"المحبة التي تتقاسم كلّ شيء وتملأ الحياة": البابا فرنسيس
قال البابا فرنسيس معلّقًا على حدث تكثير الخبز والسمك إنّ الجمع كان قد أكل ذلك الطعام المتقاسَم ورأى كيف أنّ الجميع شبعوا على الرغم من قلّة ما توافر آنذاك، بفضل سخاء صبيّ جعل ما لديه في متناول الآخرين وشجاعته. بالتالي، الآية واضحة، إنْ وهب كلّ واحد الآخرين ما لديه، يمكن - بمعونة الله وحتّى بالقليل - أن يحصل الجميع على شيءٍ ما".
تابع البابا: "إلّا أنّ الجمع لم يفهم هذا، واعتبر يسوع ما يشبه الساحر، فعادوا باحثين عنه راجين أن يكرّر ما فعل. عاش هؤلاء الأشخاص خبرة بارزة بالنسبة إلى مسيرتهم إلّا أنّهم لم يلمسوا أهمّيّتها، بل ركّزوا نظرهم على الخبز والسمك، أي على الغذاء المادّيّ الذي نفذ على الفور".
أضاف البابا قائلًا: كان هذا مجرّد أداة كشف من خلالها الآب، بسدّه جوعهم، عن شيء أكبر أهمّيّة بكثير: طريق الحياة الذي يبقى إلى الأبد ومذاق الخبز الذي يُشبع بما يفوق أيّ مقياس، يسوع ابنه الحبيب، الخبز الحقيقيّ، الذي صار بشرًا وجاء ليتقاسم فقرنا كي يقودنا، من خلاله، إلى فرح الشركة الكاملة مع الله ومع الإخوة.
الأشياء المادّيّة لا تملأ الحياة، بل المحبّة وحدها يمكنها أن تفعل ذلك. ولكي يحدث هذا، فإنّ الطريق الذي يجب السير عليه، هو طريق المحبّة التي لا تحتفظ لنفسها بشيء بل تتقاسم كلّ شيء".
ذكَّر البابا هنا بأنّ هذا ما يحدث في عائلاتنا أيضًا ودعا إلى التفكير في الوالدين الذين يجتهدون طوال الحياة من أجل أن يكبر أبناؤهم بشكل جيّد وكي يتركوا لهم شيئًا للمستقبل. وسلّط الضوء على جمال فهم هذه الرسالة، حيث يشعر الأبناء بالامتنان ويصبحون بدورهم متضامنين في ما بينهم كإخوة.
من المحزن في المقابل، أن يتشاجر الأبناء حول الإرث وقد لا يتحادثون لسنوات. إنّ رسالة الأب والأم وإرثهما الأثمن لا يكمنان في المال، بل في المحبّة التي يهبان بها الأبناء كلّ ما لديهما، تمامًا كما يفعل الله معنا، فيُعَلّماننا، هكذا، أن نحبّ".
وفي ختام حديثه إلى المؤمنين والحجّاج في ساحة القدّيس بطرس قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكيّ، دعا قداسة البابا فرنسيس إلى أن يسأل كلّ واحد نفسه: ما هي علاقتي بالأشياء المادّيّة؟ هل أنا عبد لها أم أنّي أستخدمها بحرّيّة، كأدوات، من أجل أن أعطي المحبّة وأنالها؟ هل أنا قادرٌ أن أقول "شكرًا" لله وللإخوة على ما نلت من هبات وعلى أنْ أتقاسمها بفرح؟
ثمّ، تضرّع الأب الأقدس إلى مريم، التي وهبت يسوع حياتها بالكامل، كي تُعَلّمنا أن نجعل من كلّ شيء أداة محبّة؟