لبنان
21 آب 2023, 08:55

المطران ابراهيم في زيارته الأولى إلى بلدة قاع الرّيم: أنا معكم في الحلوة والمرّة

تيلي لوميار/ نورسات
إستقبلت رعيّة سيدة النّياح في قاع الرّيم رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم في زيارته الأولى للرّعيّة والبلدة منذ تولّيه مهامه الأسقفيّة، حيث ترأّس قدّاسًا في كنيسة سيدة النّياح بمشاركة كاهن الرّعيّة الأب الدكتور شربل اوبا والآباء الياس الخوري وشربل راشد. بعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران ابراهيم عظة قال فيها بحسب إعلام الأبرشيّة:

"أحبّائي في المسيح، 

إنّها زيارتي الأولى لرعيّتكم الغالية سيّدة النّياح والتي لن تكون الزّيارة الأخيرة. فأنا هنا لأكون معكم في الحلوة والمرّة كي نعبر معًا النّفق المظلم الذي يعبر فيه بلدنا الحبيب لبنان.

على ضوء إنجيل اليوم أسألكم: هل تشعرون أحيانًا بالضّعف أو الخوف أو القلق أو الحزن؟ هل تواجهون مشاكل أو تحدّيات أو صعوبات في حياتكم؟ هل تشعرون بأن بعض الأمور مستحيلة أو بعيدة المنال؟

إذا كانت إجابتكم نعم، فأنا هنا لأقول لكم بأنّ لديكم رجاء كبير في الله، الذي يقول في كتابه المقدس: “فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «هَذَا عِنْدَ ٱلنَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلَكِنْ عِنْدَ ٱللهِ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ».” (متى 19: 26).

فالله هو الخالق والمحافظ والمتصرّف في كلّ شيء. لا شيء يصعب عليه أو يخفى عنه. هو قادر على فعل كل شيء بقدرته وحكمته وإرادته. هو يحبنا بحب لا يُدرك ولا يقاس. هو يرحمنا برحمة لا تنتهي ولا تتغيّر. هو يسامحنا بغفران لا يُحَدُّ ولا يشترِط.

ولذلك، علينا أن نثق به ونتوكّل عليه ونستعين به في كلّ حالاتنا. فهو يستجيب لصلاتنا وطلباتنا، إذا كانت مطابقة لمشيئته وخيرنا. فهو يفتح لنا أبوابًا لم نكن نحلم بها، ويغلق لنا أخرى لم نعرف خُطُورَتها. فهو يجبر كسورنا ويربط جروحنا، ويرفع رؤوسنا ويَرزُقُ قوتنا. لكي نشهد بأنّ كلّ شيء مستطاع عند الله، دعونا نتذكّر بعض الأمثلة من الكتاب المقدّس ومن حياة المؤمنين به:

هل تذكرون كيف خلق الله السّماوات والأرض وكل ما فيها بكلمته الفعالة؟ عند الله كلُّ شيء مُستطاع.

هل تذكرون كيف أنقذ الله نوحًا وأهل بيته من الطّوفان العظيم؟ عند الله كلُّ شيء مُستطاع.

هل تذكرون كيف أخرج الله إبراهيم من أرضه وشعبه وأعطاه نسلاً كثيرًا؟ عند الله كلُّ شيء مُستطاع.

هل تذكرون كيف أعطى الله إسحاق لسارة في شيخوختها؟ عند الله كلُّ شيء مُستطاع.

هل تذكرون كيف حمى الله يوسف من مكائد إخوته ورفعه من السّجن إلى الحكم؟ عند الله كلُّ شيء مُستطاع.

هل تذكرون كيف أنزل الله المنّ على بني إسرائيل في البرّيّة؟ عند الله كلُّ شيء مُستطاع.

هل تذكرون كيف شقّ الله البحر أمام موسى وغرّق فرعون وجنوده؟ عند الله كلُّ شيء مُستطاع.

هل تذكرون كيف أطاعت الشّمس والقمر ليشوع في يوم المعركة؟ عند الله كلُّ شيء مُستطاع.

هل تذكرون كيف أنقذ الله داود من يد العملاق جُلْيَات؟

هل تذكرون كيف أعاد الله حياة ابنة يائير وابنة الأرملة في نائين؟

هل تذكرون كيف شفى الله المصاب بالبَرَص والأعمى من مولده والممسوس بالشّيطان؟

هل تذكرون كيف أطعم الله خمسة آلاف رجل بخمس أرغفة وسمكتين؟

هل تذكرون كيف سار يسوع على الماء وأمر الرّيح والبحر فسكتا؟ عند الله كلُّ شيء مُستطاع.

هل تذكرون كيف قام يسوع من بين الأموات في اليوم الثّالث؟

هل تذكرون كيف صعد يسوع إلى السّماء بجسده المُمجَد؟

هل تذكرون كيف نزل الرّوح القدس على التّلاميذ في عيد الخمسين؟

هل تذكرون كيف حول الله قلب شاوول من مضطهد للمسيحيّين إلى رسول؟

هل تذكرون كيف فتح الله أبواب السّجن لبولس وسيلا؟ عند الله كلُّ شيء مُستطاع.

إخوتي في المسيح، هذه بعض المعجزات التي فعلها الله في التّاريخ، ولا نزال نرى عجائبه في حاضرنا. فالشّهود على قدرة الله لا يحصون ولا يعدون. فالأبرار والصّالحون والقدّيسون، قد شاركوا في مجد الله، بإيمانهم وثقتهم وصبرهم. فقد قال لهم يسوع: " الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ." (مت 17: 20).

بعد كلّ هذه البراهين بأن الله قادرٌ على كلّ شيء نُطلق العَنان للإيمان بأن الله قادرٌ أن يُنهي، بدون أيّ تعميم وأشدد وأعيد بدون أيّ تعميم، أن يُنهي عهد المجرمين الذين أوصلوا لبنان إلى ما هو عليه اليوم. الله قادرٌ أن يخلّص لبنان. وأن يُنقذ لبنان الذي لم تعد القضيّة فيه قضيّةُ فاسدين بقدر ما أصبحت قضيّةُ مجرمين. ما جرى وما يجري في لبنان منذ سنين هو جريمةٌ ضدّ وطن وشعب بأكمله. والعدالة تقتضي الاقتصاص منهم. لكن كيف يكون هذا في وقت نرى فيه بعض القضاة في قُمة سُلَمِ المادحين والمحامين عن الفساد والفاسدين؟

اللّهم امنحنا العدالة في وطن بيروت أم الشّرائع والحقوق كي يعود لبنان منارةً ومرآةً تعكس للعالم جمال العدالة الإلهيّة ولكي نُعلن بثقة كبيرة أمام هذه المعجزة التي ننتظرها: عند الله كلُّ شيء مُستطاع. آمين."