"المسنّون هم الذاكرة، والأطفال هم الوعد، والعائلة منبَتُ الاثنين": البابا فرنسيس
هذه المرّة لم يكن المكان قاعة أبرشيّة أو مسرحًا، بل كان مرآبًا سكنيًا بأرضيّة من الحصى وجدران من الطوب وأشجار، مع مصاريع تخفي السيّارات المتوقّفة والسّكان ينظرون من الشرفات.
في المركز كان هناك كرسي بذراعين، جلس أمامه حوالى أفراد ثلاثين عائلة، أزواج مع أطفال، وشباب، وأبناء رعيّة من كنيسة القدّيسة بريدجيت السويديّة القريبة، وقد صل بعضهم بعد بدء اللقاء، منتعلين الشباشب و بالملابس المنزليّة.
من بينهم سيّدة هرعت إلى أسفل الدرج في محاولة لإصلاح شعرها. "يا إلهيّ ، يا لها من مفاجأة، كان من الممكن أن تخبروني في وقت سابق!"
وهكذا، أتى البابا فرنسيس إلى مكان جديدٍ تمامًا للدورة الثالثة من "مدرسة الصلاة"، وهي سلسلة من الاجتماعات التي يعقدها الأب الأقدس في روما على مدى سنة الصلاة استعدادًا لعام اليوبيل 2025.
في لقائه الأخير من "مدرسة الصلاة" كان البابا التقى أطفالًا ومراهقين، وقد أراد هذه المرّة أن يلتقي عائلات.
وبالفعل تواجد معه آباءٌ جدد وأجداد ومجموعة شبيبة الرعيّة وأطفالٌ ومجموعة من نساءٍ سِنِغاليّات...باختصار رحّبت به بشريّةٌ متنوّعة علمت في اللحظة الأخيرة بساعة التعليم المسيحيّ في فترة بعد الظهر.
دخلت فيات 500L حوالى الساعة 5 مساء على منحدر مبنى في فيا بالمارولا Via Palmarola، محاطٍ بجدران لا تزال قيد الإنشاء. ساد صمتٌ أوّليّ، وبعض النظرات المندهشة، واستعدّت بسرعة بعض الهواتف الذكيّة لالتقاط المشهد، وألقى البابا فرنسيس التحيّة: "مساء الخير جميعا"، تلاها تصفيق و "Viva il Papa" (يحيا البابا) المعتادة!
لم تطلْ الرحلة عبر الحشد، وشهدت توزيع الحلوى، وبعض صور السيلفي السريعة، وتقدّمت سيّدة لتسأل، "هل، ربّما، تقول صلاة من أجل أمّي؟" وباركها البابا.
ثم جلس في كرسيّ بذراعين، وانطلق في جلسة أسئلة وأجوبة مع الحضور.
أوّلا، بدا مستمتعًا بالمكان غير العاديّ: "الجدار ... النباتات... الطماطم..."، ثم حيّا المجموعة التي أمامه: "أنتم عائلات، شباب، أقلّ شبابا، مسنّون، دائما العائلة".
تمحور تعليم الأب الأقدس كما جلسة الأسئلة والأجوبة التي تلت، حول العائلة وممّا قاله البابا: "دعونا ندافع عن العائلة الجوهريّة في تربية الأطفال"، وفيما اعترف بحتميّة بعض الخلافات والتي قد تتفاوت درجاتها وقد دعاها "عواصف"، قال إنّها طبيعيّة وعلى الأهل ألّا يحبطوا وأن يحلّوا السلام قبل نهاية اليوم لأنّ الحرب الباردة في اليوم التالي تكون رهيبة. وهنا ذكّر بالكلمات الثلاث البسيطة، إنّما الهائلة الفاعليّة: "أعتذر، أرجوك، شكرًا".
وفي السياق، شدّد البابا على أنّ هذه الخطوات اليوميّة البسيطة مهمّة بشكلٍ خاصّ بالنسبة إلى الأطفال الذين يتألّمون في الصميم عند مشاهدتهم خلافات والديهم.
ولشبيبة الرعيّة الذين سألوه عن كيفيّة زيادة الإيمان اليوم، ركّز على دور الشهادة وحمّلهم مسؤوليّة في التاريخ وهذا يتطلّب عدم الإذعان أبدًا عند السقوط.
وارتاح الحضور كثيرًا في حضور هذا البابا الذي لطالما دعا الكنيسة إلى اعتناق الفقر وإلى الذهاب هي إلى الناس وعبّروا له عن محبّتهم له وعمّا يشعرون منه من أبوّة.
من جهته، ناشد البابا، مرّة أخرى، عدم إهمال المسنّين ورعاية الأطفال: فالمسنّون هم الذاكرة، والأطفال هم الوعد..."ولا تنسوا أنّ المسنّين، ولو أنّنا أحيانًا نتحدّث عن الأمور عينها، لكنّ حنانًا كبيرًا يفوح منّا، والأطفال يفهمون لغة الحنان".
ولمّا سأل أحد الآباء عن طريقة الحفاظ على الإيمان ضمن عائلته، ركّز الأب الأقدس مرّة أخرى على الشهادة، إنّما أيضًا على الحوار مع أطفاله "لا تتوقّف أبدًا عن التحدّث معهم، لا تعرّضهم للفضيحة ولا للضغط عليهم، ولكن أيضا اتركهم أحرارًا في نهاية المطاف. اجعلهم يفهمون أنّ بوسعهم التحدّث معك عن كلّ شيء. عن كل شيء"، أكّد البابا...
وانتهى اللقاء بتحيّة البابا للحاضرين، وتوزيع العناق والمسابح، والموافقة على طلبات الصور المختلفة...