"الرجاء عطيّة وواجب على كلّ مسيحي": البابا فرنسيس (2)
أكمل البابا فرنسيس، في مقدّمة كتابه الجديد بعنوان "الرجاء نورٌ في الليل"، حديثه التعليميّ المكثّف عن فضيلة الرجاء اللاهوتيّة، كتب:
"قلت إنّ الرجاء هو هبة من الله ومهمّة للمسيحيّين. وعيش الرجاء يتطلّب "تصوّفًا بعيون مفتوحة"، كما أسماه اللاهوتيّ العظيم يوهان بابتيست ميتز: معرفة كيفيّة التمييز، في كلّ مكان، بين أدلّة الرجاء، واختراق الممكن للمستحيل، والنعمة حيث يبدو أنّ الخطيئة طغت على الثقة. منذ بعض الوقت أتيحت لي الفرصة للحوار مع شاهديْن استثنائيّيْن للرجاء: أحدهما إسرائيليّ، رامي. والآخر فلسطينيّ، بسّام. فقَدَ كلاهما ابنتيهما في الصراع الذي أدمى الأرض المقدّسة لعقود عديدة حتّى الآن. ولكن، باسم آلامهما، والمعاناة التي شعرا بها عند وفاة ابنتيهما الصغيرتيْن – سمدار وعبير – أصبحا صديقيْن، بل أخوين: إنّهما يعيشان المغفرة والمصالحة كبادرة ملموسة ونبويّة وأصيلة.
لقد منحني لقاؤهما الكثير من الرجاء. علّمتني صداقتهما وأخوّتهما أنْ من الممكن ألّا تكون، الكلمة الأخيرة للكراهية. إنّ المصالحة التي يختبران كفرديْن، هي نبوءة عن مصالحة أكبر وأوسع، هي علامة رجاء لا تقهر. والرجاء يفتح لنا آفاقًا لا يمكن تصوّرها.
أدعو كلّ قارئ لهذا النصّ إلى القيام بلفتة بسيطة ولكن ملموسة: في المساء، قبل الذهاب إلى الفراش، وبينما تفكّرون في الأحداث التي عشتم واللقاءات التي مررتم بها، اذهبوا بحثًا عن علامة رجاء في اليوم الذي مضى للتو. ابتسامة من شخص لم تتوقّعونها، فعل لطيف تصادفونه في مكان العمل، لفتة مساعدة: الرجاء هو في الواقع "فضيلة طفوليّة"، كما كتب شارلز بيجي.
ونحن بحاجة إلى العودة إلى أن نكون مثل الأطفال، مع إحساسهم بالدهشة، للقاء العالم، ومعرفته، وتقديره. دعونا ندرّب أنفسنا على التعرّف على الرجاء. عندها سنكون قادرين على التعجّب من مقدار الخير الموجود في العالم. وسوف تضيء قلوبنا بالرجاء. سنكون قادرين بعد ذلك على أن نكون منارات المستقبل لمن حولنا.