"دعا يسوع تلاميذه الٱثني عشر، فأعطاهم سلطانا..."
"للدعوةِ مكانةٌ عالية في الكتاب المقدّس. فمن دعوة إبراهيم وموسى وأشعيا وإرميا والأنبياء جميعهم في العهد القديم، إلى دعوة الرسل الإثني عشر في العهد الجديد.
غاية الدعوات التبشير بكلمةِ الله. فالرسل هم الشهود المميّزين لقيامة الربّ يسوع من بين الأموات. "فَأَعْطَاهُم سُلْطَانًا..."، لأنّ دعوة الربّ تتخطّى حقيقة التلاميذ التاريخيّة لتشمل الرسل كلّهم، وهي دعوتنا أيضًا نحن اليوم: أن نُعلن إلى الجميع أين هي الحياة الحقيقيّة! هدفنا الأوّل ليس شفاء العلل والأمراض، لأنّ الشفاء نتيجة لدعوتنا الأولى التي هي: إعادة الإنسان إلى علاقته السليمة مع الله. هدفنا شفاء القلب والكيان، شفاء الاختيار، وإرجاع الخاطىء إلى حبّ الله. يتألّم الناس، في عالمنا اليوم، بأمراضٍ وعِللٍ كثيرة، لأنّهم يفتّشون عن سعادة القلب في الأماكن الجافّة؛ يبحثون عن مياه الحياة في الآبار الموحلة، وعن مِلء فراغ قلوبهم بالسعادة العابرة، فلا يَصلون إلّا إلى الفراغ، والألم والشقاء.
كيف نستطيع أن نكون رُسُلًا في عالمنا اليوم؟ هذا العالم الذي يعيش الروح الوثنيّة ويمارسها. نحن مدعوّون إلى أن نُلبّي دعوة الله لنا إلى القداسة مثلما دعا الرسل ولا نقدر أن نتجاهل هذه الدعوة.
أحبّائي، كلّ إنسان يموت، لكن ليس كلّ إنسان يعيش! فالذي يجعلنا نعيش هو أمانتنا لحقيقة الله في وسط عالمنا اليوم. وهذا يتطلّب منّا الوعي واليقظة.
لنصبح رسلًا حقيقيّين، نحن مدعوّون إلى أن نثبت على مواقفنا الصائبة والتزامنا ومبادئنا، وأن نجازف بسمعتنا ومركزنا وسعادتنا التي تأتي من الخارج، لكي نشهد للحقيقة ونُدافع عنها أمام الناس كلّهم.
نحن رسل المسيح اليوم، تكرّسنا له بمعموديّتنا، نسمع كلمته تدعونا إلى أن نكون من تلاميذه، ونأخذ منه قدرة قتلِ الشّر في عالمنا. نحن مدعوّون إلى أن نعلن هذه الحقيقة، ليس بالمنطق أو باللسان فقط، بل بشهادة الحياة أوّلًا، ليؤمن بصحّة رسالتنا كلّ شخصٍ يرى أعمالنا الحسنة، وبشهادة حبّنا، ليعرف العالم أنّنا مسيحيّون لأنّنا نُحّب بعضنا البعض، وصولًا إلى بذل الدم إذا اقتضى الأمر حبًّا بالمسيح ووفاء له. نحن مسؤولون عن خلاص إخوتنا وعن استمرار بشارة الرسل، ولا يحقّ لنا التراجع والقول "أنا لست معنيًّا، هناك الكثير غيري..."
بالمعموديّة دعانا الربّ لنُعلن إنجيله في البيت والعمل والرعيّة، ليس بكثرة الكلام، بل بعَيش منطق الإنجيل أينما كنّا والالتزام به، من دون خوفٍ ولا خجل.
نُعلن إرادة الله وحبّه، ومنطق المغفرة والمصالحة والمحبّة والسلام في عالم يتألّم من الانقسام والحقد والحروب... للربّ المجد إلى الأبد..."