مصر
05 تموز 2024, 08:30

"السرّ الكنسيّ هو فعل يتقابل الله فيه مع البشر":المطران ناصيف

تيلي لوميار/ نورسات
تتوالى الندوات التكوينيّة في أبرشيّة المنيا للأقباط الكاثوليك. هي ندواتٌ من تنسيق الأب شنودة شفيق برعاية المطران باسيليوس فوزي، راعي الأبرشيّة. تقدّمها مجموعةٌ من المتخصّصين، كلٌّ في موضوعه وتهدف إلى تكوين الخدّام والخادمات في حقل الربّ ليؤدّوا خدمتهم بـ"علم" و"معرفة" وأمانة.

 

بدأت فاعليّات الندوات التكوينيّة في اليوم الثاني بتأمّل جماعيّ تلاه القدّاس الإلهيّ ترأّسه الأنبا باخوم نصيف، النائب البطريركيّ وهو مَن قدّم الموضوع الثاني في السلسلة حول القانون الكنسيّ وموضوع الأسرار ما عدا سرّ الزواج.  

شرح المطران باخوم أوّلًا مفهوم "السرّ" قبل المسيحيّة وبعدها وقال إنّ كلمة "سرّ" استعملت قبل المسيحيّة للدلالة على:

أ- الأسطورة أي القصّة المرواة، كان يعتقد فيها القدماء كحقيقية إيمانيّة، من دون إمكانية إثبات حدوثها بالفعل  

ب- وصف محتوى العقيدة الذي يصعب فهمه بالعقل البشريّ

ج. السرّ هو طقس مقدّس خفيّ، أي مراسيمه غير معلنة

وتابع المطران قال: "أمّا كلمة "سرّ" في المسيحيّة فلا تعني الشيء الخفيّ، أو الشيء غير المعلن، بل تعني الشيء الذي أُعلن لنا، وشاركنا الله به، لأنّنا لم نعد خدمًا أو عبيدًا بل نحن أصدقاء، لأنّ الابن يسوع المسيح أعلن لنا ما سمعه من الآب كلّه (يو15:15).

بالتالي، تشير كلمة "سرّ" في المسيحيّة إلى أمورٍ عديدة:

1- على سبيل المثال "سرّ الخلاص"، هذا التدبير الإلهيّ الذي حضّره الآب منذ البدء، وتمّمه في الخلاص. إذًا هو الفعل الإلهيّ، الذي بدأه الله وأعلنه للإنسان وتمّمه بابنه يسوع المسيح كي يقرّب الإنسان منه، فالخلاص هو أنّ الابن يسوع مات على الصليب من أجل الإنسان وقام من بين الأموات لينتشله ويحمله إلى الحياة الأبديّة، التي تبدأ من هذا العالم.

ويسمّى أيضًا "سرّ الإيمان" والعقل البشريّ المستنير بالوحي، وإلهام الروح القدس، يستطيع أن يبحر في أعماقه ويختبره واقعيًّا في حياته".  

أكمل المطران باخوم الشرح قال: "السرّ هو أحد أسرار الكنيسة السبعة كالمعموديّة، التثبيت أو الميرون، الإفخارستيّا، التوبة، مسحة المرضى، الكهنوت، الزواج.

إذًا السرّ هو علامات حسيّة (مرئيّة وملموسة) من كلمات وأفعال قريبة من الإدراك والفهم لبشريّتنا. بهذه العلامات تتحقّق فاعليّة النعمة، التي ترمز إليها، بعمل يسوع المسيح وقدرة الروح القدس (ت.ك.ك 1084) . السرّ هو حدث، فعل، يتقابل الله فيه مع البشر، ويستمرّ في تتميم خلاصه من خلاله. وفعل، يردّ به الإنسان على هذا الإله المحبّ، بالشكر والامتنان".

كما ألقى المطران باخوم الضوء على مفهوم الأسرار حسبما ورد في تعليم المجمع الفاتيكانيّ الثاني وكتاب التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة وكتاب مجموعة القوانين الخاصّة بالكنائس الشرقيّة وهنا أضاف المطران بالقول:

"تؤكّد مجموعة القوانين الكنسيّة الشرقيّة أنّ الأسرار هي حقّ وواجب على المؤمنين جميعهم: "للمؤمنين الحقّ في أن ينالوا من رعاة الكنيسة المساعدات النابعة من خيراتها الروحيّة، لا سيّما كلمة الله والأسرار" (ق.16)، وواجب لأنْ على المؤمنين السعي إلى الارتواء منها".

أردف المطران قائلًا: "لسببٍ صوابيّ، يستطيع المؤمنون الكاثوليك حضور صلوات طقسيّة لدى المسيحيّين الآخرين، مع العمل بما يقرّره الأسقف الأبرشيّ أو السلطة الأعلى بعد أخذهما مدى الشركة مع الكنيسة الكاثوليكيّة بعين الاعتبار (670 بند 1)".  

ومن جهة الاشتراك في الأسرار قال المطران، وهذا بحسب مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة: " يجوز للمؤمنين الكاثوليك أن يقبلوا أسرار التوبة والقربان الأقدس ومسحة المرضى من خدّام غير كاثوليك، خصوصًا في حال وجود صعوبة في الوصول إلى خادم كاثوليكي".

ختم المطران باخوم بملاحظة جدّ مهمّة تتعلّق بثلاثةٍ من أسرار الكنيسة، قال:  

"أسرار المعموديّة والمسح بالميرون المقدّس والسيامة المقدّسة لا تمكن إعادتُها. تلك الآسرار تتمتّع بالطابع الروحيّ والكيانيّ الذي لا يُمحى (762 بند 1). يؤكّد القانون الكنسيّ الشرقيّ أنّ هناك ثلاثة أسرار، المعموديّة والميرون والكهنوت، لا تعطى للمؤمن إلّا مّرة واحدة في حياته".