"الروح القدس يوسّع الكنيسة ويوحّدها": البابا فرنسيس
من خلال التأمّل في مقاطع من أعمال الرسل في تعليمه المسيحيّ، سلّط الأب الأقدس الضوء على حركتيْن أساسيّتين للروح: قدرته على توسيع نطاق وصول الكنيسة إلى الشعوب جميعها، وقدرته على تعزيز الوحدة داخل الكنيسة نفسها.
بدأ البابا فرنسيس بسرد يوم الخمسين، واصفًا كيف "امتلأوا جميعًا من الروح القدس"، ما مكّن الرسل من التحدّث بلغات مختلفة وإعلان يسوع المسيح للجموع. وأشار إلى أنّ هذه العلامة المعجزيّة لم تكن مجرّد استعراض للقوّة الإلهيّة، بل كانت بيانًا واضحًا مفاده أنّ رسالة الكنيسة عالميّة. وأوضح البابا فرنسيس أنّ "الروح القدس هو الذي يضمن شموليّة الكنيسة ووحدتها".
ثمّ أشار إلى مثاليْن رئيسيْن من أعمال الرسل لتسليط الضوء على كيف أنّ الروح القدس "يعزّز العالميّة". الأوّل هو اهتداء كرنيليوس، والذي كان بمثابة لحظة محوريّة عندما "وسّع الرسل أفقهم" وكسروا الحواجز بين اليهود والوثنيّين. وقال إنّ هذا شكّل مثل "عيد العنصرة الثاني"، ما يدلّ على أنّ عمل الروح مستمرّ، ويدفع الكنيسة باستمرار إلى احتضان شعوب جديدة.
كما ذكر البابا فرنسيس رحلة القدّيس بولس التبشيريّة، عندما كان الرسول في البداية "ممنوعًا من الروح القدس" للتبشير في آسيا الصغرى ثمّ أعيد توجيهه لاحقًا، في رؤيا، إلى مقدونيا. يوضح هذا الحدث أنّ الروح القدس لا يعزّز التوسّع العرقيّ فحسب، بل أيضًا "التوسّع الجغرافيّ"، كما قال البابا، وهو يقود الكنيسة إلى إعلان الإنجيل في أراض جديدة.
وتابع البابا فرنسيس أنّ الحركة الثانية للروح القدس هي عمله في خلق الوحدة وحمايتها. وأشار إلى مجمع أورشليم، حيث ناقش الرسل والمسيحيّون الأوائل ما إذا كان يجب على المهتدين من الأمم اتّباع ناموس موسى. الحلّ، الذي أُعلن بعبارة، "لقد بدا جيّدًا للروح القدس ولنا"، كان نتيجة الحوار والصلاة والتمييز، قال البابا. في ضوء ذلك، أشار الأب الأقدس إلى أنّ الروح القدس "لا يخلق دائمًا الوحدة فجأة، بأعمال معجزيّة وحاسمة"، ولكنّه غالبًا ما يعمل "بطريقة سرّيّة"، مع احترام العمليّات والاختلافات البشريّة، "بطريقة سينودسيّة".
ثمّ ذكّر الأب الأقدس بكلمات القدّيس أوغسطينوس، الذي قارن الروح القدس بروح الكنيسة، قائلًا: "كما أنّ النفس هي لجسد الإنسان، هكذا الروح القدس هو لجسد المسيح، الذي هو الكنيسة". وأوضح البابا فرنسيس أن هذا يؤكّد أنّ الروح القدس لا يخلق الوحدة خارجيًّا أو بأمر. بدلًا من ذلك، "هو نفسه رباط الوحدة" داخل الكنيسة.
وفي ختام تعليمه، دعا البابا فرنسيس المؤمنين إلى تطبيق هذا الدرس في حياتهم الشخصيّة، مشيرًا إلى أنّ "الوحدة المسيحيّة لا تُبنى بانتظار وصول الآخرين إلينا حيث نحن، بل بالتحرّك معًا نحو المسيح". وأشار إلى أنّ هذا لا ينطبق فقط على الكنيسة ككلّ ولكن أيضًا على العلاقات اليوميّة، داخل الزيجات والعائلات والمجتمعات.
وبعد تعليمه الأسبوعيّ وكما صارت العادة، دعا البابا فرنسيس المؤمنين المجتمعين في شهر الورديّة المقدّسة، إلى صلاة المسبحة الورديّة يوميًّا وطلب منهم تسليم المتألّمين جميعهم إلى حضنها الأموميّ وذكر، على نحوٍ خاص، أوكرانيا، والأرض المقدّسة، وميانمار، والسودان...