"الوحدة المسيحيّة هي مسيرة سينودسيّة وشهادة": البابا فرنسيس
تاريخ 11 تشرين الأوّل/أكتوبر ليس عشوائيًّا على الإطلاق لأنْ تمّ تأطيره في ذكرى المجمع الفاتيكانيّ الثاني الذي افتُتح رسميًّا في اليوم عينه قبل 62 عامًا. وعلى حدّ تعبير الأمين العامّ للسينودس، فإنّ هذا المجمع "دشّن حقبة مسكونيّة جديدة يكون السينودس تعبيرًا عنها وشاهدًا في رغبته النشطة في مساعدة الكنيسة جمعاء على المضي قدُمًا على طريق الوحدة الكاملة".
تحدّث البابا فرنسيس، في عظته المعدّة للوقفة المسكونيّة، بمناسبة هذه الذكرى، وبمشاركة آباء السينودس، عن الوحدة المسيحيّة والاستشهاد، مركّزًا أفكاره على كلمات يسوع: "المجد الذي أعطيتني قد أعطيتهم". (يو 17: 22).
وأوضح أنّ هذه الكلمات تنطبق بشكل خاصّ على الشهداء الذين جلبت لهم شهادتُهم للمسيح مجدَ الله.
وفي أمسية الصلاة التي أقيمت في ساحة بروتومارتيرز (الشهداء الأوّلون) مقابل كاتدرائيّة القدّيس بطرس، حيث يشير التقليد إلى استشهاد القدّيس بطرس، وفي الاحتفال بالقدّاس الذي تمّ فيه الاستشهاد بالعديد من النصوص والصلوات من بعض الوثائق والتعاليم الرئيسة للمجمع الفاتيكانيّ الثاني، أكّد الأب الأقدس أنّ "الكنيسة بُنيت على دماء الشهداء"،
و "أنّ دماء الشهداء الأوائل هي شهادة على الدعوة الدائمة إلى الوحدة بين المسيحيّين".
وذكّر البابا بتعاليم مرسوم المجمع الفاتيكانيّ الثاني بشأن الحركة المسكونيّة، Unitatis Redintegratio، مذكّرًا إيّانا بأنْ "كلّما اقترب المسيحيّون من المسيح، اقتربوا من بعضهم البعض".
وأضاف أنّ هذا الارتباط العميق تدعمه صلوات القدّيسين والشهداء الذين يواصلون مرافقة الكنيسة في مسيرتها المسكونيّة.
وأوضح البابا فرنسيس أنّ الوحدتين المسيحيّة والمجمعيّة متشابكتان بعمق، ووصف المجمعيّة بأنّها الطريق الذي يتوقّعه الله من الكنيسة في الألفيّة الثالثة.
وشدّد على البعد المسكونيّ للنهج السينودسيّ، وقال إنّه طريق يجب أن يسلكه المسيحيّون جميعهم، "مسيرة السينودسيّة هي، ويجب أن تكون مسكونيّة".
وأكّد البابا أنّ هذه الرحلة لا تهدف إلى خلق شيء جديد، بل إلى الترحيب بعطيّة الوحدة التي منحها لنا الروح القدس، موضحًا أنّ السينودس هو عمليّة اكتشاف وأنّنا "لا نعرف مسبقًا ما ستكون عليه نتيجة السينودس"، تمامًا كما لا يمكننا التنبّؤ كيف ستكون الوحدة التي نحن مدعوّون إليها.
ووجّه الأب الأقدس انتباهه إلى الشهادة المسيحيّة، وشدّد على أنّ الوحدة المسيحيّة ضروريّة للرسالة، وذكّر بـ "ليكونوا بأجمعهم واحدًا... حتّى يؤمن العالم" (يوحنا 17: 21)، مسلّطًا الضوء على قناعة آباء المجمع بأنّ الانقسام بين المسيحيّين "يفضح العالم" ويؤذيه.
وأشار إلى "مسكونيّة الدمّ"، التي يجسّدها الشهداء المسيحيّون من مختلف التقاليد الذين، في أجزاء كثيرة من العالم اليوم، يبذلون حياتهم معًا من أجل إيمانهم، فـ"شهادة الشهداء أقوى من أي كلمة".
وفي الختام، أعرب البابا فرنسيس عن أمله في أن يوفّر السينودس الحاليّ فرصة للمسيحيّين للتغلّب على الانقسامات التي لا تزال تعيق شهادتهم المشتركة.
وقال: "العالم يحتاج إلى شهادتنا المشتركة، ونحن مدعوّون إلى أن نكون أمناء لرسالتنا المشتركة كتلاميذ مرسلين للمسيح".
وبالتأمّل في مثال القدّيس فرنسيس الأسّيزيّ، الذي تلقّى رسالته أمام صورة المسيح المصلوب، صلّى البابا لكي يرشد صليب المسيح المسيحيّين في رحلتهم اليوميّة نحو الوحدة الكاملة والانسجام مع بعضهم البعض ومع الخليقة كلّها.
"لأنْ فيه ارتضى الله أن يحِلَّ الملءُ كلّه، وأن يصالح به الكلّ لنفسه" (كو1: 19-20).