لبنان
23 تموز 2024, 10:20

"المؤمن يقوى بالربّ، حتّى في أقسى ساعات ضُعفه": المطران عوده

إحتفل المطران الياس عوده متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس بمناسبة عيد النبيّ الياس الغيور، بقدّاس إلهيّ في كنيسة النبيّ الياس – المصيطبة بحضور فاعليّات المنطقة وحشدٍ من المؤمنين.

 

بعد الإنجيل المقدّس ألقى المطران عظة قال فيها:  

أحبّائي، نعيّد اليوم لنبيّ عظيم لا يخلو بيت من اسمه، ولا نجد أحدًا لا يحبّه أو يطلب شفاعته. ولكن هل يقوم البشر بالتمثّل بغيرته الإلهيّة؟

إذا نظرنا إلى سيرة النبيّ الياس الغيور، نلاحظ أنّ القدّيس صورة للربّ يسوع. فكما أقام الربّ ابن الأرملة، هكذا فعل النبيّ الياس مع الأرملة التي لم يكن لديها طعام كثير، بل القليل الذي لا يكفيها مع ابنها، لكنّها اقتسمته مع النبيّ بقلب مليء بالمحبّة، فعوّضها الله عن محبّتها بمحبّة أعظم، أي بإعادة ابنها إلى الحياة. هذه المرأة الوثنيّة عرفت أنّ الياس هو رجل الله، فساعدته ونالت بركةً عظيمةً من قبل الربّ. في أيّامنا، كثيرون يدّعون الإيمان لكنّهم لا يقتنون المحبّة في قلوبهم ولا يحبّون أحدًا، حتّى أنّنا نجدهم يتكلّمون بالسُّوء على إخوتهم البشر، وعلى الكنيسة ومن يخدم فيها. في المقابل، نجد بشرًا غير مُعمّدين، يحترمون الإنسان والكنيسة وخدّامها، ويعتبرونهم بركةً في وسط ظلمة هذا العالم".

أضاف المطران عوده: "النبيّ الياس ذهب إلى البرّيّة أربعين يومًا بعدما طلب اللهُ منهُ القيام بذلك، وكان الربّ يقوته هناك بواسطة الغراب. كلُّنا نعرف أنّ الغراب، متى جاع يأكل صغاره، أمّا هنا فقد كان يأتي بالطعام للنبيّ الجائع. الربّ يسوع ذهب إلى البريّة أربعين يومًا أيضًا، حيث جرّبه الشيطان فأعاد الشيطان مغلوبًا. من كان من الله، حتّى وإن جاع أو عطش، يبقي اتكاله على الربّ وهو يعتني به. نقرأُ في سفر أشعياء قول الربّ لشعبه: «هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟ حتّى هؤلاء ينسين، وأنا لا أنساك" (أش 49: 14-20).

صعد النبيُّ الياس إلى السماء، كما الربّ يسوع. الياس صعد على مركبة ناريّة، أمّا الربّ فأرسل بعد صعوده الروح القدس لتلاميذه على هيئة ألسنة ناريّة. الروح القدس حمل الياس إلى السماء، وسوف يحملنا الروح نحن أيضًا، إذا قبلناه، إلى ملكوت السماوات.

النبيّ الياس كان رجل صلاة منذ بداية حياته حتّى صعوده إلى السماء. إذا صلّينا بصدق واستمراريّة، نرتفع مثله ونصبح أنوارًا تضيء للجميع درب الفردوس. الإنسان المصلّي يسكن السماء، ويكون بعد انتقاله من هذه الأرض في عداد الملائكة الذين يسبّحون الربّ بلا توقّف".

تابع المطران عوده: "الإنسان المؤمن يقوى بالربّ، حتّى في أقسى ساعات ضعفه. هكذا كانت حياة النبيّ الياس، الذي كان قرب الربّ، لكنّه أخطأ حين قتل أنبياء بعل دفاعًا عن إيمانه بالله، فهبّت زوبعةٌ وتزلزلت الأرض وسقطت النار، ولم يكن الربّ فيها كلّها، لكي يعلّمه أنّ الغضب والقتل والقسوة ليست من شيم رجال الله. كان الربّ في النسيم العليل، وهذا ما كانه الربُّ في خلال حياته الأرضيّة، فهو أحبّ الجميع وعلّمهم بالقول والفعل كيف يحبّون حقًّا، ويضحّون حتّى موت الصليب.

"تنا اليوم ألّا نغضب إلّا حيث يجب، ولا غضب سوى أمام الخطيئة، خطيئتنا الشخصيّة لا خطايا الآخرين، وألّا نُخطىء عندما نغضب كما قال الرسول بولس «إغضبوا ولا تُخطئوا» (أف 4: 26). علينا أن نقتل بذور الخطيئة التي يحاول الشيطان زرعها فينا، حتّى نكون أبناء حقيقيّين لله، مشتعلين بروحه القدّوس، ومُنيرين الجميع بنوره، آمين".