"الحاجة إلى هيكليّة ماليّة دوليّة تتمحور حول الإنسان، ومبادئ المساواة والعدالة": البابا فرنسيس
قرأ رسالة البابا على الحاضرين الكاردينال بارولين، أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان، وقد استهلّها البابا فرنسيس معربًا عن تشجيعه لهذه المبادرة متمنّيًا أن تُظهر التزام الجماعة الدوليّة بالنظر أبعد من المصالح الخاصّة وفي وضع خير البشريّة وبيتنا المشترك في المحور.
مضى البابا إلى القول إنّ المعطيات العلميّة المتوافرة لدينا تشير إلى أنّ الحفاظ على الخليقة بات اليوم مسألة ملحّة للغاية لا تقبل الانتظار، كما أنّها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالحفاظ على السلام.
كما حذّر البابا في رسالته من أنانيّة الأفراد والدول والمجموعات، التي تغذّي أجواء انعدام الثقة والانقسامات ولا تتلاءم مع احتياجات عالم نعيش فيه جميعًا كأعضاء في عائلة واحدة. ولفت إلى أنّ المجتمع المعولم جعل منّا جيرانًا، لكن لم يجعل منّا إخوة. كما أنّ التنمية الاقتصاديّة لم تحدّ من عدم المساواة بل على العكس لقد ساهمت في تقديم المصالح الخاصّة على حساب مبدأ حماية الضعفاء، فضلًا عن كونها فاقمت المشاكل البيئيّة.
واعتبر البابا أنّ قلب هذه المعادلة وبناء ثقافة احترام الحياة والكرامة البشريّة يتطلّبان أن ندرك أنّ أنماط العيش المؤذية تؤثّر على الجميع، وأن نعمل على صنع المستقبل معًا، من خلال توفير حلول من منظور عالميّ لا تخدم مصالح قلّة من الدول وحسب. وتمنّى البابا في هذا السياق أن يقود مبدأ المسؤوليّات المشتركة أعمال مؤتمر كوب ٢٩ويُلهمها، آملًا أن تُصبح المسؤوليّات الحاليّة والتاريخيّة واقعًا ملموسًا، وأن تُتّخذ تعهّدات للمستقبل، كي يتمخّض عن الأعمال هدف جماعيّ جديد بشأن التمويلات المرتبطة بالمناخ.
بعد ذلك، شدّد البابا على ضرورة بذل الجهود من أجل توفير حلول للعديد من البلدان التي ترزح تحت وطأة الديون الاقتصاديّة، واعتبر أنّ من الأهمّيّة بمكان أن نتذكّر أنّ الدين الإيكولوجيّ والدين الاقتصاديّ هما وجهان لعملة واحدة. وذكّر بالنداء الذي أطلقه مع اقتراب سنة اليوبيل، عندما دعا البلدان المؤثّرة أن تُقرّ بتبعات قراراتها الماضية وأن تعفو البلدان الفقيرة من الديون، لافتًا إلى أنّ المسألة هي مسألة عدالة، خصوصًا إزاء الخلل الاقتصاديّ الراهن بين دول الشمال والجنوب، والاستخدام المتفاوت للموارد الطبيعيّة من قبل بعض البلدان.
لم تخلُ رسالة الحبر الأعظم من الإشارة إلى الحاجة إلى هيكليّة ماليّة دوليّة جديدة تتمحور حول الإنسان، وترتكز إلى مبادئ المساواة والعدالة والتضامن، وتفتح دروب التنمية، لا سيّما أمام البلدان الفقيرة والهشّة، وقال إنّ لدينا الموارد التكنولوجيّة والبشريّة اللازمة لتغيير المسار والوصول إلى تنمية متكاملة تتميّز بالإنسانيّة والاشتمال. ودعا البابا في هذا السياق إلى العمل معًا كي يُعزّز المؤتمرُ الإرادةَ السياسيّة في توجيه تلك الموارد نحو الصالح العامّ والخير المشترك لأجيال اليوم والغد.
في الختام أكّد البابا فرنسيس للمؤتمرين التزامَ الكرسي الرسوليّ على هذا الصعيد، في مجال التربية الإيكولوجيّة المتكاملة وفي إيقاظ الوعي حيال المشاكل البيئيّة والإنسانيّة والمجتمعيّة، لافتًا إلى أنّ مشاركة الجميع في هذه العمليّة مسألة لا مفرّ منها...