الفاتيكان
17 تشرين الأول 2024, 11:40

"الإيمان يحررنا من الخوف": البابا فرنسيس

تيلي لوميار/ نورسات
تحدث البابا فرنسيس إلى الحجاج والمؤمنين في ساحة القديس بطرس خلال مقابلة الأربعاء العامة عن حضور وعمل الروح القدس في حياة الكنيسة، في حياتنا المسيحية.

 

عاد الأب الأقدس في البداية إلى القرون الثلاثة الأولى والتي لم تشعر الكنيسة خلالها، بالحاجة إلى وضع صيغة واضحة لإيمانها بالروح القدس.

مشيرًا إلى أن قانون الإيمان كان يُذكر فيه "نؤمن بالروح القدس" وذلك بدون أية إضافات أخرى. إلا أن الهرطقة هي ما دفعت الكنيسة إلى تحديد إيمانها هذا بدقة. وحين بدأت هذه المسيرة على يد القديس أثناسيوس في القرن الرابع، تابع البابا فرنسيس، كان إختبار الكنيسة لعمل قداسة الروح ما قادها إلى اليقين بالألوهية الكاملة للروح القدس.

أوضح البابا أن هذا كان قد حدث خلال مجمع القسطنطينية المسكوني سنة ٣٨١ والذي عرَّف ألوهية الروح القدس بالكلمات التي نستخدمها اليوم "نؤمن بالروح القدس الرّبّ المُحيي، المنبثق من الآب والإبن الذي هوَ مع الآب والإبن يُسجَد لهُ ويُمَجّد، الناطق بالأنبياء والرُسل".

توقف البابا عند استخدام كلمة الرب عند الحديث عن الروح القدس فقال إن هذا وكأننا نقول إنه يتقاسم "ربانية" الله وأنه ينتمي إلى عالم الخالق لا المخلوقات. أما التعبير الأكثر قوة، واصل الأب الأقدس، فهو أنه يُسجد له ويُمجد مثل الآب والابن. إلا أن هذا التعريف من قِبل المجمع لم يكن نقطة الوصول بل الانطلاق.

ثم تساءل البابا عما يعنبه بالنسبة لنا اليوم إعلاننا في قانون الإيمان أننا نؤمن بالروح القدس، في البداية كانت هناك عبارة أن الروح القدس هو منبثق من الآب، ثم أضافت الكنيسة اللاتينية خلال فترة قصيرة إلى قانون الإيمان أن الروح القدس منبثق من الابن أيضا. وذكَّر البابا أن "من الابن" باللاتينية تقال Filioque وهكذا نشأ الجدال الذي عُرف بها الاسم والذي كان ذريعة لانقسامات وخلافات بين كنيستي الغرب والشرق.

أضاف البابا أن هذا ليس المكان الملائم لمناقشة هذا الأم لكنه سلط الضوء على أنه ومع أجواء الحوار التي تشكلت بين الكنيستين قد تضاءلت حدة جدال الماضي هذا ويمكننا الرجاء في قبول متبادل كامل وذلك في إطار التعبير الذي يعجبه كثيرًا، ألا وهو الاختلافات المتصالحة. إختلافات بين المسيحيين إلا أنه من الأهمية بمكان أن تتصالح هذه الاختلافات في المحبة والسير معًا.

عاد البابا فرنسيس مجددا إلى قانون الإيمان فأراد التشديد على تثمين أهم ما نقول ففي هذا القانون، وهو أن الروح القدس محيي أي أنه يهب الحياة. ودعا قداسته هنا إلى التساؤل: أي حياة يهب الروح القدس، وواصل مذكرا بالتكوين حيث جعل الله الإنسان نفسا حية، وفي الخليقة الجديدة، واصل البابا فرنسيس، فإن الروح القدس هو من يعطي المؤمنين الحياة الجديدة، حياة المسيح، حياة ابناء الله. وذكَّر قداسته هنا بما كتب القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومة "لأن شريعة الروح الذي يهب الحياة في يسوع المسيح قد حررتني من شريعة الخطيئة والموت" (رو ٨، ٢٣).

اين النبأ المعزي بالنسبة لنا في كل هذا؟ واصل البابا فرنسيس متسائلًا وقال إن الحياة التي يهبنا إياها الروح القدس هي حياة أبدية. إن الإيمان يحررنا من الخوف من الاعتراف بأن كل شيء ينتهي هنا وأنه ليس هناك أي تعويض عن المعاناة والظلم اللذين يسودان العالم. وتابع الأب الأقدس أن عبارات أخرى لبولس الرسول تؤكد لنا هذا، وعاد بالتالي إلى ما كتب القديس بولس في الرسالة ذاتها " فإِذا كانَ الرُّوحُ الَّذي أَقامَ يسوعَ مِن بَينِ الأَمواتِ حالاًّ فيكُم، فالَّذي أَقامَ يسوعَ المسيحَ مِن بَينِ الأَموات يُحْيي أَيضًا أَجسادَكُمُ الفانِيةَ بِرُوحِه الحالِّ فيكُم" (٨، ١١). الروح القدس يسكن فينا، هو في داخلنا، قال قداسة البابا.

في الختام دعا البابا فرنسيس إلى إنماء هذا الايمان وذلك أيضا لمن لا يملكه، لا بذنب منه، ولا يتمكن من منح معنى لحياته. دعا قداسته أيضا إلى عدم نسيان أن نشكر من وهبنا بموته هذه العطية التي لا تُقدَّر بثمن.