لبنان
28 حزيران 2024, 06:05

"التطوبيات خارطة طريق لبلوغ السلام المنشود والصعب المنال": المطران بولس روحانا

تيلي لوميار/ نورسات
نظّمت جمعيّة أصدقاء مريم ملكة السلام - عائلة مديوغوريه في لبنان، تساعيّة للـ"صلاة من أجل السلام في لبنان والمنطقة والعالم" لمدّة تسعة أيّام اختتمت بقدّاس احتفاليّ ترأّسه المطران بولس روحانا راعي أبرشيّة صربا المارونيّة. عاون المطران في الذبيحة الإلهيّة لفيف من الكهنة، في كنيسة مار تقلا - جلّ الديب، بحضور حشد من المؤمنين من مختلف المناطق اللبنانيّة. خدمت القدّاس جوقة أصدقاء مريم ملكة السلام بقيادة غبريال صاصي.

 

الصلاة ترياق في وجه العنف والحروب. الصلاة محبّةٌ في وجه السلاح والانتقام. الصلاة قادرةٌ على تغيير المخطّطات. الصلاة دعوة مريم العذراء الدائمة. لهذا كلّه، نظّمت جمعيّة "أصدقاء مريم ملكة السلام-عائلة مديغوريه تساعيّة صلاةٍ من أجل السلام في لبنان والمنطقة والعالم اختتمت بالقدّاس الإلهيّ، إكليل كلّ صلاة.

 

بعد تلاوة الإنجيل ألقى المطران روحانا عظة تمحورت حول عيش التطوبيات كخارطة طريق لبلوغ السلام المنشود والصعب المنال وقال: "نحتفل كما في كلّ سنة بعيد مريم ملكة السلام، كما عرّفت عن نفسها في ظهوراتها الأولى في مديوغوريه في الخامس والعشرين من حزيران/يونيو عام 1981م.  

الكلام عن السلام جوهريّ ومحوريّ في حياة الناس عمومًا، وفي حياة المؤمنين خصوصًا، إنّما الحصول على السلام وتحقيقه يتطلّبان الجهد الإنسانيّ والروحيّ الكبيرين، ولا يتمّان إلّا بالتعاون مع الربّ".

تابع المطران: "إستنادًا إلى الإرشاد الرسوليّ "الكنيسة في الشرق الأوسط"،عدد9 فـ" إنّ السلام يعني الكمال، أي الشيء الذي هو من دون عيب، السلام هو حال الإنسان الذي يعيش بتناسق وانسجام مع الله أوّلًا، ومع ذاته ثانيًا، ومع القريب ومع الطبيعة. فقبل أن يكون السلام أمرًا خارجيًا، هو أمر داخليّ، هو بركة، هو واقع نتمنّاه، وفي الشرق، بقدر ما يتوق الإنسان إلى السلام، أصبح هو التحيّة: ]السلام عليكم[".  

أردف المطران روحانا: "علينا أن نعمل لِبلوغ السلام كما حدّده الإرشاد الرسوليّ، وهذا هو التحدّي الكبير؛ أمّا العظة على الجبل، فهي، بالنسبة إلينا خارطة طريق للوصول إلى هذه الحالة من السلام، لأن فيها يعطينا يسوع علامات، كيف نسعى إلى تحقيق السلام الذي نتوق إليه. بطولةٌ أن يرحم الإنسان الآخرين، وأنقياء القلوب هم أبطال السلام. طوبى لفاعلي السلام أي الذين يسعون لأن يحلّوا السلام حولهم".  

يميّز المسيح بين السلام الذي يعطيه العالم والسلام الذي يعطيه هو فـ"ما هي مسيرتنا كمؤمنين مع سلام المسيح؟" تساءل المطران روحانا وأجاب: "تبدأ مسيرتنا مع سلام المسيح في قلوبنا عندما يشعر كلّ منّا أنّه مختار ومدعو من قلب الربّ يسوع ليكون تلميذًا رسولّا له. عندما يختارنا الربّ لنكون له تلاميذ كما فعل قديمًا مع الرسل الاثني عشر، فهو لا يختار أناسًا كاملين أو قدّيسين من اللحظة الأولى، بل يختار الربّ أناسًا عاديّين، ضعفاء، يشتركون في هشاشة الطبع البشريّ مثل سمعان بطرس الذي كان له دور أوّليّ في الكنيسة ولكنّه أنكر المسيح، ويعقوب ويوحنّا، صاحبَي تصوّر للسلطة لا ينسجم مع تعليم يسوع حول السلطة التي هي خدمة، ومتّى العشّار الذي كان يجبي الضرائب بشكل ظالم، وتوما الذي شكّ بقيامة الربّ، ويهوذا الإسخريوطيّ الذي أسلم يسوع؛ لذا لا يمكننا أن نكون فاعلي السلام ما لم نتتلمذ على شرعة الإنجيل".

وتابع: "هذا هو التتلمذ الإرساليّ الذي تقدّس به القدّيسون الذين نعرف، وبهذا التتلمذ استشهد قسمٌ منهم حبًّا بالمسيح، فالقدّيس لا يرتجل، والشهيد لا يرتجل، إنّما بالتتلمذ على شرعة الإنجيل نصبح قدّيسين وشهداء حتّى بذل الذات".  

وأردف روحانا: "من دون هذا التتلمذ تمسي الكنيسة فريسة تكتّلات بشريّة تقودها وتحكمها الغيرة بين الناس، والحسد والكيديّة والأنانيّات والجشع الماليّ والتمييز بين الفقراء والأغنياء، وبالتالي لا يكون في هذه الكنيسة سلام المسيح، بل يحلّ مكانه السلام الذي يعطيه العالم، وهو سلام ناتج عن استقواء الأقوياء والمتجبّرين على الضعفاء بمالهم وترساناتهم العسكريّة وأحلامهم التوسعيّة بعيدًا عن العدل والإنصاف والمساواة والحرّيّة وكرامة الشخص البشريّ".

قال المطران روحانا: "رسالة مريم في مديوغوريه عن السلام، وهي ملكة السلام، بالغة الأهمّيّة، فطالما لا يسعى الإنسان إلى أن يكون تلميذًا حتّى ينظّف قلبه وينقّيه من الضغائن، لا يمكنه أن يكون فاعل سلام".

وختم قائلًا: "نصلّي اليوم إلى الله بشفاعة مريم ملكة السلام، كي يحرّك في قلوبنا الرغبة الصادقة إلى سلام المسيح، علّ هذا السلام يتسلّل إلى قلوبنا ونحن نتتلمذ ليسوع من خلال اتّباعنا الوسائل الخمس التي تطلبها عذراء مديوغوريه من المؤمنين، مشاركة منهم في فعل السلام طريقًا للقداسة؛ وذلك من خلال صلاة الورديّة التي هي مختصر للإنجيل، ومن خلال الصوم، و القراءة اليوميّة للكتاب المقدّس، والاعتراف الدوريّ حتّى ندخل في توبة صادقة وفرحة، ومن خلال المشاركة في الإفخارستيّا، في ذبيحة الفداء..."

في ختام القداس، تم طواف بالقربان المقدّس في الشوارع المحيطة بالكنيسة مع تلاوة صلاة المسبحة الورديّة على نيّة المحافظات اللبنانيّة.