دينيّة
24 أيلول 2024, 07:40

"بناءِ السلامِ عن طريقِ الحوار": المونسنيور خالد عكشة

تيلي لوميار/ نورسات
عقد في العاصمة الروسيّة موسكو من 20 إلى 22 أيلول/سبتمبر 2024 المنتدى الإسلاميّ العالميّ العشرين، شارك فيه، من الأردن المونسنيور خالد عكشة، وكانت له مداخلة، وفق ما نقلت "فاتيكان نيوز".

 

 

قال المونسنيور خالد عكشة، أمين سرّ لجنة العلاقات الدينيّة مع المسلمين في دائرة الحوار بين الأديان في حاضرة الفاتيكان، في المنتدى الإسلاميّ العشرين في موسكو: "لا يدرك أهوال الحرب إلّا من اختبر بعضًا من ويلاتها المختلفة...وأعظم الأهوال هو بالطبعِ أنْ يفقد الانسان حياته بشكلٍ من الأشكال. ومن هنا ضرورة الحفاظ على السلام وتعزيزه إنْ وُجد، وإعادة بنائه إذا فُقِد".

قال أيضًا: "لمّا كان ملايين البشر في عشرات من الدول يعيشون اليومَ حروبًا ونزاعاتٍ بدرجاتٍ وأشكالٍ مختلفة، وبنتائجَ مأساوية هي أيضًا مختلفة في حِدّتها ونتائِجها، فإنّي أحيّي المنتدى الإسلاميّ العالميّ ومجلس مفتيي روسيا لمبادرتهم بعقد هذا الملتقى في ظروفٍ بالغةِ الحساسيّةِ والخطورة...

أستلهم مداخلتي من الرسالة العامّة للبابا يوحنّا الثالث والعشرين "السلامُ على الأرض"، التي وجّهها في الحادي عشر من شهر نيسان/أبريل عام 1963، في ظروفٍ شبيهةٍ إلى حدّ كبير بالتي نعيش اليوم، أعني توتّرات دوليّة شديدة وضعت البشريّة على شفير حرب مدمّرة...ومن اللافت أنّ قداسته لم يخاطبْ من خلال رسالته أتباع الكنيسة الكاثوليكية فحسب، بل "الناس ذوي الإرادة الحسنة جميعًا".

يرتكزُ السلام، على ما رأى البابا يوحنّا الثالث والعشرون، على أربعةِ أركانٍ هي: الحقيقةُ والعدلُ والمحبّةُ والحرّيّة".

ثمّ تطرّق المونسنيور عكشة باختصار إلى الأركان الأربعة:  

1) الحقيقة

يؤكّد البابا أنْ "لا ينتظم مجتمعٌ لا تحترم فيه الشخصيّة الإنسانيّة، ولا يكون مصدر خير، ما لم يرتكزْ على الحقيقة" (رقم 18). ويستشهدُ ببولسُ الرسول في (أفسس 4 ،25). ويخلُص قداسته إلى أنَ "هذا يفرض أنّ الحقوق والواجبات المتبادَلة يُعترف بها في إخلاص".

2) العدل

يصرّح البابا القدّيس بأنَّ "هذا المجتمع ينبغي أيضًا أن يتأسّس على العدل، أي على الاحترام الفعليّ لهذه الحقوق وعلى القيام المخلص بهذه الواجبات" (رقم 18)...

3) المحبّة

يؤكّد البابا: "كما أنْ يجب أن يُحيا بالمحبّة، أي بهذه العاطفة المُرادة التي تجعل كلّ واحد يحسّ بحاجات القريب وكأنّها حاجاته هو، ويشركه بخيراته، وتدفع إلى تبادل يتزايد مع الزمن في ميدان القيم الروحيّة" (رقم 18). والمحبّةُ، كما هو معلوم، هي وصيةُ السيّدِ المسيحِ (راجع الإنجيل بحسب يوحنّا ٬15 12).

4) الحرّيّة

"هذا المجتمع أخيرًا – والكلام للحبر الأعظم – يجب أن يتحقّق في الحرّيّة، أي بالطريقة التي تليق بكائنات عاقلة خُلقتْ لتتحمّل مسؤوليّات أعمالها" (رقم 18). وفي غياب الحرّيّة ضررٌ كبيرٌ على الفرد وعلى المجتمعِ وتَعدٍّ سافر على إرادة الخالق الذي أنعم على بني البشر دون سائر الخلائق بهذه العطيّة السامية، جاعلًا من الإنسان خليقةً حرّةً ومسؤولةً في آن".

ثمّ عقّب المونسنيور عكشة بالقول: "ويركّز قداسَتُه على أنَّ" الحياةَ الاجتماعيةَ يجب أن يُنظر إليها أوّلًا من حيث هي واقعٌ روحيّ. لأنّها تبادل معرفة في ضوء الحقيقة، وتمرّسٌ بحقّ وقيامٌ بواجب، وتنافسٌ في السعي إلى الخير الأدبيّ، واشتراكٌ في التنعّم النبيل بالجمالِ في مظاهره المشروعة كلّها، واستعداد دائم لأنْ نُشرك الغير بأحسن ما فينا، ونزعةٌ مشترَكةٌ إلى اغتناء روحيّ ثابت" (رقم 19).

تلكَ هي القيمُ التي يجب أن تُحيي وتوجِّه كلَّ شيء: الحياةَ الثقافيّة والاقتصاديّة، والتنظيم الاجتماعيّ في مظاهره المختلفة وتطوّراته الدائمة، والحركات والأنظمة السياسيّة (راجع رقم 19)".

أضاف المنسنيور عكشة: "يسرُّني أن أُطلعَكم على أنّ هذه الرسالة العامّة كانت موضوعًا لمؤتمرٍ مع إحدى المؤسسات الإسلاميّة التي تربط دائرتنا بها علاقاتٌ مؤسسيّةٌ منتظَمة،وهي كثيرةٌ جدًّا بفضل الله وتعاوننا المشترك..."

"تجمعنا اليوم، بالإضافة إلى موضوعِ بناء السلام عن طريق الحوار، مناسباتٌ أخرى تبعث الرجاء والفرح في قلوبنا، أخصّ منها بالذكر الذكرى العشرين لتأسيس المنتدى الإسلاميّ الدّولي الذكرى الأربعين للخدمة الدينيّة للشيخِ راوي عين الدّين..."

وختم أمين سرّ لجنة العلاقات مع المسلمين مداخلته قائلًا: "أسأل الله تعالى أن يرافقنا بدوام رضاه، وأنْ يوفّقنا في ما اجتمعنا من أجله. ولكم منّي السلام ومن الله الرحمة والبركات".