حياة الإنسان الحقيقية، لم يذكر فقط بأنّه جاء إلى العالم لكي تكون لنا حياة"الذي مات لأجلنا، حتى إذا سهرنا أو نمنا نحيا جميعاً معه"(1تس 5: 10)، بل حتى أنّه مات لأجلنا لكي به تكون لنا حياة. نصير متّحدين معه بشبه موته وقيامته"لأنّه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته، نصير أيضاً بقيامته"(رو6: 5) لكي نحيا حياةً متجدّدةً".
وقال:"بقيامة المسيح تصالحنا مع الله"وليس ذلك فقط، بل نفتخر أيضاً بالله، بربنا يسوع المسيح الذي نلنا به الآن المصالحة" (رو5: 11): كنّا مبعدين عن الله. خنا الدعوة الممنوحة لنا من السماء وأصبحنا عبيداً لشهوات الحياة الدنيوية. بتدمير الموت إقتربنا إلى الله، تصالحنا مع أبينا السماوي وأصبحنا أولاده بالتبني. لذا، يجب أن نقيم حياتنا وأعمالنا بوعي عميق بخصوص حقيقة كوننا أولاد الله بالتبني، لأنّنا باتّحادنا مع قيامة المسيح نسير في الموكب السمائي نحو ملكوت الله". بقيامة المسيح لسنا تحت النّاموس، بل تحت النّعمة"فإنّ الخطيئة لن تسودكم، لأنّكم لستم تحت النّاموس بل تحت النعمة"(رو6: 14):
بقيامة المسيح إنتصرنا على الشر، أبعدنا من حياتنا عادات وشرور سلطانهما، وأصبحنا أناساً جدداً. لقد منحنا المسيح ولادة جديدة من خلال دمه وقيامته. لذا، نحن مدعوون إلى إتّباع المسيح، نعمة الحياة الجديدة، كمسلك وطريق لحياتنا".
وتابع مذكّراً في نقطة رابعة:"بقيامة المسيح يجب أن نكافح التعاليم المضلّة: حاول كثير من الهرطقات عبر التاريخ أن يصمت شهادة الكنيسة. لكنّها هي من صمت. بالإمكان اضطهاد الحقيقة، صلبها ، لكن لا يمكن دفنها. اليوم أيضاً، نحن محاصرون بالهرطقات المرئية والخفية. المسيحي سيرفض الشّر ويصبح شريك الخير، سيرفض الظّلام ويصبح رسول النور، سيرفض الباطل ويصبح حامل راية الحقيقة. بقيامة المسيح نحن مسلّحون ومدعوّون بأن نبقى أمناء لرسالة الإنجيل:إنّ الإنجيل ليس كتاباً شاملاً للتعاليم، وإنّما إعلان عن خطة الله الخلاصية"وللقادر أن يثبتكم، حسب إنجيلي والكرازة بيسوع المسيح، حسب إعلان السر الذي كان مكتوماً في الأزمنة الأزلية"(رو16: 25). لذا، يجب أن نشهد عن هذا بشجاعة، نشهد بحياتنا وأعمالنا، نشهد وفق الحاجة بالتكريس. هكذا فعل مسيحيو القرون الأولى، بالشهادة ختموا حياتهم الأرضية. هكذا فعل أول شعب مسيحي في العالم، الشعب الأرمني، وأصبح تاريخه الشهادة".
أضاف:"بقيامة المسيح يتجدّد إيماننا، فيجب أن نكون مستعدين لمجيء المسيح الثاني:إنّ المسيح سوف يأتي ثانية حسب وعده. سوف يكون هناك دينونة، حساب وقيامة الأموات. على المسيحي أن يحيا ويعمل بهذا الإنتظار، بحسب وصيّة الرسول"وأمّا نحن الذين من نهار، فلنصح لابسين درع الإيمان والمحبة، وخوذة هي رجاء الخلاص"(1تس 5: 8)".
وتابع:"المسيح لا ينتمي إلى الماضي، بل يعيش بجسده السري، من خلال الكنيسة. إنّ مسيرة إنتصار قيامة المسيح تستمر من خلال إرسالية الخلاص. يقول أعظم مبشر في الإنجيل بولس الرسول، إنّ المسيح دعاه لكى يصبح رسوله ويكون شاهداً على إنجيله:"بولس، عبد ليسوع المسيح، المدعوّ رسولاً، المفرز لإنجيل الله"(رو1: 1). اليوم ودائماً، يدعو المسيح كل واحد منّا لأن يصبح رسوله، بمعنى آخر، أن يحيا بالإنجيل ويصبح شاهده ". وسأل:" هل نحن مستعدّون لننال هذه النعمة السماويّة؟"
وتطرّق آرام الأول إلى الوضع الداخلي، وشدّد على"أهمية الإتّفاق على قانون إنتخابي عادل يجمع كل اللّبنانيين حوله ويتّفقون عليه وينصف كل الطوائف والكتل"، مشدّداً على"أهمية الوحدة الداخلية والاستقرار".
ويتقبّل آرام الأول التّهاني بالعيد في قاعة الصرح حتى الأولى والنصف، ويستأنف تقبّلها من الرابعة عصراً لغاية السّابعة مساءً.