"التواصل في زمن الذكاء الاصطناعي": لقاء للتباحث في التحدّيات
تناول المشاركون في اللقاء الذي نظّمته دائرة الاتّصالات الفاتيكانيّة بعنوان "التواصل في زمن الذكاء الاصطناعيّ" مواضيع عدّة مستلهَمة من رسالتَي البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالميّ للسلام واليوم العالميّ للاتّصالات الاجتماعيّة، بالإضافة إلى المداخلة التي ألقاها الحبر الأعظم إبّان مشاركته في أعمال قمّة مجموعة السبع في بوليا بإيطاليا منتصف حزيران/يونيو الماضي.
كما ركّزوا اهتمامهم على القضايا المتعلّقة بتوفير الحماية للمهنيّين والعاملين في الحقل الإعلاميّ وفي مجال الاتّصالات، مع مجيء الذكاء الاصطناعيّ والحفاظ في الوقت عينه على أهمّيّة ممارسة العمل الإعلاميّ ارتكازًا إلى الحقيقة والحرّيّة والمسؤوليّة.
أكّد الأب لوتشيو رويز، أمين سرّ دائرة الاتّصالات الفاتيكانيّة أنّ مداخلات البابا فرنسيس حول الذكاء الاصطناعيّ تشهد لحدس الكنيسة الساعية إلى مرافقة الإنسان ضمن الثقافة المعاصرة وفي إطار التبدّلات التاريخيّة التي نعيشها اليوم. ولفت إلى أنّ هذا ما حصل، على سبيل المثال، عندما أُنشئت المطبعة الفاتيكانيّة منذ خمسة قرون، بعد فترة قليلة على اختراع غوتنبورغ، فضلًا عن تشييد إذاعة الفاتيكان من قبل مخترع الاتّصالات اللاسلكيّة ماركوني عام ١٩٣١، ثمّ إنشاء الموقع الإلكترونيّ الفاتيكانيّ الرسميّ في العام ١٩٩٤، عندما بدأت أجهزة الكومبيوتر الخاصّة بالأشخاص العاديّين تستخدم الشبكة العنكبوتيّة.
ألقى الأب باولو بينانتي، أستاذ الأخلاقيّات والأخلاقيّات الحيويّة في جامعة غريغوريانا الحبريّة بروما، ورئيس لجنة الذكاء الاصطناعيّ للإعلام، وعضو لجنة الذكاء الاصطناعيّ في الأمم المتّحدة مداخلة بعنوان "أخلاقيّات الخوارزميّات وتحدّيات الاتّصالات" في السياق عينه. ذكّر الأب بينانتي بأنّ الواقع بدأ يتغيّر منذ اختراع جهاز الـ"ترانزيستور" والذي وضعته الولايات المتّحدة بتصرّف حلفائها بعد ما حقّقه من نجاح في الحرب العالميّة الثانية، عندما ساهمت أولى أجهزة الكومبيوتر في اختراع القنبلة الذرّيّة وفكّ الشيفرة السرّيّة لألمانيا النازيّة. وسرعان ما تطوّرت هذه التكنولوجيا وصولًا إلى الحاسوب الشخصيّ ومن ثمّ الهاتف الذكيّ. واعتبر أنّ تكنولوجيا الذكاء الاصطناعيّ تتطلّب اليوم تنظيمًا، كما فعل الاتّحاد الأوروبيّ، كي نضع لها قانونًا شبيهًا بقانون السير.
إعتبرت نونسيا تشاردي، نائبة المدير العامّ للوكالة الوطنيّة الإيطالّية للأمن السيبرانيّ أنّ كيفيّة تطبيق أو استخدام الذكاء الاصطناعيّ هي المسألة التي تحمل أبعادًا أنتروبولوجيّة مقرّرة بالنسبة إلى الواقع، خصوصًا وأنّ التكنولوجيا ترتكز إلى كميّات هائلة من المعلومات التي جمعتها الشركات على مرّ العقود الماضية من خلال خدمات مجّانيّة أو تطبيقات لا نستطيع أن نتخلّى عنها اليوم.
من جانبه، رأى البروفسور ماريو زاريتي، أستاذ الفيزياء النظريّة في جامعة تورينو، أنّ المعرفة صارت تتحّول إلى ملكيّة خاصّة، مشيرًا إلى خبرة Open AI التي أبصرت النور كشركة لا تبغي الربح، أسّسها بعض العلماء، قبل أن تشتريها شركة "مايكروسوفت" بقيمة عشرة مليارات دولار. واعتبر أنْ لا بدّ من وضع قواعد صارمة للذكاء الاصطناعيّ.
قال أنتونيو أرشيدياكونو، مدير قسم التكنولوجيا والتحديث في الاتّحاد الأوروبيّ للبثّ، "إتّفق المؤتمرون أنّ الأنظمة والقواعد وحدها ليست كافية لمواجهة التحدّيات لا سيّما إزاء اتّساع الهوّة في حجم الاستثمارات في هذه التكنولوجيا، بين الولايات المتّحدة والصين من جهة وأوروبا من جهة ثانية، والطريقة الوحيدة الكفيلة في تضييق هذه الفجوة تكمن في التعاون".